صراحة نيوز – أكد رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، في رد المجلس على خطاب العرش، الذي ألقاه في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، أهمية القرار التاريخي المتصل بمنطقتي الباقورة والغمر، والذي يعكس حرص جلالة الملك على صون وحماية المصالح الوطنية العليا، وقال “نبارك لوطننا وأهلنا، ولأمتنا بهذه الخطوة الهاشمية العظيمة”.
رد مجلس الأعيان:
“بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد النبي العربي الهاشمي الأمين.
صاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.
السلام على قائد الوطن، ورحمة الله وبركاته، وبعد،
نبدأ أولا بإعلان زهونا وفرحنا جميعا، بالقرار التاريخي الشجاع، الذي اتخذتموه جلالتكم بالأمس، باستعادة الباقورة والغمر، وهما قطعتان من أكباد الأردنيين ونبض أفئدتهم، ونبارك لوطننا وأهلنا، ولأمتنا بهذه الخطوة الهاشمية العظيمة، والشعب الأردني كله – يا صاحب الجلالة – يقف باعتزاز وفخر مع قائده، ويؤيد ما تتخذونه من قرارات تحرصون فيها على مصالحه الوطنية العليا، وهو يجدد لجلالتكم الولاء، ويؤكد الانتماء لقيادته الهاشمية، ويبارك هذا الانجاز العظيم، وسائر انجازات جلالتكم العظيمة.
ونحن نحتفل بالمئوية الأولى لتأسيس دولتنا الأردنية العربية الهاشمية، نقف بإجلال واحترام وتقدير، لروح الملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول ابن الحسين، ومن حقه علينا أن نرفع له، ولأبنائه وأحفاده الغر الميامين، تحية الوفاء، لما أنجزه الهاشميون للأردن، وللأمة كلها، من صروح شامخة، جعلت من هذا الوطن العظيم واحة وارفة الظلال، مؤطرة بشرعياتها الثلاث: الدينية، والقومية، والتاريخية، ويشرفنا يا مولاي أن نحني هاماتنا للراية التي يحوطها جيشنا العربي الباسل، بسيوفه ورماحه وهو الذي سجل بزنود أبنائه، وأرواح شهدائه، أنصع الصفحات دفاعا عن الأردن، وفلسطين، وسائر الأرض العربية، وكذلك على المستوى الإنساني، في جغرافيا العالم كله.
إن جيشنا العربي بقيادتكم الشجاعة، وقواتنا الأمنية الساهرة على الوطن كان وسيبقى قرة عينكم وعين الوطن وسيف الحمى وسوطه بإذن الله، وإذا كانت النهضة العربية الكبرى بقيادة قائدها العظيم الحسين بن علي طيب الله ثراه، قد أعطت لمفردات الوحدة، والحرية، والحياة الأفضل، معانيها الحقيقية، فإننا نؤكد عليها من جديد، ونثني على ما تفضلتم به جلالتكم في خطاب العرش السامي من رؤى أصابت الهدف مباشرة، وبشكل واضح وصريح في المحاور الثلاثة الرئيسة.
وهي أن سيادة القانون تتصل بهيبة الدولة وتتقدم في أولويتها على جميع الأولويات، فالعدالة للجميع ولا أحد فوق القانون، ويتوجب اجتثاث الفساد وتحصين مؤسسات الدولة ضده بما يقتضي التصدي للواسطة والمحسوبية وتفعيل المساءلة والرقابة، وتعظيم منظومة النزاهة وآلياتها.
أما دولة الإنتاج فمحورها الإنسان الذي هو هدف التنمية وأداتها، وتتجلى في دولة الرسالة قيمها الثابتة، وتجعل حركتها مستمرة نحو الأفضل.
صاحب الجلالة،
إن ثقة جلالتكم التي أسعدتم شعبكم الوفي بتسجيلها له، بوعيه ودوره الفاعل في محاربة الفساد والتصدي له، ونبهتم جلالتكم بحكمتكم المعهودة إلى أن الحذر مطلوب ممن يساهم بقصد، أو بغير قصد، في أخطر التحولات التي داهمتنا في الفترة الأخيرة، وهي الإشاعة، واغتيال الشخصية، والافتراء على الرموز وتشويه السمعة، والنيل من المنجزات، وانكارها. ونحن نرفض، مع جلالتكم ولا نقبل أن تكون سمعة الأردن على المحك، لأننا في زمن مختلف عن كل ما سبق من أزمنة، وفي أجواء ليست كتلك التي كان الخير فيها يبشر بأجمل الثمار مع كل قطرة مطر تتنزل علينا من السماء.
ولأن الإنسان– يا مولاي– ثروتنا الحقيقية: علما، وعملا، وخلقا، والتزاما وإيمانا بالوطن وقيادته، فإننا نثمن اهتمام جلالتكم بضرورة تمكينه من المساهمة في نهضة الوطن، ومنحه ما يستحق من فرص لمواكبة التغيير الذي يمر به العالم كله بأسرع مما نتصوره جميعا.
إن مجلس الأعيان مع رؤى جلالتكم بضرورة تبني أنموذج اقتصادي جديد لتحفيز النمو وتعزيز الاستقرار المالي والنقدي ومعالجة المديونية، في إطار برنامج واضح ومحدد يوصلنا إلى حالة من الاستقلال الاقتصادي، الذي نعتبره الغاية الأكثر أهمية، والهدف الأسمى الذي نسعى إليه بكل قوة وإرادة وتصميم، وبالتالي خلق فرص عمل لمعالجة الفقر والبطالة ويؤدي إلى تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
نعم يا صاحب الجلالة، إن المطلوب منا جميعا، هو الإنصاف، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبخاصة إنصاف الوطن، وذكر إنجازاته، فلقد بنى الآباء المؤسسون هذا الوطن مدماكا مدماكا، على الرغم من شح الإمكانيات وقلة الموارد بالعمل والمثابرة والإرادة حتى في أسوأ الظروف المحيطة، متسلحين بثقافة الأمل فراكموا الانجازات، ولم يعرفوا المستحيل.
وعلينا أن نحافظ على هذا الإرث الجميل والنبيل، في وطن السيف والضيف – كما يقول مثلنا الأردني المعروف. والسر عندنا يكمن في مهارة إدارة الميسور كما علمنا كبارنا ودلونا كيف نصنع من القليل الكثير، وكيف نجعل مما هو متاح مفتاحا لفهم الآية الكريمة (ولسوف يعطيك ربك فترضى) صدق الله العظيم.
صاحب الجلالة،
يستحق الأردنيون والأردنيات الكثير الكثير، سواء على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والنقل أو غيرها من وسائل العيش الكريم، وينبغي يا صاحب الجلالة أن يكون لدى العاملين في مختلف المؤسسات “الولاء المؤسسي والوظيفي”، الذي يجعل منهم منذورين بفخر واعتزاز لخدمة المواطن، وفق إدارة حصيفة للدولة ومؤسساتها. ويقتضي ذلك معالجة أماكن الضعف في الإدارة العامة والتطوير المستمر للأداء.
وتبقى قضية فلسطين دائما، وعلى رأسها القدس الشريف (وجلالتكم صاحب الوصاية والأمين على مقدساتها الإسلامية والمسيحية) تبقى هي القضية الأولى والأهم لدى جلالتكم، ولدى هذا البلد الصابر المرابط، وما تغير يوما تجاهها لون أعيننا ولا حاد عن دربها الركب، ولن يحيد، وآخر الدعاء يا مولاي، ولعله أوله، أن يمدنا الله بالقوة، وأن يوسع علينا الرزق، وأن يحفظكم ذخرا وسندا لنا ولأمتنا وينصركم على كل من أراد أو يريد بنا شرا، أو يسعى فينا وفي بلدنا إلى مكروه. (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته