صراحة نيوز – حققت دولة قطر خلال العام 2017 أرقاماً قياسية في مجال الإنجازات ومشروعات التنمية والبناء والنهضة التي تتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030، بالرغم من الحصار الجائر غير المسبوق في المنطقة.
في صبيحة الخامس من يونيو/ حزيران 2017، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على قطر، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، واتهمتها بتمويل الإرهاب. اتهام نفته قطر وأكدت أنّ الهدف من الحصار فرض الوصاية عليها والتدخّل في شؤونها الداخلية والمسّ باستقلالها وسيادتها.
بعد أيام من بدء الحصار، أعلن رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني أنّ السبب الحقيقي لحصار قطر هو التدخل في شؤونها الداخلية، وأنّ “هذا الأمر مرفوض وخط أحمر بالنسبة للشعب القطري” مشيراً إلى أنّ الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحلّ الأزمة. تساءل رئيس مجلس الوزراء، في مقابلة مع تلفزيون قطر: “هل هذا الخلاف المزعوم يأتي بسبب نجاحات قطر إقليمياً وعالمياً ودعمها القضايا الإنسانية واستقرار المنطقة واحترامها مطالب الشعوب، أم لاستضافة قطر كأس العالم 2022″؟
إنتاج أكبر
في الوقت نفسه، أكد أنّ “قطر ماضية في كلّ مشاريعها الرئيسية، ومنها مشاريع كأس العالم التي ستنتهي قبل الوقت المحدّد لها”. وقال إنّ “كأس العالم ليس لقطر فقط بل لكلّ العرب وسيكون تنظيمه مميّزاً ونفتخر به كعرب”. ولفت رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري إلى أنّ بلاده “تغلّبت خلال الأسبوعين الأولين من الأزمة على آثار الحصار المفروض عليها، وهي ماضية في خططها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الإنتاج الغذائي، كإنتاج الألبان الذي وصل إلى ما نسبته 40 في المائة الآن، وسيصل إلى 90 في المائة العام المقبل (2018) وكذلك اللحوم والاستزراع السمكي”.
لعلّ أكبر إنجاز لدولة قطر هذا العام هو التصدي بنجاح للحصار الجائر وإفشال أهدافه واستنهاض همم وعزائم وطاقات أبناء الوطن والمقيمين للابتكار والإبداع وإيجاد البدائل التي عوضت السوق القطري عن احتياجاته التي كان يوفرها عن الطريق البري الوحيد للدولة مع المملكة العربية السعودية. كذلك، نجحت قطر في فتح خطوط جوية جديدة لمواجهة الحصار الجوي ودشنت العديد من الاتفاقيات الخاصة بفتح خطوط ملاحية مع الكثير من الموانئ العربية والدولية، الأمر الذي مكّن البلاد من إدارة الأزمة ومواجهة الحصار بكفاءة واقتدار، فبعد مرور أيام قليلة من بدء الحصار، اتخذت الخطوات اللازمة لدعم القطاع الصناعي وسرعة التوجه نحو الاكتفاء الذاتي. فأصدرت الحكومة عددا من القرارات والمبادرات منها إلزام الوزارات والمؤسسات الحكومية بشراء المنتجات المصنعة محلياً متى توافرت فيها المواصفات القطرية المعتمدة، وتأجيل سداد رسوم الأراضي الصناعية لمدة عام كامل للمصانع المنتجة، وتأجيل القروض الصناعية لمدة ستة أشهر. وجاءت النتائج فورية، فقد تمكن أكثر من 35 مصنعاً من بدء الإنتاج منذ بدء الحصار، ونجحت مصانع كثيرة قائمة في مضاعفة طاقتها الإنتاجية، وتمت الموافقة على إنشاء أكثر من 60 مصنعاً جديداً.
في نهاية شهر يوليو/ تموز جرى الإعلان عن إطلاق أول إنتاج من حقل الشاهين البحري (حقل الشمال). ويقع حقل الشاهين النفطي البحري في المياه القطرية على بعد 80 كيلومتراً من شمال رأس لفان، ويتضمن 33 منصة بحرية، ونحو 300 بئر، وهو أكبر حقل نفطي بحري في قطر وأحد أكبر حقول النفط البحرية في العالم.
حرمان الحجيج والطلاب
تسبب تعنت السعودية، وإغلاقها المنفذ البري الوحيد مع قطر، وكذلك مجالها الجوي، في حرمان القطريين والمقيمين من أداء فريضة الحج لأول مرة في تاريخ قطر. وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر قبيل انطلاق موسم الحج، السلطات السعودية بالرفع الفوري لكلّ الإجراءات والقيود المتخذة من قبلها ضد المواطنين والمقيمين في دولة قطر، وعدم تسخير الأماكن المقدسة واستخدامها كملف للضغط السياسي.
كذلك، دعت اللجنة البرلمانات في دول العالم الإسلامي إلى وضع مسألة تسييس الحج على جدول أجندتها لدراستها وتقييمها، واتخاذ موقف صريح من العراقيل التي تستهدف منع حجاج دولة قطر من أداء فريضة الحج.
كذلك، أصدرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، خلال سبتمبر/ أيلول، تقريراً مفصلاً عن انتهاك ثلاث من دول الحصار وهي السعودية والإمارات والبحرين، حق التعليم، والذي طاول 213 طالباً وطالبة من دولة قطر يدرسون في دول الحصار، و706 طلاب وطالبات يدرسون في جامعة قطر، أجبرتهم بلدانهم على مغادرة الدوحة.
وطالبت اللجنة في تقريرها الذي جاء تحت عنوان “المؤسسات التعليمية في دول الحصار… وجهة تعليمية غير آمنة” برفع الحصار عن دولة قطر، واتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة لاستئناف الدراسة لجميع الطلاب إن كان من دولة قطر أو دول الحصار الخليجية الثلاث، وفتح المنافذ والمعابر البرية والجوية والبحرية للسماح لكلّ الطلاب القطريين والمقيمين في دولة قطر بالعودة لإكمال دراستهم، وعدم إقحامهم في أي خلاف سياسي أو اقتصادي قائم بين الدول، إلى جانب السماح للطلاب من الدول الثلاث بمتابعة دراستهم في دولة قطر.
إقامات ونساء الشورى
صنفت قطر في هذا العام 2017 من أقل دول العالم في انتشار الجريمة، وتبوأت مراكز مرموقة في مؤشرات الأمن العالمية، إذ احتلت المركز الأول على مستوى دول الشرق الأوسط في معدل تدني نسبة الجريمة والسابع عالمياً في المؤشر نفسه، وذلك وفقاً للتقرير السنوي العالمي لمؤشر الجريمة الصادر عن موسوعة قاعدة البيانات العالمية (نامبيو) والتي تعد من أكبر وأشهر الموسوعات في هذا المجال على الإنترنت.
وفي مستهل أغسطس/ آب الماضي، وافق مجلس الوزراء القطري، على مشروع قانون منح بطاقة إقامة دائمة لغير القطريين، تُمنح بضوابط لثلاث فئات تشمل “أبناء المرأة القطرية المتزوجة من غير قطري، والأشخاص الذين أدّوا خدمات جليلة للدولة، وذوي الكفاءات الخاصة التي تحتاج إليها الدولة”. واعتبر برلمانيون وقانونيون في تصريحات لـ”العربي الجديد” مشروع قانون منح الإقامة الدائمة لغير القطريين استثماراً في الكفاءات وتعزيزاً لانتماء المقيمين إلى قطر، لافتين إلى أنّ من شأن ذلك تحقيق مردود إيجابي على العمل والإنتاج، الأمر الذي ينعكس على مسيرة التطوّر التي تشهدها البلاد. وأوضحوا أنّ مشروع القانون هذا هو التشريع الوحيد في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يمنح فئات معيّنة حق الإقامة الدائمة.
في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عيّن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، 28 عضواً جديداً، في مجلس الشورى من بينهم 4 نساء، وذلك لأول مرة في تاريخ قطر. واعتبر مراقبون أن القرار الأميري يمهد للمرحلة المقبلة، خصوصاً ما يتعلق منها بإقرار تشريعات تحتاجها البلاد، كقانون الانتخابات، ونظام الدوائر الانتخابية، خلال الدورتين المقبلتين للمجلس.
وتنتهي مدة مجلس الشورى الحالي “المعين” في يونيو/ حزيران 2019. وينص الدستور القطري الدائم، الذي جرى إقراره عام 2004، بعدما حاز موافقة المواطنين القطريين باستفتاء أجري في إبريل/ نيسان عام 2003، على تشكيل مجلس الشورى الذي يتألف من خمسة وأربعين عضواً عن طريق انتخاب ثلاثين منهم بالاقتراع العام السري المباشر، وتعيين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أو غيرهم.
وكشف رئيس الوزراء أنّ الحكومة القطرية ستقوم خلال العام المقبل بتحويل “قانون انتخابات مجلس الشورى” إلى مجلس الشورى لمناقشته، تمهيداً للإعلان عن موعد إجراء انتخابات مجلس الشورى. كذلك، ستقدم قانون الإقامات الدائمة، وقانون تملّك العقار للمقيمين، إلى مجلس الشورى لإقرارهما.
الصحة والمونديال
من جهتها، حققت وزارة الصحة العامة العديد من الإنجازات، وجرى التوسع في الطاقة الاستيعابية عبر النظام الصحي من خلال افتتاح المزيد من الخدمات والمرافق الجديدة. واحتفالاً باليوم الوطني، افتتح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ثلاثة مستشفيات جديدة في مدينة حمد بن خليفة الطبية وتشمل “مركز صحة المرأة والأبحاث”، و”مركز قطر لإعادة التأهيل”، و”مركز الرعاية الطبية اليومية”.
ويظل كأس العالم 2022 التحدي الأكبر والأهم في مسيرة الرياضة القطرية، إذ تتواصل وتيرة التحضيرات المتسارعة في المرافق والمنشآت الرياضية، وجرى في شهر مايو/ أيار الماضي تدشين استاد خليفة الدولي بحلته الجديدة، وتلاه الكشف عن تصميم استاد الثمامة في سبتمبر/ أيلول الماضي، كما جرى الكشف عن تصميم استاد رأس أبو عبود في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.