ساجدة وريم تقتحما سوق العمل بطهي وبيع “الرشوف ” بجبل اللويبدة

لا تنتظران من يعطيهما السمكة، بل من يعلمهما الصيد لتغوصا في بحر الحياة

16 يوليو 2020
ساجدة وريم تقتحما سوق العمل بطهي وبيع “الرشوف ” بجبل اللويبدة

صراحة نيوز – كنبتةٍ خرجت من بين الصخور “بحثا” عن الشمس والأمل، انطلق مشروع “عربة الرشوف” للشابتين “ساجدة وريم” لتؤكدا لنفسيهما وللآخرين أنهما قادرتان على النهوض والخروج من ضيق الظروف المعيشية الصعبة التي نجمت إثر أزمة كورونا.

خلف عربة صغيرة، تقف ساجدة وريم، اللتان تتقاسمان العمل النسائي المميز، بعيداً عن كل ما شاب حياتهما من منغصات ومشاكل “حادة الوقع”، تقدمان طبق الرشوف التراثي الشعبي، المغلف بالمحبة والقناعة والطموح.

وبذات الوقت، ليساعدهما المجتمع على الوقوف مجدداً في أن تكونا سيدتين منتجتين تعتمدان على نفسهما في ظل ظروف وتجارب قاسية مرتا بها، بعد أن أصبحتا “وحيدتين” في مواجهة ظروف أكثر قسوة مما قبل، جراء تبعات “كوفيد 19” المستجد.

ساجدة، تحدثت عن قصة العربة التي تعتبرها خطوة بداية وليس طموحا، وهي التي أمست بلا وظيفة بعد أن خسرت عملها، وكذلك ريم، جراء إنهاء عقدها خلال الأزمة، إلا أنها لم تتوقف عن البحث عن مصدر رزق، بعد أن كانت تعمل في مجال التدريس، وهي الحاصلة على درجة البكالوريوس، فلم يكن منها سوى التوجه للطبخ الإنتاجي في المنزل.

ولكن، مع كثرة المطابخ الإنتاجية في المنازل، أصبح هناك تنافس كبير وانخفاض في الأسعار، لذا لم يعد هذا الأمر يساعدها على توفير ما يلزمها من مصاريف يومية، وهي التي تعيش وحدها وتعيل طفلها ابن الخمس سنوات، كما أن ريم كذلك تعيش وحدها وتعيل نفسها ووالدتها.

تجربة إنتاج وتحضير الرشوف، بدأت بعد أن لاحظت ساجدة أن الناس أصبحوا يقبلون على المأكولات الشعبية التراثية، ولكن بحاجة إلى طريقة تقديم وترويج مناسبة، بحيث تكون سبيلا لاستقطاب الزبائن والسياح على حد سواء.

فقررت أن تخرج عن المألوف، والتقليد الأعمى في المنتجات، وتبتعد عن مزاحمة الآخرين في بيع المنتجات الغذائية الأخرى، وتكتفي بإعداد “الرشوف” في الوقت الراهن، عدا عن أن “الرشوف” منتج محايد لا يحتوي على اللحوم، ويمكن لأي شخص تناوله، حتى وإن كان “نباتيا”، وفق قولها.

وتضيف ساجدة “الجيرة الجميلة والباب بالباب والصحبة اللطيفة والالتقاء عند مفترق الحاجة في وجود مصدر دخل، جميعها أسباب جمعتني مع ريم التي كنت وإياها ندعم بعضنا بعضا، وشجعنا أنفسنا على اقتحام سوق العمل بما أوتينا من طاقة”،.

فكان مشروع رشوف الخطوة الأولى التي نسعى إلى تطويرها ووضعها على مسار المطاعم والأكلات الشعبية في منطقة اللويبدة تحديداً.”

وتتميز منطقة اللويبدة بطابعها العماني القديم، الذي يتلاءم مع رغبة ساجدة وريم في إضافة صبغة تراثية على منتجهما الغذائي، الذي يحتوي على مكونات نباتية طبيعية عدة، إضافةً إلى الجميد، الذي لطالما ارتبط بالأكل التراثي المميز.

وهو ما زاد من إقبال الزبائن الباحثين عن منتجات محلية تراثية، عدا عن وجود طلبات منزلية لمنتج الرشوف تحديدا من قبل الزبائن، ما يسعدهما على تعزيز فكرتهما والاستمرار بها.

وعلى مدار أيام قليلة، وخلال فترة التجربة، لاحظت ساجدة الإقبال على شراء المنتج الغذائي منهما، خاصة أنهما تقومان بإعداده بطريقة جيدة، وبمكونات طبيعية وصحية، وبجودة عالية، ما ساعدهما على كسب رضا الزبائن، والإقبال على شراء الرشوف منهما، لذلك قررتا أن تمضيا في مشروعهما، بإعداد أطباق كثيرة منه، حتى تلبي رغبة الزوار في المكان.

ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، تم الترويج لمنتج ساجدة وريم، الذي لاقى استحساناً كبيراً وقبولاً من قبل متابعي مواقع التواصل، وانهالت عليهما كلمات الإطراء والدعم والتشجيع، ولكنهما ترغبان بأن يصل منتجهما إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن، والترويج له بشكل أكبر .

ساجدة وريم سعيدتان جداً بتلك التجربة الفريدة من نوعها، فهي المرة الأولى التي يقفان بها في الشارع وعلى العربة للبيع المباشر للزبائن؛ إذ توضح ساجدة أن دعم الزوار لهما والسكان في ذات المنطقة، من كلمات دعم وترحيب زادت حماسهما للعمل، ورغم وجود ملاحظات “بسيطة” من البعض، إلا أن ذلك لم يكسر من عزيمتهما، بل زادهما إصراراً على الاستمرار.

تقول ساجدة “لدي طفل أعتني به، وأصبحت بحاجة إلى مصاريف لتلبية احتياجته، ودفع أجرة البيت، ودراسته فيما بعد، كما أن ريم تعيش وحدها ووالدتها في مصر، ولا يوجد معيل لها سوى ريم، وهي بحاجة إلى العمل حتى لا تنتظر المساعدة والتبرع من الآخرين”.

وفي خضم فرحتيهما بالمشروع الأول لهما، تعتبر ساجدة أن تلك الخطوة في حياتها “نقلة نوعية”، وتعتبرها تحديا وبابا جديدا لها، تخوض فيه تجربة حياة مختلفة، تبرهن فيها للمجتمع أن المرأة قادرة على أن تقف وتواجه الظروف القاسية.

ويجب على المرأة أن ترى في نفسها القوة في خلق حياة جديدة لها، فالعالم فيه متسع للجميع، ولا يعقل أن يبقى الشعور بالخوف من القادم سبباً لأن يكبل طموحها وأحلامها التي تتعدى “عربة الرشوف”.

تتمنى ساجدة، وتقاسمها هذا التمني ريم، أن يتقبل المجتمع عمل المرأة مهما كان جديدا ومختلفا وغير مألوف، فهو في النهاية عمل شريف ينقذها من الوقوع في فخ الديون المتراكمة، ولا تنتظر من يطرق بابها لمد يد العون المؤقتة.

“فهما لا تنتظران من يعطيهما السمكة، بل من يعلمهما الصيد لتغوصا في بحر الحياة.. وتثبتا أنهما قادرتان وقويتان تستطيعان التحدي والإنجاز”

الغد – تغريد السعايدة 

الاخبار العاجلة