أصدر الرئيس التونسي، قيس سعيد، قرارا بعزل رئيس محطة التلفزيون الوطنية، فيما اقترح إجراء ” تسوية جزائية” مع رجال أعمال اتهمهم بالفساد.
وقال مكتب الرئيس إن قرار عزل محمد الدهاش جاء بهدف “حماية حرية التعبير في البلاد”.
وكان سعيد قد بدأ يوم الأحد سلسلة إجراءات للسيطرة على الأوضاع في البلاد، مستندا إلى المادة 80 من الدستور التونسي، فأقال رئيس الوزراء هشام المشيشي، وجمد نشاط مجلس النواب لمدة 30 يوما، وهي الخطوات التي وصفتها حركة النهضة التونسية ومعارضو الرئيس بأنها “انقلاب”.
وجاء قرار الرئيس بإقالة رئيس التليفزيون، بعد شكاوى من مسئولين من نقابة الصحفيين وحقوق الإنسان بمنعهم من دخول محطة التليفزيون، على الرغم من تلقيهم دعوة للمشاركة في برنامج.
وقالت أميرة محمد، نائبة رئيس نقابة الصحفيين، إن الدهاش أخبرها أن قائد الجيش كان أمره بعدم السماح للضيوف بدخول المبنى.
وبعد فترة تمكنت أميرة ومعها المسؤول الحقوقي باسم الطريفي، من دخول المبنى والمشاركة في برنامج تليفزيوني.
وظهر مستشار للرئيس والمتحدث باسم الجيش في البرنامج وكلاهما نفى صدور أي أوامر بمنع دخول الضيوف.
وفجر هذا الموقف الغضب ضد رئيس محطة التليفزيون، ودعا بعض الصحفيين التونسيين لإقالته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان الأمن التونسي قد داهم يوم الاثنين، مكتب الجزيرة الإخباري في تونس العاصمة، مما دفع وزارة الخارجية الأمريكية إلى إعلان انزعاجها والحث على “الاحترام الصارم” لحرية الصحافة.
وقال مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تونس، إنه تعرض للاحتجاز يوم الأربعاء، لمدة ساعتين ثم أطلقت السلطات سراحه وسمحت له بمواصلة العمل.
وتتمتع تونس منذ ثورة 2011 بحريات صحفية أكبر بكثير من دول المنطقة. وتغطي وكالة الأنباء الرسمية بانتظام الاحتجاجات المناهضة للحكومة والبيانات المنتقدة للسلطات.
حملة ضد الفساد
على صعيد متصل تحدث الرئيس التونسي يوم الأربعاء، عن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وقال إن “الخيارات الاقتصادية الخاطئة” تسببت في حدوث مشكلات كبيرة.
وشدد سعيد، خلال لقاء عقده الأربعاء مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، وتم بث مقطع فيديو منه على أنه يعد حملة ضد الفساد، لكن “لا نية لإيذاء أو إساءة معاملة “رجال الأعمال.
وكشف عن أنه لديه تقارير بأسماء 460 شخصا سرقوا 13.5 مليار دينار (4.8 مليار دولار) من أموال الشعب التونسي.
وقدم الرئيس عرضا بالموافقة على “تسوية جزئية” مقابل إعادة الأموال المنهوبة. وقال: “أقترح مصالحة جزائية مع رجال الأعمال المتورطين في نهب أموال الشعب والتهرب الضريبي …بدلا من ملاحقتهم وسجنهم”.
ولم يوضح الرئيس، وهو أستاذ قانون سابق تولى المنصب في 2019 في حملة ضد الفساد والنخبة السياسية الثرية، تفاصيل اقتراحه.
واعترف الرئيس التونس بأن البلاد تمر “بظروف عصيبة وأيام تاريخية”.
وطالب التجار أن يظهروا “روحا وطنية” في هذه الظروف الصعبة، وأضاف: “أطلب منهم تخفيض الأسعار. المسلم الحقيقي لا ينام وجاره جوعان بلا عشاء”.
وتابع: “أطلب منهم، وهم وطنيون، أن يتحلوا بشعور وطني قبل أي شعور آخر يقوم على الربح أو استغلال هذا الظرف للمضاربة والاحتكار”.
وهدد بقوة بأن “أي محاولة للمضاربة أو الاحتكار للمواد في هذه الظروف الصعبة ستواجه بتطبيق كامل وصارم للقانون”.