صراحة نيوز- كتب م. مالك أبو غنيمة
تشرفت قبل أيام باختياري من قبل جلالة الملكة رانيا العبدالله -حفظها الله- للمشاركة في بعثة خاصة للعمرة من ضمن قرابة 600 مشاركة ومشارك من مختلف أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية (غالبيتهم من السيدات)، والتي شكّل المشاركون فيها لوحة فنيّة وطنية شملت نساءً ورجالاً، شيوخاً وشباباً، مبادرين ومتطوعين وسيدات مجتمع وإعلاميين وغيرهم من مختلف فئات المجتمع.
ورغم أن هذه البعثة كانت قصيرة في مدّتها، إلا أنها كانت كبيرة وعظيمة وعميقة في فكرتها وطبيعتها وأثرها، فهي ابتداءً مبادرة رائعة هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة سواء من حيث نموذجها فهي فريدة كبعثة ملكية كريمة من “أم الحسين” المميزة دوماً في مبادراتها، وضخمة في حجمها بهذا العدد الكبير من المشاركين، وسامية في فكرتها كونها إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة، وتوقيتها في شهر رمضان المبارك، ومميزة في جمهورها الذي عكس لوحة فسيسفساء فريدة وجميلة في آن واحد، وراقية في خدماتها “الخمس نجوم” التي شملت رحلة الطائرة و فندق بجانب الحرم مع وجبتي سحور وفطور وفوق ذلك “مصروف شخصي” يعكس الاهتمام بأدق التفاصيل والإحسان فيها ومراعاة ظروف المشاركين لتكون رحلتهم “كاملة مكمّلة” كما يُقال.
أكتب اليوم هذه المقالة، لا كمجرد شكر شخصي فقط لجلالة الملكة بارك الله فيها وزادها خيراً على خير، بل ليكون شكراً ممتداً بحجم السعادة والفرح التي رأيتها شخصياً مرسومة على وجوه المشاركين وفي قلوبهم، والذين عبّر الكثير منهم عنها بعفوية بأنها “حلمٌ وتحقق” بالنسبة لهم، وهنا أكتفي بذكر قصة لواحدة من الأخوات التي لم تملك حبس دموعها وهي تطلب منّي أن أُسجِّل لها رسالة لإيصالها لجلالة الملكة تخبرها أنها بسبب هذه البعثة ستتمكن من رؤية والدتها بعد أكثر من 22 عاماً من الغياب ولقاء أخويها بعد 9 أعوام من فراقهم!
هناك الكثير مما لفت انتباهي في هذه البعثة المميزة، وأكتفي بثلاث نقاط سريعة، أولاها هي طبيعة الفئة المشاركة في البعثة والتي يُمكن وصفها بحق بأنها “من المجتمع” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد كانوا من جميع المحافظات الأردنية دون استثناء، ولم يكن من بينها من ذوي المناصب والمراتب والمسميات العالية، بل كانت من عامّة الناس الذين يمثلون في ملامحهم تعبيراتهم وحاجاتهم ما يشبه كل بيت أردني في كل محافظة وكل قرية.
ثاني ما لفتني كان الرغبة الواضحة بعدم عمل أي تغطية إعلامية رسمية للبعثة سوى بالحد الأدنى، وهذا والحقُّ يُقال، أقربُ للإخلاص وللأجر والثواب الذي اسأل الله تعالى أن يكتبه لكل من كان له فضلٌ ودورٌ فيها، ابتداءً من جلالة الملكة تقبّل الله منها وانتهاءً بالمشاركين فيها، وقد كان من دلالة ذلك التيسير الذي لمسته في مختلف جوانب الرحلة، وهذا الابتعاد عن الأضواء هو أحد دوافعي لكتابة هذا المقال لتسليط الضوء على جمال هذه البعثة وشكر من كان سبباً فيها ومن كان قائماً عليها.
الأمر الثالث الذي لفتني -وأسعدني- هو العاملين في مكتب الملكة، الذين لمست فيهم على الصعيد الشخصي التواضع الجمّ والودُّ واللطف وعدم الرغبة بالظهور والبروز، ابتداءً من تواصلهم معنا وانتهاءً باطمئنانهم علينا وتهنئتهم لنا، وعلى الصعيد العملي وجدتُ فيهم الحرص على متابعة كل التفاصيل والإشراف عليها بل والقيام بالمهام بأنفسهم حتى في مساعدة “الحجّات” المشاركين في نقل حقائبهم! وأكتفي هنا بالإشارة إلى نموذج مميز لأحد هؤلاء المميزين وكان في مقدمة المسؤولين عن الاستقبال والترتيبات سواء عند مغادرتنا أو عودتنا، لأعرف فيما بعد أنه من عائلة “مسيحية” معروفة إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يكون متابعاً معنا في كل التفاصيل وهذا الموقف الجميل لوحده فيه الكثير مما يبعث على السعادة والفخر، ولا يسعني إلا أن أُجدد دعائي له ولكل زميلاته وزملائه الرائعين – المسلمين منهم والمسيحيين- بأن يكتب لهم الأجر والثواب في كل خير يقومون به، ويعينهم على القيام بواجبهم وتأدية الرسالة تجاه وطننا وقيادتنا الهاشمية حماهم الله.
في الختام،
فإنني أرجو الله أن يتقبل من هذه البعثة عمراتها، وأن يجعلها في ميزان “أم الحسين” وأن يُبارك لها أعمالها ويوفّقها ويزيد الخير على يديها، وأن يُعيد إليها ولوطننا الحبيب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين -حفظه الله- مشافىً معافىً بإذنه تعالى، وأن يوفّقهم ومعهم أميرنا الشاب وليّ عهدنا الحسين بن عبد الله -رعاه الله- في خدمة البلاد والعباد، وأن يرزقهم من يعينهم على الخير وأداء الأمانة.
والله ولي التوفيق