صراحة نيوز –
لقي الحكم الصادر من القضاء السعودي، اليوم الاثنين، بتبرئة سعود القحطاني واللواء أحمد عسيري والقنصل السابق محمد العتيبي، من الاشتراك في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، ردود فعل دولية رافضة.
وبحسب وكالة “الأناضول”، قالت الخارجية التركية إن القرار الصادر عن القضاء السعودي في قضية مقتل خاشقجي “بعيد عن تلبية التطلعات”.
جاء ذلك في رد متحدث وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، للصحفيين، أكد فيه أن “بقاء تفاصيل مهمة في طي الكتمان مثل مصير جثمان المرحوم خاشقجي، وتحديد المحرضين على قتله والمتعاونين المحليين إن وجدوا، هو قصور أساسي في تجلّي العدالة ومبدأ المساءلة”.
وأضاف أن “القرار الصادر عن المحكمة المعنية في السعودية فيما يتعلق بالقضية، أبعد ما يكون عن تلبية تطلعات بلادنا والمجتمع الدولي لتسليط الضوء على جميع جوانب هذه الجريمة وتجلّي العدالة”.
وشدد على أن الكشف عن الجريمة التي ارتكبت في الأراضي التركية، وتحديد ومعاقبة المسؤولين والمحرضين عليها، ليست مسؤولية قانونية فحسب؛ بل مسؤولية وجدانية في الوقت نفسه.
وجدد أقصوي تأكيد تطلع بلاده إلى التعاون القضائي مع السلطات السعودية في جريمة قتل خاشقجي.
من جهته علّق وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، على الحكم بالقول إن على السعودية “ضمان محاسبة جميع المسؤولين عن جريمة قتل الصحفي خاشقجي، وعدم تكرارها”.
وأوضح أن “عائلة جمال خاشقجي تستحق أن ترى العدالة تتحقق في قضية قتله الوحشي”.
كالامارد: أمر يدعو للسخرية
من جانبها، انتقدت المقررة الأممية المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد، تبرئة مسؤولين سعوديين بارزين من الاتهام في قضية مقتل خاشقجي.
وقالت كالامارد، في سلسلة تغريدات عبر حسابها على “تويتر”: “تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة. وأمر يدعو للسخرية”.
وأضافت: “قال المتهمون مراراً إنهم يطيعون الأوامر. وصرح المدعي العام (السعودي) علناً أن سعود القحطاني، مستشار ولي العهد الشخصي، طالب باختطاف جمال خاشقجي (على أساس أنه كان يمثل تهديداً للأمن القومي)، ومع ذلك ما يزال حراً”.
وتابعت: “عادة ما يكشف الإفلات من العقاب بعد قتل صحفي ما، عن القمع السياسي والفساد وإساءة استخدام السلطة والدعاية وحتى التواطؤ الدولي. وجميع هذه الأمور حاضرة في قتل السعودية لجمال خاشقجي”.
وأردفت: “لقد قام المسؤولون السعوديون الثمانية عشر، الذين حضروا بمفردهم في القنصلية السعودية في إسطنبول لأكثر من 10 أيام، بتنظيف مسرح الجريمة. وهذا عائق أمام العدالة وانتهاك لبروتوكول مينيسوتا للتحقيق في أعمال القتل التعسفي”.
وتابعت: “يبدو أن القاضي قد خلص إلى أن قتل السيد خاشقجي كان عرضياً لأنه لا يبدو أن هناك نية”.
وخلصت للقول: “لكن وجود طبيب شرعي مسجل في فريق القتل الرسمي قبل 24 ساعة على الأقل من الجريمة، ومناقشة تقطيع الجثة قبل ساعتين من وقوعها بالفعل، يشير بوضوح إلى التخطيط”.
المحاكمة مفبركة
صحيفة وتشنطن بوست التي كان يكتب بها خاشقجي قالت: إن “الأحكام الصادرة بحق قتلة خاشقجي اليوم تفتقد الشفافية”.
واعتبرت أن رفض السعودية التعامل مع محققين مستقلين “يشير إلى أن المحاكمة مفبركة”.
وأضافت، في تصريحات لناشر الصحيفة: “المسؤولون بأعلى هرم الحكومة السعودية لا يزالون يتهربون من تحمل مسؤولية مقتل خاشقجي”.
لا يحترم العدالة الدولية
من جهته ندد الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود”، كريستوف ديلوار، بتبرئة المتهمين الرئيسيين بقضية مقتل خاشقجي، ووصف ذلك بأنه أمر “لا يحترم العدالة الدولية”.
جاء ذلك في تصريحات على لسان ديلوار نقلتها وسائل إعلام غربية بينها “نيويورك تايمز”، أكد فيها أن “العدالة لم تُحترم، وهذه المحاكمة لم تحترم مبادئ العدالة المعترف بها دولياً”.
وأضاف: “هذه الأحكام يمكن أن تكون وسيلة لإسكات الشهود على عملية الاغتيال إلى الأبد”، دون تفاصيل عن هؤلاء الشهود.
وأردف: “يمكننا التشكيك في طبيعة هذه القرارات. لا يمكن للمملكة (السعودية) أن تعيد بناء صورتها بالتعامل مع العدالة بمثل هذه الطريقة”.
ورأت منظمة العفو الدولية أن الحكم “عبارة عن تستر على الجريمة ولا يحقق العدالة”، وأنه “أخفق في التطرق إلى تورط السلطات السعودية في الجريمة، والكشف عن مكان رفات خاشقجي”.
أين جثة خاشقجي؟
بدورها رأت جمعية “بيت الإعلاميين العرب” في تركيا أن القرارات الصادرة عن المحاكم السعودية بخصوص جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، “غير كافية” و”لا تظهر الحقيقة في الجريمة”.
جاء ذلك في بيان صدر عن الجمعية قالت فيه: إنه “بعد مرور نحو 15 شهراً على جريمة اغتيال صديقنا، وأحد أعضاء جمعيتنا (بيت الإعلاميين العرب)، جمال خاشقجي، تم اليوم إصدار حكم بإعدام 5 أشخاص واعتقال 3 من قبل المحاكم السعودية”.
وأضاف: “نودّ أن نقول بأن هذه القرارات لن تثنينا عن المتابعة في البحث عن الحقيقة، فمن المعلوم حسب ما انعكس من تقارير الأمم المتحدة، أن هذه الجريمة حدثت بتورط من قبل شخصيات سعودية رفيعة المستوى واحترافية، وحدثت عن سابق الإصرار والتصميم بعمل منظم وجماعي”.
الجمعية أكدت في بيانها أنه “رغم أن هذه الجريمة التي ارتكبت بهذا العديد الكبير من الأشخاص وأمام مرأى ومسمع الناس أجمعين، نجد اليوم أن القرارات المتخذة بهذا الصدد ليست من أجل إظهار الحقيقة أو تطمين الرأي العام”.
وأردفت متوجهة للسلطات السعودية: “طالما استطعتم التأكد من تورط 8 أشخاص مجرمين، وبالتالي من الطبيعي أن تكونوا عرفتم منهم أين تم إخفاء الجثة، فأين جثة خاشقجي؟”.
ومضت تقول: “ادعيتم أن الجثة تم تسليمها لعملاء محليين، وبالتالي من بين كل هؤلاء المتورطين في الجريمة يجب أن تكونوا قد عرفتم من هم وما هي أسماؤهم، وأين هي جثة جمال خاشقجي”.
ماذا قالت خطيبته؟
من ناحيتها نددت خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي، بتبرئة المسؤولين السعوديين البارزين من الاتهام بمقتله.
ونشرت جنكيز على “تويتر” صورة من بيان النيابة السعودية، علقت عليها بالإنجليزية بالقول إن “الإعلان السعودي غير مقبول”.
وأعادت نشر تغريدة لرئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، نهاد عوض، عقب إعلان النيابة السعودية صدور حكم أولي بإعدام 5 أشخاص، ليس من بينهم مسؤولون بارزون متورطون في الجريمة.
والتغريدة المدونة باللغة الإنجليزية لعوض تقول: “إخفاق العدالة. ماذا عن أولئك الذين أمروا بتنسيق القتل الوحشي واستضافته؟”.
وتابع: “المملكة العربية السعودية تصدر أحكاماً بالإعدام على جمال خاشقجي”.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت النيابة العامة السعودية أنها أصدرت قرارات بالإعدام بحق 5 متهمين في قضية مقتل خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول (أكتوبر 2018).
وذكرت النيابة العامة، في مؤتمر صحفي، أنها أصدرت أيضاً قرارات بحق 3 متهمين آخرين بالسجن مدة تصل إلى 24 عاماً في القضية ذاتها.
وكانت صدمة الأحكام في أنها أفرجت عن أبرز المتهمين بالحادثة، وهم: أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السابق، بعد التحقيق معه؛ “لعدم ثبوت تهم عليه”، وسعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمتهم الرئيس في القضية، “بعد التحقيق معه ولم توجه له أي تهم”.
وأضافت أن الأحكام الصادرة بحق المتهمين ابتدائية وليست قطعية، مشيرةً إلى الإفراج عن القنصل السعودي في تركيا، محمد العتيبي؛ “بعد أن أثبت تواجده خارج القنصلية ساعة وقوع الجريمة”.
الخليج أونلاين