صراحة نيوز – سيطرت حركة طالبان الخميس على هرات غرب أفغانستان، والتي تعدّ ثالث مدن البلاد، فيما يعد محطة رئيسية في هجومها عقب السيطرة على مدينة غزنة الاستراتيجية التي جعلت عناصرها أقرب إلى كابول الواقعة على بعد 150 كيلومتر منها.
يأتي هذا في وقت، تستعد الولايات المتحدة لنشر قوات في مطار كابول لتأمين إجلاء قسم من موظفي سفارتها في أفغانستان التي سيتقلص عديدها في ظل تقدّم حركة طالبان، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الخميس.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أنها سترسل نحو ثلاثة آلاف جندي إلى أفغانستان فورا لإجلاء موظفين في السفارة الأمريكية بشكل آمن في ظل تنامي تهديد حركة طالبان.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع جون كيربي إن “الدفعة الأولى ستتألف من ثلاث كتائب مشاة موجودة حاليا في منطقة مسؤولية القيادة المركزية. وستنتقل إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول في غضون 24 إلى 48 ساعة المقبلة”.
من جهتها، أعلنت الحكومة البريطانية الخميس أن المملكة المتحدة ستنشر بشكل موقت نحو 600 جندي في أفغانستان لمساعدة المواطنين البريطانيين على مغادرة هذه الدولة أمام تقدّم حركة طالبان.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس في بيان “لقد سمحت بنشر عسكريين إضافيين لدعم الوجود الدبلوماسي في كابول، ومساعدة الرعايا البريطانيين على مغادرة البلاد وتعزيز نقل افغان خاطروا بحياتهم سابقا اثناء خدمتهم إلى جانبنا”.
حذر الاتحاد الأوروبي حركة طالبان الخميس أنها ستواجه عزلة دولية إذا استولت على السلطة من خلال العنف، وذلك في الوقت الذي يوسع المتمردون سيطرتهم في أفغانستان.
وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان “إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة وإعادة تأسيس إمارة إسلامية، فإن طالبان ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي واحتمال استمرار النزاع وعدم الاستقرار الذي طال أمده في أفغانستان”.
هذا وكتب الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد على تويتر “فر العدو… سقطت عشرات الآليات العسكرية والأسلحة والذخيرة في أيدي المجاهدين”.
كانت هرات، الواقعة على بعد 150 كيلومترا من الحدود الإيرانية وعاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، محاصرة منذ عدة أسابيع فيما يدور قتال عنيف على أطرافها.
وسيطر المتمردون في الأسابيع الأخيرة على ما تبقى من المحافظة تقريبا، بما في ذلك على إسلام قلعة، المركز الحدودي مع إيران، وهو الأهم في أفغانستان.
في وقت سابق من النهار، أقرّت الحكومة بخسارتها المدينة، لكنها أكدت أن المعارك ما زالت مستمرة. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية مرويس ستانيكزاي في رسالة إلى وسائل الاعلام عبر تطبيق واتساب “سيطر العدو على غزنة … ثمة معارك ومقاومة” من جانب قوات الأمن.
وأعلن ستانيكزاي في وقت لاحق توقيف قوات الأمن لمحافظ الولاية، بعد تداول مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه وهو يغادر المدينة بمباركة طالبان. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من صحته.
وفي مواجهة تدهور الوضع العسكري، اقترحت كابول على طالبان “تقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد”، وفق ما أفاد مصدر في فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية وكالة فرانس برس.
وكان الرئيس أشرف غني يرفض حتى الآن الدعوات إلى تشكيل حكومة مؤقتة غير منتخبة، تضم ممثلين عن طالبان. لكن تغيير موقفه المفاجئ قد يكون متأخراً جداً، باعتبار أن المتمردين لم يبدوا أي إشارة، منذ انطلاق مفاوضات السلام في أيلول/سبتمبر 2020، إزاء استعدادهم للتوصّل إلى تسوية.
وأسفرت المعارك خلال شهر واحد في لشكركاه وقندهار وهرات وقندوز عن مقتل 183 مدنيا على الأقل، بينهم أطفال. ونزح 395 ألف شخص على الأقل منذ مطلع العام جراء العنف، وفق الأمم المتحدة.
وتوافد العديد من المدنيين إلى كابول في الأيام الأخيرة، حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية. وفيما لا يزال البعض يعانون من الصدمة جراء الفظائع التي ارتكبتها طالبان أمام أعينهم، فهم يحاولون الصمود في مخيمات اللاجئين في العاصمة، وسط حالة عوز تام.
ويُفترض أن تستكمل القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان نهاية الشهر الحالي، بعد عشرين عاماً من تدخلها لطرد حركة طالبان من السلطة، في أعقاب هجمات الـ 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
في الأثناء حمّل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الخميس خلفه جو بايدن المسؤولية عن التقدم العسكري لطالبان في أفغانستان، قائلا إن الوضع الحالي “غير مقبول”. وقال ترامب في بيان “لو كنت رئيسا الآن، لأدرك العالم أن انسحابنا من أفغانستان مرهون بشروط”.
وأضاف “كان يمكن أن يكون الانسحاب مختلفا وأكثر نجاحا، وطالبان كانت تعلم ذلك أفضل من أي شخص آخر”. وتابع “لقد أجريت محادثات شخصيا مع قادة من طالبان وهم فهموا أن ما يفعلونه اليوم لن يكون مقبولا”.
وعلّق جو بايدن عملية الانسحاب فور وصوله إلى البيت الأبيض من أجل مراجعة الوضع، وفي نيسان/أبريل، أكد الانسحاب العسكري الكامل من أفغانستان.
وهو أرجأ الموعد في البدء إلى 11 أيلول، إلا أنه عاد وحدده في 31 آب.
ويُفترض أن تستكمل القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان نهاية الشهر الحالي، بعد عشرين عاماً من تدخلها لطرد حركة طالبان من السلطة، في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
ولم تخف واشنطن استياءها خلال الأيام الأخيرة إزاء تضعضع الجيش الأفغاني، الذي عمل الأمريكيون على تدريبه وتمويله وتجهيزه منذ سنوات. وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي الأربعاء “نرى تدهوراً للوضع الأمني، وكنا صادقين تماماً” بشأن ذلك.
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنّ “ثمة أماكن ولحظات، كما هي الحال اليوم، حيث تقاتل القوات الأفغانية على الأرض” فعليا.
وفي الدوحة، التقى المبعوث الأمريكي زلماي خليل زاد خلال اليومين الأخيرين قادة من طالبان في محاولة لإعادة دفع محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، التي تراوح مكانها.
ومن جانبه، لوّح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس أن بلاده، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع “فلسا واحدا بعد الآن” إذا ما سيطرت طالبان على البلاد.