صراحة نيوز – تعمل حركة “طالبان”، الثلاثاء 17 أغسطس (آب)، على إعادة تشغيل المرافق والمؤسسات في كابول بعد سيطرتها عليها عبر دعوة الموظفين الحكوميين للعودة إلى العمل، على الرغم من حذر السكان وخروج عدد قليل من النساء من منازلهن.
في الأثناء، يحاول عشرات الآلاف الفرار من أفغانستان خشية من حكم “طالبان” المتشدد أو خوفاً من الانتقام منهم لتأييدهم الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين.
واستؤنفت رحلات الإجلاء من مطار كابول الثلاثاء بعد الفوضى التي شهدها الاثنين مع تدفق أعداد ضخمة احتشدت على مدرج المطار، حتى أن اليأس دفع البعض للتشبث بطائرة عسكرية أميركية أثناء استعدادها للإقلاع.
واعتبر الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، أن “مشاهد اليأس في مطار كابول عار على الغرب”. وأعلنت الحكومة الألمانية الثلاثاء تعليق مساعداتها التنموية لأفغانستان.
وأعلنت “طالبان” الثلاثاء “عفواً عاماً” عن كل موظفي الدولة، داعيةً إياهم إلى معاودة العمل. وأعيد فتح بعض المحلات التجارية الثلاثاء مع عودة شرطة المرور إلى الشوارع، لكن المدارس والجامعات ما زالت مغلقة، وخرج عدد قليل من النساء إلى الشوارع فيما خلع الرجال ملابسهم الغربية لارتداء الملابس التقليدية.
وتوجه الحركة رسائل عدة إلى الأسرة الدولية للطمأنة إلى أن الشعب الأفغاني يجب ألا يخشى شيئاً منها، إلا أن الكثير من الأفغان يخشون أن تفرض الحركة حكم الشريعة بشكل صارم كما فعلت عندما حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001 مع منع النساء من العمل أو الدراسة خصوصاً.
في غضون ذلك، دافع الرئيس جو بايدن بشدة عن انسحاب بلاده من أفغانستان، مؤكداً وقوفه بقوة خلف هذا القرار ومشدداً على أن الوقت حان لمغادرة هذا البلد بعد 20 عاماً من الحرب.
وقال بايدن إن القوات الأفغانية هي من ينبغي أن تقاتل “طالبان”، وإنه اضطر إلى الاختيار بين أن يطلب من القوات الأميركية القتال إلى ما لا نهاية في ما أسماه حرب أفغانستان الأهلية، أو التزام الاتفاق على الرحيل الذي أبرمه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب. وأضاف أن المصلحة القومية لبلاده في أفغانستان كانت بشكل أساسي تتمحور دوماً حول منع استهداف الولايات المتحدة بهجمات إرهابية انطلاقاً من البلد الغارق في الحرب، مشدداً على أن “المهمة في أفغانستان لم تكن يوماً بناء دولة”.
وواجه الرئيس الديمقراطي انتقادات حتى من دبلوماسييه بشأن إدارته للانسحاب الأميركي، بعدما سحب القوات ثم أرسل آلافاً للمساعدة في الإجلاء.
ودعا مجلس الأمن الدولي إلى إجراء محادثات لتشكيل حكومة جديدة في أفغانستان، بعد أن حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من قيود “تقشعّر لها الأبدان” على حقوق الإنسان وانتهاكات بحق النساء والأطفال. لكن المتحدث باسم “طالبان” سهيل شاهين، قال في رسالة على “تويتر”، إن عناصر الحركة لديهم أوامر صارمة بعدم إيذاء أحد.
وعقدت حركة طالبان أول مؤتمر صحافي رسمي في كابول اليوم الثلاثاء وتعهدت باحترام حقوق المرأة والسعي لإقامة علاقات طيبة مع البلدان الأخرى وألا تنتقم من عناصر الجيش الأفغاني السابقين.
وردد ذبيح الله مجاهد المتحدث الرئيسي باسم طالبان تطمينات من مسؤولين آخرين في الحركة سعوا لتهدئة مخاوف من أن تؤدي سيطرة طالبان السريعة على كابول إلى تكرار الإعدامات العلنية وإجراءات العقاب التي اتُخذت عند وصول الحركة إلى السلطة قبل 20 عاما.
وقال المتحدث عبر مترجم “لا نرغب في تكرار أي صراع أو أي حرب ونريد أن نبتعد عن أسباب الصراع”. وأضاف “انتهت العداوة ونود العيش في سلام ولا نريد أي أعداء من الداخل ولا من الخارج”. وأضاف أن معالم الحكومة الجديدة ستتضح بمجرد أن تسمح بذلك الأوضاع المضطربة في كابول.
وقالت طالبان إنها ستحترم حقوق المرأة، وهي من بواعث القلق الرئيسية لدى المجتمع الدولي، وإنها ستسمح للنساء بالعمل والدراسة والمشاركة النشطة في المجتمع “ولكن في إطار الإسلام”.
ووعدت طالبان بالعفو عن الأفراد السابقين في الجيش والشرطة بأفغانستان وأعلن المتحدث باسم الحركة عدم المساس بالمترجمين والمتعاقدين الذين عملوا مع القوات الدولية منذ عام 2001
.
وقال “لن يؤذيكم أحد ولن يطرق بابكم أحد” مضيفا أن طالبان تأمل في أن تبقى الحشود الكبيرة التي تحاول ركوب طائرات للخروج من أفغانستان في البلاد وتساعد في إعادة إعمارها.
وتعهد المتحدث أيضا بأن تصبح أفغانستان، التي تقول إحدى وكالات مكافحة المخدرات التابعة للأمم المتحدة إنها مصدر معظم الهيروين في العالم، خالية من المخدرات وطالب المجتمع الدولي بمساعدة المزارعين على زراعة محاصيل بديلة بعدما اعتمدوا على زراعة الخشاش الذي يصنع منه الأفيون لكسب العيش، حيث قال ذبيح الله “نطمئن العالم أن زراعة وتجارة الأفيون ستتوقف في أفغانستان”، وأضاف: “بعد دخول كابول لفت انتباهي أن عددا كبيرا من الشباب أصبحوا مدمنين وعاطلين عن العمل. سنسعى إلى تصفير زراعة الأفيون مثلما عملنا قبل عشرين عاما”.
أقر جاك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء بأن “كمية لا بأس بها” من المعدات العسكرية الأميركية باتت في أيدي حركة طالبان.
وقال سوليفان في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض ردا على سؤال عن المعدات العسكرية الأميركية في أفغانستان، إن “كمية لا بأس بها وقعت في أيدي طالبان وليس لدينا انطباع بالتأكيد أنهم سيعيدونها إلينا”.
ونشرت طالبان قبل يومين تسجيل فيديو يظهر مقاتليها يحتفلون حول مروحيات أميركية من طراز “بلاك هوك” تابعة للجيش الأفغاني في مطار قندهار بجنوب البلاد.
وأوضح سوليفان أن “مروحيات بلاك هوك هذه لم تعط لطالبان. لقد أعطيت للقوات الأفغانية” بناء على طلب الرئيس الفار أشرف غني.
وأكد أن الرئيس بايدن “اختار” أن يتجاوب مع هذا الطلب، رغم إدراكه لخطر سقوط هذه المروحيات في أيدي طالبان.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان اليوم الثلاثاء إن طالبان أبلغت الولايات المتحدة أنها ستوفر ممرا آمنا للمدنيين للوصول إلى المطار في أفغانستان.
وقال سوليفان أيضا في إفادة إخبارية بالبيت الأبيض إن الولايات المتحدة تعتقد أن عملية الإجلاء في كابول يمكن أن تستمر حتى 31 أغسطس (آب) وإنها تتحدث مع طالبان عن الجدول الزمني المحدد لذلك وكيف سيتم تنفيذه.
وقال موقع يوتيوب التابع لألفابت اليوم الثلاثاء إنه يحظر حسابات يعتقد بأن طالبان تملكها وتديرها، مع إسراع شركات التواصل الاجتماعي الأميركية لتوضيح قواعدها بشأن الحركة المسيطرة حاليا على أفغانستان.
وفي إطار منفصل، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن خدمة التراسل (واتس آب) التابعة لفيسبوك أغلقت خط شكاوى ساخنا أنشأته طالبان بعد سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابول.
قال متحدث باسم الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء ردا على مؤتمر صحافي عقدته حركة طالبان في وقت سابق إن المنظمة الدولية ستحتاج إلى رؤية أفعال لطالبان على الأرض في أفغانستان.
وأضاف ستيفان دوجاريك للصحافيين في نيويورك “سنحتاج إلى رؤية ما سيحدث فعلا وسنحتاج إلى رؤية أفعال على الأرض بشأن تنفيذ الوعود”.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية الثلاثاء أنّه “من المبكر للغاية” اتخاذ قرار بشأن مستقبل السفارة في كابول، رابطة الأمر بمسار تطور الأوضاع في أفغانستان بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة.
وما زالت السفارة الفرنسية تقوم بدورها رغم نقل مقرّها إلى مطار العاصمة الأفغانية حيث يدير السفير دافيد مارتينون وفريقه عمليات إجلاء آخر الرعايا الفرنسيين وكذلك الأفغان الذين عملوا لصالح فرنسا.
وأوضح الإليزيه أنّه في ظل الغموض الذي يشوب الأوضاع “من المبكر للغاية إقرار مستوى تمثيل” فرنسا في المستقبل، في وقت أجلت العديد من الدول موظفيها الدبلوماسيين بعد بلوغ طالبان العاصمة كابول.
وكان قائم بالأعمال يجوب بين إسلام أباد وكابول، يمثّل مصالح فرنسا إبّان حكم طالبان بين 1996 و2001
.
ولفتت الرئاسة الفرنسية إلى أنّ مسألة اعتراف باريس بنظام طالبان غير مطروحة إذ إنّ “فرنسا تعترف بالدول، لا بالأنظمة”.