كتب لـ صراحة نيوز – امجد صقر الكريمين
لعل من أسباب انتشار الفكر المتطرف ” التطرف العنيف ” ، وجود حالة من الجهل وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأفراد والممتلكات وحق الآخرين في التعبير عن آرائهم بحرية، وغياب دور الأسرة والمدرسة و المؤسسات التربوية الأولى التي تسبق الجامعة في إعداد الطالب الجامعي، بالإضافة إلى ضعف وسائل الوقاية للحد من ظاهرة التطرف قبل وقوعه، وشعورهم بأنهم يعملون ضمن مناخ لا ترقى فيه حرية التعبير عن الرأي والموقف إلى المستوى المطلوب، ووجود حالة من القلق النفسي والتوتر لدى الشباب تدفعهم إلى الممارسات غير الواعية أو المحسوبة، وكذلك تعرضهم للعديد من المتغيرات وعمليات الجذب الثقافي المتأتية من تعدد وسائل الإعلام والثقافة الوافدة التي قد تبث لديهم الكثير من القيم الهدامة.
ولا بد من الاشارة الى ما خلصت اليه دراسة” الشباب في مواجهة الفكر المتطرف” الصادره عن صندوق دعم البحث العلمي , ففي المحور الإعلامي والذي سيكون محور أهتمامي والتركيز عليه ، لقد تطرقت الدراسة الى أن الدولة بمؤسساتها كافة ( الرسمية و الأهلية ) تعد الخيار الأول لمواجهة الفكر المتطرف، إلا أنها بينت أن مؤسسات الدولة التي يجب أن تعمل على تعميق رسالة الدولة الأيديولوجية ضعيفة الحضور، وبينت عمق الفجوة المتحققة من وسائل الإعلام الوطني وضعف البرامج الثقافية والدينية الموجهة للشباب لتحصينهم من الفكر المتطرف.
ووتضمنت الدراسة حقائق حول متابعة الشباب الأردني لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلى ما نسبته 64% بمعدل 1-3 ساعات يوميا، كما يتابع شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 41.8% بين 1 إلى 3 ساعات و 63.9% من أفراد عينة الدراسة يستمعون ويشاهدون المحطات الدعوية الإسلامية، ويقر ما نسبته 73.8% من أفراد العينة بوجود جهود حكومية ملموسة لمواجهة الفكر المتطرف. و أظهرت الدراسة أن ما نسبته 42.6% يتابعون أخبار المنظمات الإرهابية المتطرفة، وأن 30.7% من عينة الدراسة يلجأون إلى دائرة الإفتاء في حال واجهتهم مشكلة دينية، و28.7% يتوجهون إلى الشبكات الرقميه والتواصل الاجتماعي، و24.3% يتوجهون إلى أئمة المساجد.
ويرى ما نسبته 31.4% أن الظروف الإقتصادية الصعبة تساعد على نشوء التطرف والعنف في المجتمع، بينما يرى 32.9% من أفراد العينة بأن غياب العدالة والمساواة من الأسباب الرئيسية لظهور البؤر الساخنة لنشوء الفكر المتطرف. وأن ما نسبته (27.7%) من عينة الدراسة يعتقدون بأن الإعلام غير المراقب من أهم الأسباب التي تنشئ وتنمي التطرف والعنف في المجتمع، ويرى ما نسبته (41.4%) الأسباب الاجتماعية كـ (الحرمان النسبي، البحث عن الذات، الشهرة، المستوى الاجتماعي والاقتصادي لزيادة الدخل والظهور اجتماعياً) تقف وراء انجذاب الشباب إلى المنظمات المتطرفة.
وهنا اليوم وبعد مرور أكثر من عام على صدور الدراسة نستذكر ونسأل اين مخرجاتها،وفي ما يتعلق بالتوصيات والمقترحات خلص الفريق الإعلامي بجملة من التوصيات منها ، ضرورة اختيار الوجوه الإعلامية في البرامج الثقافية و الدينية وإعداد قوائم جديدة للضيوف الذين يظهرون في البرامج الدينية على أن يكونوا من ذوي الثقة والصدق والأمانة والنزاهة، ايضا ركزت حول اهمية بناء معايير واضحة لبث البرامج الدينية من حيث المحتوى، وتدريب نماذج وقيادات شبابية مهيئة وقادره على تقديم برامج دينية وثقافية و تعليمية بروح عصرية، ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوى المنشور، والذي يتضمن لغة الكراهية والتطرف، وتفعيل دور المؤسسة الدينيه ” المسجد و الكنسية ” بطريقة حضارية و تقدمية بوصفها جهة وعظ وإرشاد ديني، وبناء حملة إعلانية وإعلامية واضحة لمواجهة الفكر المتطرف تتضمن (رسائل نصية على الهواتف المتنقلة، ومضات توجيهية على وسائل الإعلام المرئي والمسموع، وملصقات في الجامعات، والاهتمام بالملاحق الدينية في الصحف من حيث المحتوى والكتّاب والقائمين عليها، وإعطاء الطلبة مساحة للتعبير عن رأيهم في الجامعات وعبر وسائل الإعلام الجامعي المختلفة دون تمييز، وتحقيق العدالة في النهج العام والممارسات التي تعزز الثقة بين الشباب و مؤسسات الدولة، وبخاصة فيما يتعلق بفرص العمل والتعيينات، وإعادة النظر في محتوى مادة التربية الوطنية ودراسة تاريخ الأردن من منطلق الأحداث التي مرت به وسياسة الانفتاح و التسامح لدى القيادة في مواجهتها.
إن الأردن وهو يواجه تحديات كثيرة على المستوى الخارجي والداخلي متعلقة بظهور التطرف والتعصب والارهاب باشكاله المتعدده لجدير أن يتخطى هذه التحديات بقدرات أبنائه وسواعد شبابه وأن يطور مناهجه وان يشيع فيها قواعد الحوار وتقبل الآخر ويكرس قواعد الحرية والديمقراطية في عالم متعدد الثقافات والقيم , وأن يرفد مجتمعه بطاقات شابة مبدعة تعمل على التغيير والتطوير والإبداع القائم على التخطيط والتنفيذ بكل إخلاص وتغليب مصلحة الأردن الذي يستحق أن يضحي في سبيله وأن ينهض به.
وهذا ما عززته الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بعنوان: بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة . يقول جلالته “كما لا يمكن أن يتحقق ذلك، إلا بمناهج دراسية تفتح أَمام أبنائنا وبناتنا أبواب التفكير العميق والناقد؛ تشجعهم على طرح الأسئلة، وموازنة الآراء؛ تعلمهم أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار؛ تقرّب منهم أساليب التعبير، وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، وكذلك بمعلمين يمتلكون القدرة والمهارات التي تمكنهم من إعداد أجيال الغد “.
وهنا يتطلب منا ضرورة ربط التعليم بين الفرصة والتحدي والمحتوى بالاعلام ، لان تأسيس جيل واعي فاهم قادر على موزانة الاشياء والتفريق بينها ،وتعزيز الثقافة التنوع قبول الآخر والحوار ، تسهم في خلق حراك أعلامي واعي يؤسس لمرحلة جديده ، يكون القادة الرأي والتفكير من جيل الشباب عندها يتغير شكل ومضمون المادة الاعلامية ، التي للاسف مازالت لهذا اليوم قاصرة عن تقديم محتوى يرتقي بالانسان لمستوى يعزز الانسانية ويميز بل يظهر الشكل الحقيقي والواقعي لمنهاج الدين ليكون منهاج حياة .