صراحة نيوز – افتتح رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات جلسات خلوة رؤساء الجامعات ومسؤوليها، والتي جاءت بهدف مناقشة وتحديد خارطة طريق للعمل الحزبي في الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة، تنفيذا لدعوة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين التي أطلقها خلال لقائه مع رؤساء الجامعات في تموز من هذا العام في سياق تدشين اتجاه واضح للتشريعات والسياسات الأردنية بغية تعزيز اندماج الشباب في العمل العام من خلال بوابة المشاركة السياسية عبر الأحزاب.
وقد عزز هذا التوجه قانونا الانتخاب والأحزاب الجديدان، فضلا عن الخطوات التي أشار إليها وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور وجيه عويس من تعديل وتطوير للمناهج المدرسية والجامعية بما يتوافق مع النهج الجديد، بما في ذلك الانتهاء من إعداد نظام يؤطر العمل الحزبي في الجامعات الأردنية بما يدفع لكسر الحواجز بين الطلاب والأحزاب ويشجعهم على الانخراط في الحياة السياسية من جهة، ويكفل مهنية العملية التعليمية وإبعادها عن الاستقطابات الحزبية والسياسية والأيديولوجية من جهة أخرى.
كما جاءت هذه الخلوة لمناقشة تأكيد ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله على أهمية دور الجامعات والأندية الطلابية في تعزيز هذا المسار، بوصفها الخزان البشري الأكبر وحاضنة الشباب والطاقات الأردنية العلمية، من أساتذة وباحثين ومراكز أبحاث ومختبرات وطلاب دراسات عليا وباحثين وطلاب على مقاعد الدراسة، إذ إن الجامعات هي المجال الحيوي الأفضل والأقوى لبناء معادلة وطنية جديدة تستدخل الشباب في المجال العام وتوجه طاقتهم نحو القضايا الوطنية، وتعزز لديهم ثقافة الديمقراطية والتعددية والقبول بالآخر، وتساهم في تسليح الجيل الجديد لا بالمكتسبات والمهارات التعليمية وحسب، بل كذلك بالثقافة الوطنية التي تنهض على قيم المشاركة في العمل العام والتفكير في التحديات والأولويات الوطنية وتعزيز القيم الإيجابية ونبذ السلبية منها.
وقال عبيدات في كلمتة الافتتاحية، إن الجامعات الأردنية مطالبة بأن تكون صانعة للمعرفة لا مستهلكة لها، حيث لم يعد مطلوبًا منها أن تدرس وتدرب وحسب، إذ كانت عبر الأعوام الستين الماضية منارات فكرية وسياسية أثبتت استثمارها الهائل في العلم والثقافة وكونها عنصرا مهما في تحقيق رفاهية الشعب والأمة، ليمتد تأثيرها الى بقاع أخرى في العالم، وعليها الآن البحث عن مستقبل آتٍ يكفل تحقيقه العمل الجاد والتفكير العلمي والتشخيص الحقيقي للواقع والتحديات.
وأشار إلى أن السلطة في هذا العصر لم تعد حكرا على أحد، حيث انتهت العلاقات الهرمية القاسية بين أصحاب السلطة والآخرين، وباتت العلاقات تتسم بطابع أفقي أكثر من العمودي، في عالم يؤمن بالفكر والإبداع والابتكار ومهارات الحوار والاتصال والتفكير الناقد وتتجلى فيه سلطة العقل.
وأضاف عبيدات أن الدولة الأردنية، رغم ما مر به العالم في السنوات الثلاث الماضية، وصلت مرحلة جيدة في عملية تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية عززتها إرادة جلالة الملك، والإرادة الشاملة التي أظهرتها الحكومة والمؤسسة التشريعية والأردنيون، في سعي لخلق مؤسسات وطنية تتميز بالإدارة الإنتاجية المتميزة والكفاية والقدرة التنافسية القادرة على تحقيق الرفاه والعدل والمساواة للناس جميعا.
وأكد عبيدات على أن نجاح الجامعات في استيعاب المتغيرات التي عصفت بالعالم، وقيامها بدورها المثير في قيادة عملية تحديث الدولة والمجتمع، وعبور الدولة الأردنية للمئوية الثانية هي أهم عوامل النجاح وعودة الثقة في مؤسسات الدولة واقتصادها باعتبار ذلك بداية حتمية للتقدم، حيث أصبح لزاما على الجامعات أن تكون الأولى بقيادة هذا التوجه الجديد في العمل السياسي، دون تفريط بالقيم الجامعية والأكاديمية، والبحث في معادلة متوازنة لتطوير العمل الحزبي داخل الجامعات الأردنية التي تضمن أقصى مستويات الحرية لكوادر الجامعات وطلبتها دون أن تؤدي إلى انعكاسات قد لا تحمد عقباها، لتكون الجامعات موطنًا لكل الأحزاب والتيارات السياسية طالما التزمت بالثوابت الوطنية و الأخلاقية، وحافظت على الحيادية بوصفها مؤسسات أكاديمية لها كينونتها وشخصيتها.
بدوره، قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة إن عملية التحديث السياسي تتطلب نشر ثقافة الديمقراطية في مجتمعاتنا المحلية ولدى الأجيال الجديدة، وإحداث ثورة حقيقية في التعليم تعمل على تحديث المناهج وإعادة تأهيل المدرسين وتجديد أساليب التعليم، من أجل التخلص من أسلوب التلقين الذي يجعل الطالب أحادي التفكير، والانتقال إلى أسلوب يخدم تطوير التفكير النقدي العلمي لديه، ويجعله منفتحا على أفكار وآراء الآخرين، ويساعده على إدراك أن الحوار هو الوسيلة للتعرف إلى أفكار جديدة، وأن الحقائق ليست مطلقة بل نسبية، وأن التوصل إلى حلول وسط مع الآخرين هي الطريقة المثلى لحل الاختلافات والتناقضات، لافتا أن كل ذلك يمكن تحقيقه فيما لو فهمنا بوضوح أن التعددية التي يطالب بها الجميع تعني الاعتراف بوجود وجهات نظر أخرى مطروحة ويجب التعامل معها، فالحقيقة ليست كتلة صلبة يحتكرها طرف واحد، بل إنها نسبية، والحوار وحده هو الذي يمهد للوصول إلى الحقيقة الفعلية، أي الممكنة، والتي تجعل العمل المشترك عقلانيا وممكنا.
كما أكد المعايطة على أن وظيفة الطالب الأساسية هي التعلم، إلا أن من حقه ممارسة النشاط الذي يرغب به سواء أكان ثقافيًّا أم سياسيًّا، وأن هدف تنظيم العمل الحزبي التأكيد على حق الطالب في أن يكون حزبيًا دون تعرّضه لأي ضغوطات أو مساءلة أو عقوبات، ودون أن يؤثر ذلك أيضًا على حق زملائه في التعلم، وهذا تحديدا ما يحتاج إلى التنظيم.
يُذكر أن الخلوة، والتي قدمها نائب رئيس الجامعة الأردنية للشؤون الدولية وشؤون الجودة والاعتماد ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور زيد عيادات، وحضرها عدد من رؤساء الجامعات وعمداء شؤون الطلبة وطلبة من مختلف التخصصات إلى جانب مجموعة من الإعلاميين، ستناقش ثلاثة محاور رئيسة.