صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
لا أدري كيف أصف المشاعر المختلطة التي انتابتني عند مشاهدتي لأحد عمال الوطن وهو يتخذ زاوية من الشارع العام ، حيث كان يلتهم بنهم وشهية رغيف “خبز حاف “، بعد أن طواه ثلاث طيات ، مرتديا قفازاته ، وقد انتزع كمامته عن فمه وأنفه ، متكئا على “عربته الخضراء “، التي اسند بها مكنسته ومجحافه (مجروده) .
توجهت مسرعة نحوه، حيث اتخذ مكان استراحته ، بعد تناوله لقمة تسند طوله في مكان ليس ببعيد من محلات البقالة المسموح لها البيع المباشر للمواطن، الذي فرض عليه الحظر من قبل الحكومة لصالحه ولمصلحته .
وقفت وعجز لساني عن النطق ، هل أنهره عما يفعله ؟ لما فيه من خطورة على حياته ، أم أكتفي بطلب الصحة له ، ثم احذره من خطورة ما يقوم به على صحته ؟!
أخذت أحدث نفسي ، هل تملكه الجوع لهذا الحد ، حتى نسي التعليمات الصحية التي تُليت عليه من مكان عمله ؟ هل خانته الذاكرة بأن عليه أن يخلع قفازاته ويغسل يديه بالماء والصابون قبل أن يتناول الطعام ، ويلمس وجهه وفمه وعينيه ؟ هل ..وهل ..وهل … ؟!
أخذني تفكيري بهذه الفئة العزيزة على قلوبنا ، التي لم تتوقف عن العمل منذ أن تم الحظر علينا ، إلا في يوم الحظر الشامل ، وظلوا يمارسون عملهم في جمع القمامة من أمام البقالات ومحلات الخضار والفواكه ، ويكنسون الشوارع ، عدا عما يقومون به من خلال الفرق التي تعقم شوارعنا واحيائنا ، أو السيارات الضاغطة للنفايات التي تجوب الشوارع صباح مساء ، وكل ذلك للابقاء “على المدينة ومنازلنا نظيفة حتى نتمكن من القضاء على الفيروس الذي يعشق الميكروبات ، وتعد النظافة من ألد اعدائه .
الجميع منشغل في انجاح الغاية من الحظر ، وملتزم ببيته وبالتعليمات التي تبقي الفيروس بعيدا عنه ، وانشغلنا بتعقيم انفسنا ومنازلنا ، ونحرص على اخراج القمامة في الأوقات المحددة من قبل أمانة العاصمة لجمعها على فترتين صباحا ومساء ، إلا أننا نسينا هذا الفئة التي يقع على عاتقنا حماية افرادها من المرض والحفاظ على سلامتهم ، فلم نعد نَذكرهم ب” كأس شاي ” ، ولا بتقديم الطعام بعد مراعاة وسائل النظافة والسلامة لهم ، خاصة في ظل اغلاق محال الساندويشات التي كانت تسعفهم خلال ساعات عملهم ، علينا أن نسعى للمحافظة على سلامتهم و صحتهم ليبقوا رمز الجند الذين يحرصون على نظافتنا وحمايتنا، وأن نرد لهم العناية بالعناية، وأن نرعاهم ونفكر بهم ونمنحهم جزءا من وقتنا ، وأن نشرح لهم المخاطر التي تواجههم خلال عملهم الذي يقومون به لأجلنا واجلهم ولأجل مدينتهم التي ينتمون اليها .
علينا جميعا الالتفات لهذه الفئة العزيزة علينا ، بالتوعية والحماية، وعلينا أن نتعاون لرعايتهم ومساندتهم لأنهم منا وحقهم علينا .
عمال الوطن .. حماكم الله
Jaradat63@yahoo.com