صراحة نيوز – كتب علاء الذيب
في فقه السياسة ، ان الاصلاح والفساد نقيضان وضدان لا يلتقيان ، اي ان اغلب المسيرات والاعتصامات والحراكات والوقفات الاحتجاجية التي خرجت تنادي بالاصلاح ومكافحة الفساد يجب ان تكون جميعها متلاقية على هدف واحد ، وان لا تكون تسير في عكس التيار.
الا ان في الاردن حالة غريبة عجيبة ، وهي ان من يطالب بشيء ويتحقق يغض النظر عنه ، ولا يشكر صاحبه او يثمن موقفه ، فكيف لنا بمعارضة صحية تشكر اذا احسن صانع القرار ، وتنتقده بحال اخطئ.
في السنوات الاخيرة ، خرجت علينا اصوات تطالب بعدم قبول صفقة القرن ، وان لا يكون الاردن وطن بديل ، وعلت الاصوات كثيرا ، واصبح ديدن الخروج للشارع ، واستخدمته الاحزاب حجة لبقاءهم في الشارع ، وكان في كل مرة يخرج الملك ويؤكد ان الاردن لن يقبل بالوطن البديل، ولن يوافق على صفقة القرن .
عاد الشارع الى طبيعته ، مع بقاء مجموعة من الناشطين على الدوار الرابع ، متمسكين بمطالبهم الاصلاحية واهمها عدم قبول الصفقة والوطن والبديل ، وهو ما دفع الملك لانهاء الامر وعدم بقاء الشارع في وسط الشائعات ، ووجه لهم رسائل نهاية كان اخرها من مدينة الزرقاء عندما قال ان هناك ضغط على الاردن وضغط من الخارج لكنه يعلم ان الشعب معه وهو ما يدفعه ان موقفه سيبقى ثابتا تجاه الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية في القدس ، ومن ثم وجه رسالة اخرى بزيه العسكري والتلويح به “بكلا” كلا على القدس ،كلا على وطن بديل كلا على التوطين ، الامر الذي يشار اليه ان الاردن يمكن له استخدام قوته العسكرية بحال استدعى الامر لذلك .
لن اخوض كثيرا بتأكيدات الملك ورفضه القاطع لصفقة القرن والتوطين والوطن البديل ، لكنني ساخوض بمن طالب بعدم القبول بصفقة القرن والوطن البديل ، وعند خروح الملك وتأكيده لم نشاهد احدا منهم في الشارع يؤيد قرار الملك ويدعم موقفه ، وما زال البعض يتشدق بمطالبه التي لا تنم عن اية حنكة في السياسة او المعارضة.
في تركيا التي يتغنى بها اغلب المعارضون ، يخرج الشعب الى الشارع لتأييد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، وهنا نقول الشعب موالاة ومعارضة ،لانهم يقدمون المصلحة العامة على اي مصلحة اخرى.
في الاردن ، يصدر الاخوان المسلمين بيانات متتالية ومؤتمرات لا مثيل لها للمطالبة بعدم قبول صفقة القرن ، والمطالبة بان لا يكون الاردن وطن بديل ، وعند حديث رأس الهرم ان الاردن لن يكون وطن بديل يلتزموا الصمت ، ولا نرى منهم الا الهدوء والسكينة ، بالرغم ان الاردن يتعرض لغضوط من اجل حظر جماعتهم ووضعها على قائمة الارهاب ، وهو ما يرفضه الاردن معتبرا اياهم شركاء في اتخاذ القرار ولهم وزنهم السياسي والاجتماعي ، لكن صمتهم في تأييد صاحب القرار يعطي مؤشرات سلبية للبعض بعدم قدرتهم على التعامل مع الظروف السياسية الحالية ، وهي رسالة اخرى يمكن للبعض ان يتهمهم انهم موجهين من منبع تأسيسهم وليسوا اصحاب اقرار مستقل.
في الاردن غابت المعارضة والاحزاب عن المسيرات التي خرجت لتأييد الملك على موقفه ، وكأن المعادلة السياسية تشير سنبقى نعارض ونهتف لتحقيق مصالحنا تحت شعارات الاستعطاف والتركيز على مبدأ الاشاعة.
في الاردن هناك ملك يرفض بقوة ان تكون بلاده جسرا لعبور اي صفقات على حساب شعبه ، ويتحمل كافة الضغوط من اجل بقاء وطنه سالما من اي شر .
نهاية ؛ نحن بحاجة الى معارضة حقيقية تنتقد وتؤيد وتدعم صاحب القرار في المطالبات التي نتغنى بها ، بعيدا عن فلسفة السياسات الموجهة، وان تكون لدينا معارضة نابعة عن حب واخلاص لتراب بلدها لا لكسب مزيدا من المصالح والتفاوضات.