صراحة نيوز – يترقب الأردنيون منذ أكثر من عشر سنوات الوعود الحكومية بإحداث نقلة نوعية في أداء ميناء العقبة وتحويله إلى منطقة سياحية كبرى توفر الآلاف من فرص العمل بعد أن وقعت حكومة رئيس الوزراء السابق المهندس نادر الذهبي في 2008 اتفاقية كبرى مع شركة المعبر الإماراتية.
ولم تجد تلك الوعود طريقها للتحقّق على الرغم من تنفيذ الشركة الإماراتية لتعهداتها وضخ الأموال الضرورية لتطوير الميناء القديم. وتنتظر شركة المعبر، مثلما ينتظر الأردنيون، أن تتولى السلطات تنفيذ الاتفاق وتسليمها الميناء.
ولا تقدم سلطات الميناء أي تفسيرات مقنعة لسبب التأخير، مكتفية في كل مرة بتحديد موعد مؤجل للتسليم، وحين يحين ذلك الموعد تعمد إلى التأجيل مرة أخرى دون مبررات واضحة سواء للشركة الإماراتية أو للأردنيين الذين ينتظرون ميلاد مشروع عملاق يساهم في إخراج الاقتصاد الأردني من الركود ويحدّ من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت إلى موجة من الاحتجاجات.
وكان من المفروض تسليم الميناء لشركة المعبر الإماراتية في 2013 بحسب الاتفاقية الموقعة بين البلدين في 2008 بقيمة 500 مليون دولار لشراء 3200 دونم في الميناء الرئيسي (القديم) ومحيطه، لإنشاء مشروع “مرسى زايد”، ولكن لعدم جاهزية الميناء الجديد، يتم تأجيل التسليم عاما بعد آخر.
وبعد وعود بأن يتم التسليم في أبريل الماضي، عادت سلطة الميناء ومن ورائها الحكومة الأردنية ثانية إلى المماطلة.
وحسب الاتفاقية، فإنه في حال التأخر في تسليم الميناء يتم دفع بدل إيجار لشركة المعبر، لكن الشركة “سامحت” أو تنازلت عن هذه الغرامات في سياق حسن النية والعلاقات المتينة بين الأردن والإمارات، وفي ظل مناخ خليجي راغب في دعم الأردن ماليا واستثماريا للخروج من وطأة الأزمة الاقتصادية. وبالتالي، فإن الميناء يتم استخدامه مجانا منذ سنوات.
ولتبرير هذا التأخير في الإيفاء بتعهداتها، تروج الجهات الأردنية التي لها علاقة بالمشروع أن الشركة الإماراتية لم تكن مستعجلة على تسلم الميناء، وأن مشروع “مرسى زايد” ليس هو المشروع السياحي الوحيد المعطل في الأردن، وأن هناك مشاريع معطلة أخرى.
ويسود اعتقاد لدى مسؤولي الشركة الإماراتية بأن سلطة الميناء تتصرف بأن الاستثمارات صارت على الأرض وأن الأموال الخاصة بتطوير الميناء ومرسى زايد أنفقت، فتعمل على المماطلة.
وقال مصدر أردني مطلع على ملف الاستثمار طلب عدم ذكر اسمه “تتكرر هذه الطريقة في التعامل مع المستثمرين الأجانب كثيرا في الأردن، فيتم تقديم الإغراءات والتسهيلات أولا، ثم تبدأ المماطلة وتغيير قواعد التعامل بحجج مختلفة”.
وكان رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة السابق كامل محادين قد أشار إلى أن “الحكومة الأردنية هي من طلبت من نظيرتها الإماراتية القدوم إلى العقبة والاستثمار فيها”.
كما رافق ذلك تعهد أردني بإزالة كافة المعوقات أمام شركة المعبر، فضلا عن إيصال الكهرباء والماء للميناء.
ويقدر إجمالي العوائد السنوية المباشرة وغير المباشرة المتتالية للحكومة الأردنية عند اكتمال المشروع بحوالي 200 مليون دينار سنويا، في حين سيستقبل المرسى البواخر السياحية التي تقلّ أكثر من 250 ألف سائح سنويا. كما سيؤمن المشروع ما بين 15 و17 ألف فرصة عمل في المنشآت المختلفة التابعة له.
وقال المصدر الأردني “من دون الميناء الجديد ومنشآته فإن الحديث عن التجارة مع العراق عبر الأردن سيكون معطلا أيضا”.
وتطالب شركة المعبر الجهات المعنية بحسم أمر التسليم بشكل نهائي وتحديد موعد دقيق لتتمكن من تنفيذ برنامجها، محذرة من أن المماطلة تعيق ما وضع من رهانات حكومية على المشروع لتحفيز حركة الاستثمار والتجارة في الأردن.
ويتخوف الأردنيون من أن مثل هذه السياسات الطاردة للاستثمار الأجنبي، وخاصة من دول داعمة للأردن وحريصة على مساعدته بشكل دائم، قد تعيق الحلول الجدية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالرغم من التغيير المستمر للحكومات، وأنه لا بد من مواجهة الجهات النافذة، ولوبيات الفساد التي تعطل المشاريع وتدفع المستثمرين إلى الهروب.
العرب