صراحة نيوز – بقلم ايهاب سلامة
أنا المواطن العربي الفقير إلى الله، أتقدم لك بالأصالة عن نفسي، والنيابة عن ملايين الشعوب العربية والاسلامية التي لم تكلفني صراحة بالحديث اليك، بجزيل شكرنا وعرفاننا، على قرارك الأخير باعلانك مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، عاصمة لكيان مارق تسميه أنت “اسرائيل” ..
أشكرك يا فخامة الرئيس من قلبي ، فقد أسهمت دون قصد منك، باعادة الروح لو لحظة للشعوب العربية التي ماتت نخوتها ذا غفلة من الزمان عن قضيتها المركزية، فأعدتها أنت الى واجهة الاحداث مجدداً، وذكرّت الغافلين فيهم بمدينتهم المقدسة، مثلما كشفت لهم حقيقة انحيازكم المطلق، لكيان ارهابي محتل غاصب، وعريّت سياسات بلادكم الجائرة بحقنا، فكيف لا نثني عليك ونشكرك ؟.
فخامة الرئيس :
ربما تتهمني كمسلم بكراهية أمريكا كما أعلنت سابقاً زوراً كراهية المسلمين لبلدك، فاسمح لي أن أبلغك أنني رجل يعشق أمريكا، وناس أمريكا البسطاء الطيبين، ولا أخفي عليك أنني أترنم بموسيقى الجاز ، واستمتع بعذوبة صوت “سيلين ديون”، وتقاسيم الساكسفون الساحر، في الاغنية الامريكية التاريخية “كارلس ويسبر” ..
اسمحلي ان أكذب ادعاءك يا فخامة الرئيس، فنحن لا نكره أمريكا، بل تبهرنا حضارتها المتقدمة شئنا أم أبينا على العالم كله، مثلما يبهرني ولا أخفيك انحناءات ثغر “انجلينا جولي” الفاتن حد الهذيان، فاعذرني !
نحن يا فخامة الرئيس، لا نكره أمريكا بل سياسات أمريكا وساستها، ونكره قدرما شئت قراراتها الجائرة بحقنا.. نكره طائراتكم الحربية، وقنابلكم الانشطارية، وصواريخكم التي كانت تحوّل رؤوس أطفالنا في العراق الى شظايا مطحونة، نعم نكرهها، مثلما نكره أكثر انحيازكم لكيان محتل سلب منّا مقدساتنا وأوطاننا عنوة، وارتكب مجازر ومذابح لا يمكن لعقل بشري تخيل فظاعتها ..
ربما لا يمكن لمعتقداتك السياسية البراغماتية يا فخامة الرئيس أن تدرك بأن قرارك بالنسبة لمليار ونصف مليار مسلم، قرار مضحك بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا يساوي حبر قلمك.
جفاف حلقك، وتأتأة لسانك، والتوتر الذي بدى على وجهك الشاحب بشكل غير مألوف عنك وأنت تتلعثم معلناً أن مدينة القدس عاصمة لكيان الاحتلال، كشف خوفك، وخطيئتك التي حاولت عبثاً رغم تصنعك الجبروت اخفاؤها !
وربما لا تعلم يا فخامة الرئيس أن فلسطين من نهرها الى بحرها جينات تسكن في دمنا .. كروموسومات وراثية تتناقل مسؤولياتها أجيال تلو أجيال، ووصمة عار احتلالها الذي يندى له جبين مئات ملايين الشعوب المتربصة المترقبة يوماً تزيل فيه عارها .. فالثأر عند العربي، ربما لا تدركه فخامتك، متوارث بالفطرة، وهو بحكم التنفيذ مهما تأخر الزمان أو تبدل وتأجل !..
والقدس يا فخامة الرئيس، أمانة ربّانية في اعناق مئات ملايين الشعوب العربية والمسلمة، بمقدساتها المسيحية والاسلامية، تتجافى جنوبهم في المضاجع خشية ملاقاة ربهم وعار احتلال أولى قبلتهم يطاردهم ليوم يبعثون ..
واهنون نحن الان وتعلم، مثلما وهن غربك المتحضر في عصوره الوسطى تسعة قرون عجاف، وعاد .. كما نعود يوماً قريباً مقضيا، فعجلة التاريخ لمن يعي لغزها تدور دوائرها، وتلك الايام نداولها بين الناس ..
…….
فخامة الرئيس : كيف حالك اليوم ؟، وكيف أحفادك الثلاثة الغوالي على قلبك ؟.
تخيل يا دولة الرئيس، ان أحفادك الصغار ولدوا في قطاع غزة ! ..
عاشوا في بيت حانون .. أو خان يونس ورفح ودير البلح، وتخيل : بعد لحظات من الان، تحلّق طائرة حربية صنعت في ولاية نبراسكا الأمريكية، يقودها طيار “اسرائيلي” مجنون بسرعة الموت، تتحضر بعد ثانيتين أو ثلاث، لافراغ حمولتها من القنابل فوق منزل أحفادك الثلاثة وهم البراءة عينها، يرجفون هلعاً ورعباً، ويختبؤون في أحضان أمهم الواجلة ايفانكا !.
تخيل بربك ما هو ذنبهم ؟.
تخيل يا دولة الرئيس انك “فلسطيني” ! .. ترامب الفلسطيني، ولدت كما سلالة أجدادك من قبلك في مدينة تسمى القدس، نشأت هناك حتى بلغت من العمر عتيا، تحت سطوة بنادق الاحتلال، لا ذنب لك، ولا جريمة منك، سوى أنك (فلسطيني)..
تخيل وتخيل ..
جاء الى مدينتك الآمنة فجأة قطعان عصابات متوحشة من شتات الكون، احتلوا مدينتك، بكنائسها ومساجدها، نسفوا بيتك، ذبحوا أمك أولادك أحفادك، وابنتك .. طردوك منها نحو الشتات وادعوا أنه ليس وطنك !؟
تخيل يا “ترامب الفلسطيني” .. أن يقرر فجأة رئيس دولة تسيطر على الكون تدعى (أمريكا)، بأن بيتك ليس بيتك، ووطنك حق لمغتصبك، تخيل !؟
ماذا تفعل ؟ ..
اخبرني بمنطق الرجال أن كنت رجلاً بالله عليك : تُسلّم أم تقاوم محتلك ؟!