صراحة نيوز – بقلم د صبري الربيحات
الشارع الأردني لم یعد متفقا على أي شيء. السیاسة والاقتصاد والثقافة والریاضة والتربیة والفن والتقالید موضوعات یختلف علیھا الأردنیون ویعبرون عن مواقفھم بجرأة وحدة تصل إلى حد الخروج على ما ألفه الناس في ھذا المجتمع الذي بني على التعددیة واستوعب القادمین له من خلفیات عرقیة ودینیة وثقافیة متنوعة.
الانفتاح الثقافي الأردني لم ینجح في التخفیف من حدة ردود أفعال الجماعات والافراد على ممارسات وسلوك الآخرین. الكثیر من الانفعال المصاحب لتعلیقات وردود افعال الافراد على ما یرد من اخبار الفن والثقافة والسیاسة عائد إلى تدھور الاوضاع الاقتصادیة والنقمة الدفینة على صانعي السیاسات في الحكومات المتعاقبة.
الخوف من المستقبل والقلق الناجم عن تدھور الاوضاع عوامل اساسیة في تغذیة مشاعر العداء والرفض لكل ما یخالف افكار وآراء وقیم وتوجھات اصحابھا. في مجتمع یعیش ثلث سكانه تحت خط الفقر ویعاني غالبیة أهله من اعباء القروض واقساط التعلیم والصحة والاجور لا یجد الناس مساحة للتقبل ولا یثقون في التغییر وتستولي على ارواح الكثیر منھم حمى
الحنین إلى الماضي والھجرة تجاه العشیرة والطائفة والدین.
تھافت الناس على محطات الوقود للاستفادة من عرض الخمسة دنانیر الذي اعلنت عنه إحدى الشركات واغلاق الشوارع المحیطة بھذه المحطات كان شاھدا مھما على ما آلت اليه الاوضاع وحاجة الناس إلى أي حافز یخفف من أعبائھم ومعاناتھم.
في الریف الأردني اصبحت حملات دروب الخیر وتوزیع المدافئ والاحذیة على طلبة مدارس القرى مناسبات یجتمع حولھا الرعاة والمتطوعون والجمعیات المحلیة بعفویة تتجاھل احتمالات التأثیر على قیم وعلاقات وبنیة ونسیج المجتمعات التي تتوجھ لھا الحملات.
بالامس وعلى استحیاء استقبل الأردنیون عید الحب حیث احتفلت بعض شرائح الشباب والعشاق والازواج بإحیاء المناسبة التي یقبل المحبون فیھا على تبادل الھدایا المزینة بالقلوب والورود الحمراء وعبارات الحب والعشق والوفاء. في الوقت الذي انشغل فيه العشاق باحتفالاتھم وتغلیف الدببة وعلب الشوكلاته والورود الحمراء التي ارتفعت اسعارھا ونفدت قبل ان یكتمل نھار العید انھال الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ممن لا یؤمنون بالعید ولا الحب على طریقة الفالنتاین بالنقد والھجوم والتجریح الذي طال المناسبة ورموزھا والفئة التي تحییھا.
في الأردن كما في الكثیر من المجتمعات العربیة والاسلامیة یبدو الناس منقسمین في مواقفھم حیال المناسبة، فالبعض یرى فیھا خروجا على السیاق الثقافي للأمة فینتقدون الحب والاحتفال بھ وفكرة الافصاح عنه باعتباره مخالفا للتقالید التي تدین المجاھرة في التعبیر عن الحب او استخدام المفردة في الفضاء العام وخارج حدود مؤسسة الزواج.
على الجانب الآخر یرى الكثیر من الشباب والاسر وبعض شرائح المجتمع اھمیة المناسبة في شحن العلاقات بطاقة الحب وتجدید الوعد باستمراره، فیصرون على احیاء ھذا الیوم مستعینین بكل الرموز التي تساعدھم على التواصل مع من یحبون.
ثنائیة الحب واللاحب یواجھھا المجتمع والافراد في ھذا الیوم وفي كل یوم. البعض ینصت جیدا لصوت نزار قباني وھو یلقي بإحساس وقوة “ اختاري الحب او اللاحب…فجبنا ان لا تختاري