صراحة نيوز – كتب د. حازم الناصر
لا تستحق المملكة العربية السعودية الهجمة التي تعرضت لها بسبب قرار «أوبك+» والمتضمن خفض الإنتاج بواقع ٢ مليون برميل يوميا، والذي من الممكن أن يكون من الناحية النظرية فقط، لأن بعضاً من دول المنظمة لن تلتزم بهذا التخفيض.
قرار أوبك أتى بناء على دراسات للعرض والطلب في ظل شبح ركود اقتصادي قادم سيخيم على كثير من دول العالم. وعلى الرغم من إعلان خفض الإنتاج والبالغ ٢ مليون برميل يوميا، إلا أن أسعار النفط لم ترتفع وبقيت ضمن المعدلات المعقولة والتي تقارب أسعار النفط قبل الحرب الروسية-الأوكرانية.
النفط بالنسبة للمملكة العربية السعودية استقرار ومدخل رئيسي لعوائدها المالية وموازنتها المالية، وأي نقص في أسعار النفط عن حدود معينة سيضع المملكة في جانب الاقتراض لأنه وببساطة عند سعر ٥٠ دولاراً/ برميل تغطي المملكة الأجور والرواتب للعاملين والمتقاعدين وتحتاج سعر ٨٠ دولاراً لتحقيق توازن في موازنتها والتي لم تشهد فائضاً منذ العام ٢٠١٤، بمعنى أنها كانت تقترض المليارات كديون لسد العجز خلال تلك السنوات الماضية بسبب انخفاض أسعار النفط وتبعات جائحة كورونا وتعليق إجراءات العمرة للأجانب، لا بل اضطرت حكومة المملكة العربية السعودية إلى اتخاذ اجراءات تقشفية في العام ٢٠٢٠ بحيث مست الحياة اليومية للمواطن السعودي حيث قامت برفع ضريبة القيمة المضافة من ٥٪ الى ١٥٪ وكذلك الغاء بدل المعيشة لموظفي القطاع العام وتأجيل عدد كبير من مشاريع الرؤية للعام ٢٠٣٠ بسبب إجراءات التقشف التي تهدف إلى تقليل العجز في الموازنة العامة.
قرار «أوبك+» اتخذ باجماع الدول الأعضاء بالمنظمة ولم يكن قرارا سعودياً-إماراتياً واتخذ القرار بناءً على حسابات ونماذج رياضية-اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار العرض والطلب في أسواق النفط العالمية في ظل ركود اقتصادي محتمل أو قادم ولم تكن المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة سبباً في ذلك، حتى وإن كان هنالك تبعات سياسية وحسابات دولية لنتائج القرار كما يعتقد البعض.
من حق هذه الدول العربية أن تهتم بمصالحها الوطنية والمتمثلة باستقرارها المالي، لا بل أن هنالك مصلحة عربية لنا جميعا في ذلك لأن الدول العربية المصدرة للنفط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت هي من تساعد الدول العربية ببرامج اجتماعية وبنية تحتية وعمالة وبدون أن نستثني أي دول عربية من ذلك وعلى مدى عقود ماضية. لا بل أن الخير العربي تعدى إلى ما وراء البحار ليشمل معظم دول العالم الفقيرة، وخاصة في القارة الإفريقية وآخرها المساعدة الخيرة والمجزية من المملكة العربية السعودية لأوكرانيا والتي بلغت ٤٠٠ مليون دولار.
إذا صح الاعتراض على مبدأ حماية الدول لمصالحها المالية بسبب تأثر الدول الأخرى بإجراءاتها المؤسسية، فيحق لنا نحن الدول محدودة الموارد بالمقابل الاعتراض على ارتفاع أسعار القمح والأعلاف والزيوت النباتية بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، والتي تحملنا تبعاتها من حيث ارتفاع الأسعار الجنوني والتضخم دون أن يكون لنا شأن في هذه الحرب الدائرة التي دمرت البنى التحتية واقتصاديات كثير من دول العالم.