صراحة نيوز – كتب الزميل محمود قطيشات
الفاتحة … على روح ملكة
اسمها علياء طوقان
وعلى روح ملك
اسمه الملك حسين
في مثل هذا اليوم ٩ شباط
عام ١٩٧٧
قطع راديو عمان بثه الاعتيادي فجأة
وصار يبث فقط ايات
من القرآن الكريم
لحظتها ادركنا ان أمرا
جللا قد حدث
بعدها بدقائق معدودة
خرج علينا الملك الغالي
على الجميع
الملك الرزين الوقور الحكيم
حلاّل المشاكل لا صانع المشاكل
الذي قلبه على شعبه
وليس ضد شعبه
كانت دموعه تسبق كلماته
وبصوته الحنون الرخيم
أعلن للأردنيين
لكل الأردنيين نبأ استشهاد
حبيبة الشعب
الراقية الأصيلة
الملكة علياء طوقان
بنت الاصل والنسب والحسب
في حادث سقوط
المروحية التي كانت تقلّها
هي وكوكبة من الأوفياء
للوطن اثناء جولة لتفقّد
أحوال أهلنا في الجنوب
الملكة علياء ليست كأي
ملكة
احببناها لأنها
اردنية فلسطينية
جمعت الشعبين على المحبة والوفاء
لم تنهب مال الشعب
ولم تستغل عائلتها منصب
ابنتهم
لم نسمع عن اخ لها سرق
مقدرات البلد
ولم نسمع عن خال لها
او عن عمّ لهط ثروة
الشعب
لم تشترِ ذمم الصحفيين
الزنادقة ليقال عنها
انها اجمل الجميلات
ولم تظهر على الشواطيء
الوسخة بالبكيني
ليقال عنها ملكة الجمال
ليس لها اصدقاء
الا الملك حسين
زوجها وحبيبها
والشعب الذي بادلها الحب
بالحب
وزاد على ذلك جزيل
الاحترام لها
الملكة علياء حين سقطت
طائرتها
او أُسقطت والله أعلم
فعالم السياسة عالم قذر
لا مجال فيه للعواطف
جرحت قلوب كل الأردنيين
لأنها كانت نصيرة المواطنين
لم تتدخل بالسياسة
ولم يسجّل عليها انها احرجت الملك في اي موقف
تركت السياسة لأهل السياسة
وتركت التعليم لأهل العلم
والمعرفة
كانت مع المعلم وليس ضد المعلم
حساباتها بالبنك صفر
كانت تقول انا أغنى انسانة
بالكون
الا يكفيني انني زوجة اروع ملك
الا يكفيني حب الشعب لي
فالملك هو ثروتي
والشعب الاردني هم عزوتي
هذه الملكة التي جمعت
الناس على حب الاردن
وسعت لإدخال الفرحة
على كل بيت
ورسم البسمة على شفاه
كل الأردنيين
يحق للملك ان يبكيها
ويحق لكل اردني من كل المكونات ان يرثيها
وان يذكر مناقبها ناصعة البياض وان يعتز بتاريخها
وتاريخ اهلها
ماضيا وحاضرا ومستقبلا
علياء طوقان بنت نابلس
مدينة الحضارة والتاريخ
توأم السلط والكرم ومعان واربد والمفرق والكرك
الملكة المحترمة المحتشمة في لبسها
وفي سلوكها وفي تفكيرها
كيف لها وهي سليلة عائلة
كريمة
عائلة طوقان
معروفة الحسب والنسب
يوم التاسع من شباط
عام ٧٧
كان ابو راكان
سليمان خريسات
وهو ايامها من اكثر
مقاولي البناء شهرة وأمانة
في محافظة البلقاء
ومعه أربعة من العمال
يقومون ببناء غرفتين اضافيتين
امام منزلنا في السلط
وعندما أعلن الملك وفاة
ملكة القلوب الراقية الرائعة
نفض ابو راكان يديه من بواقي الطين والأسمنت
وقال للعمال
ضبّوا العِدّة
غسلوّا ايديكو وألله يعطيكوا العافية
قلت له
طيب يا ابو راكان
والجَبْلِة اللي تركتوها شو اعمل بيها
خليّ العمال يكمّلوها وبعديها يروّحوا
ابو راكان المعروف عنه الهدوء وطولة البال
نرفز وقال
يا زلمة الملكة عليا ماتت
انت عارف شو معنى الملكة عليا ماتت
يا زلمة منو ظل له نفس
يشتغل او حتى يشرب كاسة ميّة
هذا هو الحب الحقيقي
للملكة التي لن يجود الزمان بمثلها
وهذه الملكة التي كان لها
تأثير السحر الحقيقي
في قلوب الأردنيين
وليس تأثير السحر المغاربي
وهذا هو الملك حسين
حبيب كل الأردنيين
الذي يحق لنا ان نعنقر
به وان نفتخر به وان نبكي على رحيله
الملك الذي أبهر العالم
بحنكته وقوة شخصيته
لم يكن تاجرا
ولم يكن فاسدا
ولم يكن مراهقا
ولم يكن مقامرا
كان ملكا بحق وحقيق
شعاره …
وطن واحد
شعب واحد
والاردن خط احمر
ان ذكرى إسقاط او سقوط
طائرة ملكة القلوب
فتّح جروحي
وأدمى قلبي
يومها كان الاردن على مد
البصر
دولة وحضورا
واليوم الاردن
ويا حسرة على الاردن
اصبح مرتعا للبرامكة
وملاذا للصوص
ومزرعه للحبايب والنسايب
ولكل من خان الملح
والعيش
سلام على ملكة وان ماتت
فذكراها باقية لن تموت
على عكس غيرها
فهي قد ماتت في نظرنا من زمان
الفاتحة على روح الاردن
وكاسك يا وطن
