صراحة نيوز – سلّطت صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» الألمانية، الضوء على الأزمة الخليجية والأضرار الفادحة التي ستترتب عليها في حال استمرت الدول المقاطعة فرض حصارها على دولة قطر.
ونشرت الصحيفة مقالاً بعنوان «ثمن أزمة قطر» لراينر هاينريش رئيس قسم الشرق الأوسط والعالم العربي في الصحيفة التي تعد من أكبر الصحف الألمانية وأشهرها: إن «الأزمة الخليجية الراهنة تخفي خلفها أخطاراً جسيمة لكافة أطرافها».
وأوضح أن «الشركات العالمية التي وثقت بالبلدان الخليجية كأماكن آمنة ستتحفظ على الاستثمار هناك، والسائحون سيفكّرون ملياً بقضاء عطلاتهم القادمة في أبو ظبي ودبي، كما ستزيد صعوبة جذب القوى العاملة المتخصصة والمميزة من الخارج لهذه المنطقة المتأزمة».
وحذّر هاينريش من أن أزمة الدول الخليجية الثلاث مع جارتها قطر باتت تهدّد وجود مجلس التعاون الخليجي باعتباره الآلية الوحيدة الفاعلة للتعاون بالعالم العربي. ولم يستبعد الكاتب من تفكّك المجلس بعد تضاؤل دوره في السنوات الماضية نتيجة رفض عُمان تحويله لاتحاد نقدي واندماج أعضائه عسكرياً، فيما رفضت الكويت ذات التجربة البرلمانية الناجعة إملاءات جارتها، ورفض السعودية لطلب الإمارات بجعل أبو ظبي مقراً للبنك المركزي
وأشار هاينريش إلى أن قطر تتوافر لها قدرات مالية كبيرة تجعلها قادرة على تحمّل حصار جيرانها لأطول وقت، وأن إخراج الدوحة من مجلس التعاون الخليجي سيدفع القيادة القطرية لعدم مراعاة حساسية دول الجوار في سياستها الخارجية المستقلة.
ورأى أن محاولة عزل قطر باتت أشبه بكرة ضخمة سيرتد أذاها الماحق على من لعبوا بها خاصة السعودية، وأن المقاطعة والحصار سيدفعان قطر للاقتراب أكثر من إيران التي تتولى حالياً مع تركيا إمدادها بالمياه والمواد الغذائية.
وأكد هاينريش أن «السعودية التي فشلت حتى الآن عبر سياستها المعادية لقطر بتعزيز دورها القيادي في العالم العربي، ستستمر في دفع ثمن فادح إن أصرت على المضي بهذه السياسة».
وتوقع الكاتب تداعيات كارثية للأزمة الراهنة على رؤية 2030 التي تبناها ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، لافتاً إلى أن الأزمة مع قطر كشفت أن السلطة لحكام الدول الخليجية أهم ألف مرة من النمو والتوجه الليبرالي.
وتابع بأن الاستقرار بمنطقة الخليج عموماً وفي السعودية خصوصاً يتوقف بشكل رئيسي على نجاح التحول الاقتصادي والمجتمعي في السعودية، مؤكداً أن هذا التحول يعتمد على آليات تلزم السكان بدفع الضرائب وتفتح لهم باباً للمشاركة المجتمعية والسياسية.
واختتم هاينريش حديثه بالقول إن «سياسات السلطات الحالية جعلت فرصة هذا التحول تتضاءل إلى أدنى الحدود، ولن تحقق مزيداً من الرخاء، وسوف تفضي إلى الاحتقان والاضطراب».