صراحة نيوز – الذكرى الـثانية والخمسين لهزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة عام 1967 ، والتي انتهت بسيطرة الاحتلال على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والجولان ، تغير وجه الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في تلك الحرب بفعل ما تعرضت له من عمليات نهب وسرقة للأراضي من خلال مصادرة مساحات واسعة منها لصالح اقامة المشاريع الاستيطانية ، حيث تم تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق عسكرية واستيطانية وأراضي دولة ومحميات طبيعية لتسهيل عمليات الاستيلاء على الارض وتحويلها الى مجال حيوي للنشاطات الاستيطانية على امتداد العقود . وقد شهدت الضفة الغربية تمددا استيطانيا لا يتوقف حتى تجاوز عدد المستوطنات 158 مستوطنة فضلا عن مئات البؤر الاستيطانية ، التي أخذت حكومة اسرائيل على عاتقها شرعنتها ، إما من خلال الاعتراف بها مستوطنات جديدة او الاعتراف بها كأحياء لمستوطنات قائمة وتوزعت المستوطنات على محافظات الضفة الغربية فكان عددها في القدس 24 وفي رام الله 30 والخليل 21 وبيت لحم 15 واريحا والاغوار 16 وطوباس 8 وجنين 6 ونابلس 12 وسلفيت 15 وقلقيلية 8 وطولكرم 3 ، وتجاوز عدد المستوطنين 750 الف مستوطن بتوزعون بين 250 الف مستوطن في القدس ومحيطها و500 ألف مستوطن في بقية محافظات الضفة الغربية . اضافة الى ذلك أخذت حكومات اسرائيل وبلدية موشي ليون في القدس المحتلة على عاتقها رعاية ودعم عمليات تهويدها التي تجري على قدم وساق بضوء اخضر امريكي وخاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها مما اعتبرته حكومة الاحتلال مبررا للمضي قدما في تهويد المدينة المقدسة وكذلك الجولان السوري المحتل حيث اعترفت ادراة ترمب بسيادة اسرائيل عليه في تحد صارخ لجميع القوانين الدولية .
وتواصل حكومة اسرائيل دعمها غير المحدود للمستوطنين على مختلف الأصعدة ، حيث عيّن بنيامين نتنياهو ، رئيس الوزراء الإسرائيلي ، أحد قادة المستوطنين آفي روه ، في منصب مساعد وزير الجيش لشؤون الاستيطان. وبحسب مصادر عبرية، فإن نتنياهو التقى روه الذي كان مسؤولا عن مجلس مستوطنات رام الله سابقا ، وتمنى له النجاح في مهمته الجديدة.
وما زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تمضي قدما في مشاريعها الاستيطانية عبر مصادرة اراضي الفلسطينيين والتي كان آخرها الاسبوع الفائت قرار سلطات الاحتلال ، الاستيلاء على 511 دونما من اراضي قرى: بورين، وعراق بورين، وكفر قليل، جنوب نابلس. حيث اودعت مخططا يقضي بالاستيلاء على هذه المستحة من حوض رقم 15 في المناطق المسماة خلة الشيخ احمد والمشالح، من اراضي قرى بورين وعراق بورين وكفر قليل؛ بهدف توسعة مستوطنة “براخا”.
وتواصل سلطات الاحتلال سياسة التضييق على المواطنين في محافظتي الخليل وبيت لحم بوسائل متعددة ، حيث أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بوقف العمل ووضع اليد على قواعد لمد خطوط كهرباء الضغط العالي في منطقه بيرين شمال مدينة يطا جنوب الخليل ، مخصصة لتزويد سكان تلك المنطقة بالكهرباء ، حيث تاتي هذه الاخطارات ضمن سلسلة من الإجراءات الاحتلالية التي تهدف الاستيلاء على أراضي المواطنين وتوسيع رقعة الاستيطان من خلال الضغط على السكان وأصحاب الأرض من الفلسطينيين لدفعهم على الرحيل وكانت قوات الاحتلال قد استولت في وقت سابق من هذا الشهر على شبكة المياه التي تزود سكان تلك المنطقة بالمياه، ضمن خططها العسكرية لترحيل السكان.كما منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، المزارعين بمنطقة “غزيوي” في مسافر يطا جنوب محافظة الخليل من الوصول إلى أراضيهم لجني محاصيلهم الزراعية. والقريبة من مستوطنة “سوسيا” المقامة على أراضي المواطنين لجني محاصيلهم ، فيما استولت الجمعية الاستيطانية “كيرن كييمت” على أربعة دونمات من أراضي المواطنين في بيت جالا في منطقتي المخرور والقصير ، واستصلحتها وزرعتها ووضعت أسلاكا شائكة في محيطها ، من أجل وضع بيوت متنقلة “كرفانات” فيها مستعينة بمجموعات من جمعية “الكاكال” الاستيطانية. فيما وضعت قوات الاحتلال ومهندسين ومساحين تابعين لها مؤخرا إشارات في خلة الدالية في قلب بلدة نحالين ، بهدف شق طريق استيطاني وربطه بشارع رقم 60 الاستيطاني الملتف حول (بتير وحوسان ونحالين ووادي فوكين ، التي تشكل جزءا مما يطلق عليه قرى العرقوب ، ويبلغ مجموع سكانها نحو 20 الف نسمة) وصولا الى مستوطنة “بيتار عليت” المقامة على اراضيها ، ومن ثم العمل على توسيعه ليصل الطريق الواصل بين نحالين وحوسان وإغلاقه وفتحه فقط امام المستوطنين اضافة الى توسيع هذا الشارع ليضم الشارع الذي يصل قرية بتير ببلدة الخضر بعد مصادرة اراض منها.
ولا تقيم اسرائيل وزنا للمواقف الدولية المناهضة للاستيطان وتواصل تجاهل هذه المواقف بما في ذلك الموقف الذي اعلنه الاتحاد الأوروبي تعقيبا على قرار وزارة ” الاستيطان ” الإسرائيلية ، طرح مناقصة الاسبوع الفائت لبناء 805 وحدات استيطانية في القدس المحتلة ، والذي أكد المعارضة الشديدة لسياسة الاستيطان الإسرائيلية ، بما في ذلك القدس الشرقية، وهي أمر غير قانوني وفقا للقانون الدولي ، وأكد أن “سياسة الاستيطان وتوسيعها في القدس الشرقية تقوض إمكانية ما يسمى حل الدولتين ، واعتبار القدس عاصمة للدولتين ، باعتبارها الطريقة الواقعية لتحقيق السلام الدائم والعادل “.
وفي القدس المحتلة صادقت ما تسمى ” اللجنة للبنى التحتية القومية ” الإسرائيلية ، بعد رفض الاعتراضات على مشروع إقامة سلال هوائية إلى حائط البراق (ما يطلق عليه الاحتلال “حائط المبكى “) والذي تعمل عليه وزارة السياحة وما تسمى ” سلطة تطوير القدس “. وبعد المصادقة على المشروع ادعت اللجنة أن “المشروع يقدم حلولا حقيقة لمشكلة الوصول الصعب للحوض الجنوبي الشرقي للبلدة القديمة ، حائط البراق وباب المغاربة وما يزعم أنها مدينة داوود ، واستجابة للمتنزهين والسكان والسائحين .وبحسب المخطط ، فإن مسار السلال الهوائية يصل إلى 1400 متر، ويشمل 3 محطات تبدأ من المستعمرة الألمانية (قرب الطالبية ) ثم جبل صهيون ، والمحطة الأخيرة في باب المغاربة، كما يضم 73 عربة (سلة) هوائية. وبحسب المخططين فسيكون بالإمكان نقل نحو 3 آلاف شخص في الساعة في كل اتجاه
ولا تدخر سلطات الاحتلال وبلدية موشي ليئون جهدا في تشجيع عمليات الاستيلاء على اراضي وممتلكات الفلسطينيين بما في ذلك الاوقاف الاسلامية والمسيحية في القدس بمختلف الوسائل بما في ذلك التواطؤ مع صفقات مشبوهة مع الجمعيات الاستيطانية العاملة في المدينة ، حيث تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية هذه الأيام في الاستئناف الذي قدمته بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية طعناً في مصادقة أحدى المحاكم الاسرائيلية على عملية الاستيلاء على عقارات باب الخليل لصالح جمعية استيطانية ، بالرغم من إثبات البطريركية بان عملية التسريب حصلت بأساليب غير شرعية وملتوية . ويتصل الامر بحماية املاك الكنسية في باب الخليل ، وخصوصاً فندقي الإمبريال والبتراء ، والحفاظ عليها من تبعات الصفقة المشبوهة بعد أن اختار القضاء الاسرائيلي الوقوف إلى جانب الجمعية الاستيطانية ومراوغة الفريق القانوني للجمعية الاستيطانية وإخفائه لوثائق وإثباتات عن المحكمة لتسهيل صدور قرار يعتمد صفقة التسريب . يذكر أن أملاك الكنسية في باب الخليل (ميدان عمر بن الخطاب تعتبر المدخل الرئيسي لكنسية القيامة ومدخل لكافة البطريركيات وكنائسها ويترتب على المساس بهذه الأملاك تأثيرات سلبية على الوجود المسيحي في المدينة المقدسة وفق تقديرات بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية . وكان غبطة البطرق قد أرسل رسائل إلى رؤساء الدول وإلى العالم المسيحي اجمع ، ولمحبي السلام دعا فيها الى العمل من أجل حماية الإرث الكنسي المسيحي في مدينة القدس المستهدفة من جمعيات الاستيطان اليهودي المدعومة من حكومة الاحتلال وبلدية موشي ليئون .
على صعيد آخر شهدت القدس المحتلة اقتحامات لباحات المسجد الأقصى قام بها مستوطنون بحراسة من الشرطة الإسرائيلية،بعد قرار المحكمة العليا والشرطة الاسرائيلية بالسماح بمسيرة “رقصة الأعلام” في شوارع البلدة القديمة والتي كانت قد دعت لها ما تسمى “منظمات الهيكل” اليهودية للمشاركة في اقتحام المسجد الأقصى تزامنا مع احتفالاتهم فيما يسمونه “يوم القدس ” أو “توحيد القدس” في إشارة إلى ذكرى احتلال إسرائيل الجزء الشرقي من مدينة القدس .وقد صاحب هذه المسيرة إغلاق جيش الاحتلال جميع المداخل المؤدية إلى البلدة القديمة من القدس المحتلة، إضافة إلى عدة شوارع في محيطها، بذريعة تأمين مسيرة المستوطنين، وانتشر المئات من عناصر شرطة وقوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة، وأجبرت التجار الفلسطينيين على اغلاق محلاتهم التجارية ، كما اجبرت التجار في شارعي صلاح الدين والمصرارة القريبين من البلدة القديمة ايضا على إغلاق محلاتهم التجارية
.
وفي هذا الاطار قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان إن مهمته تتمثل بضمان دخول اليهود إلى المسجد الأقصى “بحرية وأنه أصر على هذا الهدف . وعلى الرغم من حدوث مواجهات مع المصلين المسلمين في الأقصى فلم يأمر بوقف دخول المستوطنين إلى ساحات الأقصى وشدد على أن “الأقصى سيبقى مفتوحًا بوجه من يرغب بدخوله من أي ديانة كان وبخاصة لليهود الذين يحيون ذكرى توحيد القدس حسب زعمه وأن شرطة القدس عملت كل ما بوسعها للسماح لليهود بدخول الأقصى” على حد تعبيره. فيما قال رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي ادلشتاين ، خلال خطاب في ذكرى احتلال القدس ، إن الواقع في القدس “غير عقلاني” و”غير ديمقراطي” و”غير يهودي”، وهو ما يعتبر دعوة مبطنة من قبله للعودة لمشروع التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك. وعلق على قمع شرطة الاحتلال للمصلين والمعتكفين، قائلا: “لن نتسامح مع المسلمين مثيري الشغب في القدس، ولن نسمح لهم بفعل ما يريدون ”
وفي الانتهاكات الاسبوعية التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الارض كانت على النحو التالي في فترة اعداد التقرير :
القدس : أدت مجموعة من المستوطنين صلوات تلمودية استفزازية وعلنية أمام المسجد الأقصى المبارك من جهة باب الغوانمة. وقد وفرت عناصر من الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال وحرس حدود للمستوطنين الحراسة والحماية خلال أدائهم شعائرهم وطقوسهم التلمودية .فيما انطلقت المسيرة السنوية لآلاف المستوطنين من القدس الغربية باتجاه القدس الشرقية، رافعين الاعلام الإسرائيلية والشعارات العنصرية، احتفالًا باحتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس عام 1967.وقامت قوات الاحتلال بإغلاق عدة شوارع وطرقات رئيسية في مدينة القدس المحاذية للبلدة القديمة، لتسهيل تحركات المستوطنين خلال مسيرتهم التي يطلق عليها مسيرة “رقصة الأعلام”. وانطلق المستوطنون بمسيرتهم باتجاه باب العمود مرورا بباب الخليل والباب الجديد، وخلال ذلك شكلوا حفلات الرقص والغناء، كما ثبتوا مكبرات صوتية على مدخل ساحة باب العمود .
بيت لحم : اقدمت قوات الاحتلال الاسرائيلي على اغلاق الطرق الالتفافية والشوارع المحيطة بقرى الولجة والخضر وحوسان والمؤدية الى نحالين ووادي فوكين غربا وبلدة بيت فجار جنوبا اضافة الى الطريق المجاور للانفاق المقام على اراضي بيت جالا امام حركة السير لساعات طويلة حيث اقامت حواجز عديدة في هذه الطرقات لمنع المركبات من المرور وذلك لإقامة مارثون للمستوطنين القاطنين في المستوطنات المقامة على اراضي غرب وجنوب وشمال بيت لحم. وقد أدى هذا المارثون الى تكدس مئات المركبات العربية في طوابير طويلة اضافة الى الاستفزازات ومنع المواطنين من الحركة لا سيما وان المشاركين فيه رفعوا لافتات سياسية ضد المواطنين الفلسطينيين وبعضها يدعو الى طردهم من اراضيهم
رام الله: احترقت مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون خلال قمع قوات الاحتلال الاسرائيلي لمسيرة قرية بلعين الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري بعد أن أطلق جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة باتجاه المسيرة، ما أدى الى اصابة عدد من المشاركين بالاختناق، واحتراق مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون.
نابلس: في ظل توفر الحماية المتواصلة من قبل قوات الاحتلال للمستوطنين اضرم مستوطنون من البؤرة الاستيطانية “عادي عاد”، و” واحيا ”، النار بحقول زراعية في قرية جالود جنوب نابلس في أول أيام عيد الفطر حتى تحولت مساحات من أراضي القرية إلى لوحة سوداء، بعدما أحرقها مستوطنون لتكون النهاية إعدام نحو ألف شجرة زيتون . فقد هاجم حوالي 12 مستوطنا ملثما مدرسة جالود الثانوية ، وألقوا الحجارة على نوافذها ثم أشعلوا بساتين الزيتون في مئات الدونمات حيث أتت النار على أكثر من 1000 شجرة زيتون، عمرها أكثر من 65 سنة، تعود لأكثر من عشر عائلات .
إعداد: مديحه الأعرج/المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان