تشعر الأمهات بالقلق الشديد عند ذهاب أطفالهن للمرة الأولى إلى المدرسة، ويفكرن في جميع الأحداث والسيناريوهات المتوقعة التي يمكن أن يواجهها أطفالهن، مثل عدم قدرتهن على حماية أبنائهن، ويتساءلن هل سيشعر أطفالهن بالوحدة والخوف أم سيتمكنون من التأقلم والتحدث واللعب مع باقي الأطفال؟
في هذه الأجواء الجديدة كليا على طفلك، يمكنك مساعدته للتأقلم مع الأوضاع الجديدة بتعليمه كيفية تهدئة نفسه عند الشعور بالغضب أو الضيق أو الوحدة، وكيفية تسمية مشاعره وتخفيف التغيرات الجسدية الناتجة عن هذه المشاعر.
وقبل التعرف على مهارات التهدئة الذاتية، هذه بعض النصائح التي تساعد الأمهات على تعليم أطفالهن:
شاركيه ممارسة المهارات
لا يمكن للطفل أن يعلِّم نفسه بنفسه من دون تجربة، بل يحتاج أن يمارس المهارات بمشاركة الأم، وأن يكرر الخطوات اللازمة التي تساعده على التهدئة وقت الانفعال.
فمهارات التهدئة الذاتية تحتاج إلى الكثير من الممارسة -تماما مثل أي مهارة أخرى- حتى يتمكن الطفل من ملاحظة واستكشاف مشاعره وأفضل طرق التعبير عنها.
انتبهي إلى العلامات
تقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب هو المفتاح لتعليم الطفل المهارات، فيمكن للأم أو الأب تخفيف أو منع المواقف الضاغطة إذا انتبها جيدا لإشارات الطفل واستجابا لها.
ولذلك يجب مراقبة سلوكيات الطفل للتعرف على أعراض نوبات الغضب المتوقعة، مثل التعب والجوع والملل والنعاس. فعندما يبدأ في إظهار علامات الدخول في حالة الانفعال، قومي بتهدئته وطبقي المهارات معه لمساعدته على تخفيف التوتر والغضب.
هنا يؤكد الطبيب النفسي ديف أندرسون لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية، على ضرورة التدخل في مرحلة مبكرة، ويقول “لا تنتظر حتى ينفجر الموقف للتدخل، وجّه الطفل إلى استخدام مهارات تنظيم المشاعر”،
ويؤكد الخبراء أن تصحيح السلوك يصبح مستحيلا عندما يكون الأطفال في حالة انهيار عاطفي.
تجاوبي معه
تساهم التفاعلات اليومية التي تعزز التعلق الآمن في تعلم الطفل كيفية إدارة مشاعره. وعند الاستجابة لاحتياجاته فإنه يتعلم أنه مهم ويبدأ بالحوار وتتشكل علاقة بينه وبين والديه. كما أن الثبات والاتساق في المعاملات يعلمهم الثقة بالآخرين.
وبحسب “الجمعية الأميركية لعلم النفس” (American Psychological Association)، فإن الأطفال الذين يتمتعون بعلاقات آمنة مع والديهم لديهم قدرة أكبر على تعلم وممارسة الإستراتيجيات الفعالة لتنظيم مشاعرهم، بما في ذلك القدرة على التهدئة الذاتية.
تحلي بالصبر
يحتاج طفلك إلى مساعدتك لتهدئة نفسه وتنظيم مشاعره، فهو يتعلم من خلال التجربة والخطأ. لكن مع تقدمه في السن وإتقان هذه المهارات ستجنين ثمار جهودك ويصبح طفلك أقل اعتمادا على الآخرين.
شاركيه مشاعرك
يشعر الآباء أحيانا أنهم بحاجة إلى حماية أطفالهم من عواطفهم، لكن المشاركة والانفتاح أثناء لحظات الغضب أو الإحباط يمكن أن تكون تعليمية.
تقول جازمين مكوي، أخصائية نفسية للأطفال والأسرة، إن “قضاء بعض الوقت في تهدئة نفسك ووصف ما يحدث في جسمك، وكيف تعرف أنك تشعر بما تشعر به، هي تجربة قوية للغاية”.
كوني قدوته
حتى تتمكني من مساعدة طفلك على إدارة مشاعره وتهدئة نفسه، يجب أن تمارسي أنتِ أولا هذه المهارات، وكوني نموذجا فعالا يحتذى به.
وهذه بعض المهارات لمساعدة طفلك على تهدئة نفسه:
تسمية المشاعر
“يجب أن توضح نوع مشاعرك حتى تتمكن من إدارتها” هذه عبارة لعالم النفس دانيال جاي سيغل، يستخدمها المتخصصون لتنمية مهارات الأطفال.
هذه العبارة تؤكد أهمية تعليم الأطفال كيفية تحديد وتسمية مشاعرهم حتى يتمكنوا من فهم ما يمرون به والتعبير عنه وتحديد ما يحتاجونه لتخفيف حدة الشعور.
ويمكن أن تبدئي أولا بتعليمه المشاعر الأساسية، مثل الغضب والحزن والسعادة والخوف، ثم الانتقال إلى مشاعر أكثر تعقيدا، مثل الإحباط وخيبة الأمل والقلق والوحدة.
وتوصي الأخصائية النفسية جازمين مكوي بقراءة كتب بسيطة تحتوي على صور لأطفال آخرين وهم مبتسمون أو ضاحكون أو عابسون، لأن مثل هذ النوع يأسر انتباههم.
وتشير دراسة نشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب (National Library of Medicine) بشأن تعرف الرضع على مشاعر الآخرين، إلى أن الأطفال يمكن أن يبدؤوا في التعرف على مشاعر الآخرين منذ بلوغهم 6 أشهر فقط.
ضبط التغيرات الجسدية
يمكن للأطفال أيضا ضبط أجسادهم وملاحظة الانفعالات الجسدية التي تصاحب مشاعر معينة، ويساعده ذلك على تحسين فهمهم لكيفية تأثير عواطفنا على أجسامنا وعلى كيفية الاتصال بين العقل والجسم.
فعند ملاحظة تغيرات جسدية مثل احمرار الوجه أو تسارع ضربات القلب وتغيير تعبيرات الوجه، يمكن تعليم الأطفال ضرورة الاستعانة بأدوات الاسترخاء لتهدئة هذه التغيرات وتخفيف حدة الشعور، مثل التنفس بعمق وغسل الوجه بالماء البارد وشرب المياه.
التنفس بعمق
يعتبر التنفس العميق ضمن الطرق الأكثر فعالية لتهدئة الأطفال وتقليل معدل ضربات القلب عند الانفعال.
ويمكن شرح ذلك بشكل مبسط بتوجيه الطفل إلى وضع يده على بطنه والتنفس من خلال الأنف لمدة 3 ثوان حتى يشعر بحركة التنفس هذه من خلال ارتفاع يده وهبوطها، ثم إخراج الزفير من فمه لمدة 3 ثوان، على أن يكرر هذا التمرين 4 مرات.
الحركة
الحركة وسيلة رائعة لتوجيه الطاقة العصبية، وإطلاق مادة الإندورفين التي تحسن مزاجنا. ويمكن أن تساعدي طفلك على تعلم القفز إلى الأعلى والأسفل 10 مرات، وعلى الركض بضع لفات، أو فعل أي شيء حسب الظروف المحيطة به.
وقت مستقطع
علمي طفلك أن بإمكانه أخذ وقت مستقطع حتى يتمكن من تهدئة نفسه، وذلك بالابتعاد عن الموقف الذي سبب إثارة مشاعره -إذا أمكن ذلك- وأخذ بضع دقائق لاستعادة هدوئه.
نشاط مهدئ
شجعي طفلك على التلوين أو الرسم أو الانخراط في نشاط آخر يهدئه عند الانفعال، حتى يشعر بتحسن.
السلوكيات غير الآمنة خط أحمر
يجب أن يتعلم الأطفال أنه إذا كانت جميع المشاعر -السلبية والإيجابية منها- مقبولة ومفهومة، فإن السلوكيات ليست جميعها مقبولة.
لذلك من المهم وضع حدود واضحة بشأن السلوكيات العدوانية أو غير الآمنة عند الانفعال مثل رمي الأشياء أو كسرها أو التعدي على أحد، أو السب.
قولي لطفلك “لا بأس أن تشعر بالغضب، لكن ليس من المقبول أن تضرب أي أحد”. إن ذلك يساعدهم على معرفة أن لديهم قدرة للتحكم في أفعالهم عند الانفعال.
المصدر : مواقع إلكترونية