لقاء “الفكر العربي” يناقش أهمية دراسة المصادر المحلية في تاريخ الأردن وأبعاد الثورة العربية الكبرى

6 ديسمبر 2017
لقاء “الفكر العربي” يناقش أهمية دراسة المصادر المحلية في تاريخ الأردن وأبعاد الثورة العربية الكبرى

* د. أبو الشعر: المذكرات والمصادر المحلية تطرح

صورة الواقع الاجتماعي والاقتصادي للسكان ومواقفهم

* د. أبو الشعر: أهالي الأردن قدموا تضحيات كبيرة

خلال الحرب الأولى وكانوا طليعة الثورة العربية الكبرى

* د. أبوحمور: التحرر والاستقلال والنهوض مفاهيم

نشأت من صميم التجارب التاريخية للأردنيين والعرب

* د. أبوحمور: دراسة المراحل التاريخية الفاصلة تكشف

عن تبلور الشخصية الأردنية وطنياً وقومياً وإنسانياً

عمّان- استضاف منتدى الفكر العربي في لقائه، مساء الأربعاء 6/12/2017، الكاتبة والباحثة الأكاديمية في التاريخ الحديث أ.د. هند أبو الشعر عضو المنتدى في محاضرة بعنوان “الأردن في الحرب العالمية الأولى: مذكرات رجال الثورة العربية الكبرى مصدراً”، قدمت فيها رؤية منهجية في إطار محاولة إعادة كتابة تاريخ الأردن في تلك المرحلة باستنطاق المصادر المحلية، وتوظيفها لدراسة المجتمع الأردني الذي بدأ بالنهوض مع شمس فكر الثورة العربية الكبرى والدولة الوطنية.

أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام للمنتدى د. محمد أبوحمّور الذي أشار في كلمته إلى أن د. هند أبو الشعر وعدد من الباحثين والمؤرخين الأردنيين المتميزين توجهت جهودهم لدراسة التاريخ الأردني قبل تأسيس الدولة والكيان السياسي عام 1921 وبعده، والكشف عن مصادر مباشرة أو غير مباشرة كالمذكرات، التي تعتبر مصدراً ثانوياً في كتابة التاريخ لكنها في الوقت نفسه هي مصدر على درجة كبيرة من الأهمية، لما تشتمل عليه المذكرات في موضوعنا من معلومات وتفاصيل حول الحياة الاجتماعية للشعب الأردني وأوضاعه وكيف تأثرت بمجريات الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، بأقلام أبنائه وليس بأقلام أجنبية من الخارج.

وأضاف د. أبوحمور أن البحث في الجوانب المتعلقة بالثورة العربية الكبرى يتناول إسهامات أبناء هذا البلد في التاريخ الحديث والمعاصر، من خلال دورهم المهم في الثورة العربية الكبرى، التي شهد الأردن على أرضه أهم معاركها وعملياتها العسكرية، وبالتالي وصول الجيش الشمالي بقيادة الأمير فيصل بن الحسين إلى دمشق، وإعلان أول دولة عربية مستقلة في العصر الحديث عام 1918، كان الأردن جزءاً منها. لكن لم يقدر لهذه الدولة أن تستمر أكثر من عامين وانتهت بدخول القوات الفرنسية إلى دمشق، وفق ما تم الاتفاق عليه بين القوى الكبرى في ذلك الحين بريطانيا وفرنسا.

كما أشار د. أبوحمور إلى أن الوقائع التاريخية في تلك الفترة تكشف عن أهمية مذكرات عدد من العسكريين العرب الذين شاركوا في الثورة العربية وكانت لهم أدوارهم البارزة في الحركة العربية بعد ذلك، إنْ كان في الأردن أو في بعض البلدان العربية كالعراق وسورية وفلسطين. وأن الحرب العالمية الأولى بمجمل أحداثها كان لها تأثيرات على موارد المجتمع واقتصادياته، مما يعطي صوراً واقعية عن تضحيات المجتمع وتأثره نتيجة ذلك في موارده المادية والمعيشية وزراعته واقتصادياته حينذاك.

ودعا د. أبوحمور إلى استمرار البحث والتدقيق في تلك الحقبة التاريخية، لما فيها من مؤشرات على تبلور الشخصية الوطنية في العصر الحديث ومواقفها واتجاهاتها الإنسانية والقومية، مشيراً إلى أن الأردنيين وأهل بلاد الشام من أقوى المدافعين عن رسالة النهضة العربية الكبرى والنهوض بها، بعد أن عانوا من نكبات الحروب وأكبرها تلك الحرب العالمية، التي أكلت الكثيرين من أبنائهم كضحايا لها، وأدت إلى زعزعة مصائرهم، وألقتهم عرضة للجوع والفقر والضعف في الموارد، ومن ثم فإن التحرر والاستقلال والنهوض مفاهيم نشأت من صميم التجارب التاريخية في الوجدان الأردني، وهي ليست طارئة عليه.

وقالت د. هند أبو الشعر في محاضرتها: إن الرؤية المباشرة للأحوال في الأردن في أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918 م) وبعد مرور قرن تام عليها ، تستند إلى مجموعة من المصادر المحلية التي لم تُدرس من قبل، وتركز على كتب المذكرات التي نشرها جملة من المشاركين في الأحداث العسكرية لمعارك الثورة العربية الكبرى مع جيش الشمال على أراضي الأردن، وللمصادر المحلية أهمية خاصة لأنها مباشرة، وتطرح الواقع الاجتماعي والاقتصادي وعلاقة الدولة العثمانية في أواخر أيامها بالأهالي، في حين تركز كتب المذكرات على الأحداث العسكرية وعلى المواقف الفردية.

وأضافت د. أبو الشعر أنه يتضح من هذه المصادر مجتمعةً أن أهالي الأردن قدموا خيرة الجيل من شبابه وقوداً لميادين الحرب، وقد تم رصد أعداد وأسماء الذين ذهبوا للقتال من قرى قضاء عجلون في بلاد المسكوب والبلغار واليونان والرومان، وغالبيتهم لم يعودوا، وكانت بعض العائلات تفقد أبناءها الشباب في الميادين العسكرية، وفي الوقت نفسه تعطلت الحياة الزراعية وهي عماد حياة الأهالي بسبب سوق الرجال للعسكرية، وفقدت مقومات الحياة اليومية من طعام ووقود ومواد أساسية، في الوقت الذي ازداد ضغط الدولة على الأهالي بمصادرة الحبوب والدواب والذهب، وانتشرت الرشاوى، وطاردت عناصر الدرك المطلوبين للعسكرية، مما ألجأ الشباب إلى الفرار من الخدمة فوسموا بـ “الفرارية”، وكانوا يتعرضون للإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاص بلا رحمة، وكان الخوف من السلطة ومن يمثلها هو الجامع لكل أطراف بلاد الشام، حيث تعرض الأحرار وأصحاب الفكر والقلم للشنق والمطاردة والترهيب وتكميم الأفواه، ونفيت العائلات بأسرها من بيوتها وأوطانها، في الوقت الذي بدأت فيه طلائع الثورة العربية الكبرى تصل إلى العقبة مع الجيش الشمالي بقيادة الأمير فيصل بن الحسين والأمير زيد بن الحسين، وانضمت إلى الجيش العربي فئات عسكرية متميزة من العراقيين من جمعية العهد الذين درسوا في مدارس اسطنبول العسكرية، ومن السوريين والفلسطينيين و اللبنانيين إضافة إلى الحجازيين واليمنيين.

وأوضحت د. أبو الشعر أن أهالي الأردن من العسكريين كانوا من فئتين: القيادات مثل محمد علي العجلوني وعلي خلقي الشرايري، والأنفار وهم الغالبية العظمى من التوايهة والحويطات والصخور ومن أهالي الطفيلة والشوبك ومريغه وغيرها من القرى، وكانت قياداتهم من شيوخهم الذين يعرفون الأرض وما عليها بمهارة، ويلاحظ أنه لم تتم دراسة أعداد أهالي الأردن المشاركين في معارك الجيش الشمالي ، وتمّ التركيز على دور الشيوخ مثل عودة أبو تايه، لكن عند العودة إلى مذكرات الأمير زيد بن الحسين والتي نشرها سليمان الموسى يمكن معرفة حجم مشاركة كل قبيلة على حدة، ومشاركة الفلاحين من أهالي القرى، بتتبع ما سجّله الأمير زيد في مذكراته من دفع معاشات كل قبيلة على حدة، إذ تبين لنا أن المشاركة الأردنية كانت كبيرة بالقتال والمساندة الميدانية، وكلها جوانب يجب أن تدرس من جديد .

وأشارت د. أبو الشعر إلى أنه سيصدر لها قريباً كتاب جديد يتناول تاريخ الأردن في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918م بالاعتماد على المصادر المحلية.

الاخبار العاجلة