صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
بعد الاحتفال في توقيع إتفاقية السلام في واي رفر، يوم الجمعة 23 أكتوبر 1998 في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض، كتب جورج تنت مدير المخابرات الأمريكية ( CIA ) في كتاب مذكراته الذي يحمل عنوان ( في قلب العاصفة ) انطباعه التالي عن الملك حسين :
” في اليوم التالي على حفل التوقيع، تناولت أنا والسيدة ستيفاني الغداء على انفراد، مع الملك حسين والملكة نور، في منزلهما بشارع رفر رود في بوتومك، غير البعيد جدا عن منزلي. قال لي الملك: ( إني فخور حقا بما قمت به في تلك المفاوضات ). لكن بالنسبة إليّ، كان الملك هو من يستحق التهنئة. فقد كان حضوره في أثناء المفاوضات بطوليا، نظرا لتدهور صحته.
وتوفي الملك حسين بعد ذلك يثلاثة أشهر ونصف. وقبل وفاته بنحو شهر، توجهت إلى مايو كلنك لرؤيته. كانت ستيفاني قد أعطتني بعض الزيت المقدس من كنيسة المهد في بيت لحم، وطلبت مني أن أقدمها إلى الملكة نور وأبلغها بأننا نصلي لحدوث أعجوبة. وقبل أن يتوفى الملك تجشم عناء توجيه رسالة شكر مؤثرة إلى ستيفاني على التفاتتها.
طالما شعرت عندما اكون مع الملك حسين، أنني في ( حضرة حكمة التاريخ )، ومع ذلك عندما التقيت به للمرة الأولى في قصره، توجه نحو السيارة التي أوصلتني وفتح الباب ينفسه وقال لي : ( صباح الخير يا سيدي، يسعدني أن ألتقي بك ). ترك في نفسي قوله لي ( يا سيدي ) أبلغ الأثر، وما أنا سوى شخص عادي من كوينز.
كنت في الثانية والأربعين في ذلك الوقت، وجديد على منصبي، وحديث عهد في (حضرة أسطورة). وغالبا ما تساءلت في السنين التي أعقبت ذلك، عن التأثير الذي كان يمكن أن تحدثه حكمته في مساعدتنا جميعا، على تجنب الفوضى التي نجد فيها أنفسنا اليوم “.
* * *
التعليق :
• نعم إنه الحسين طيب الله ثراه، الذي كان يحمل حكمة التاريخ، ويمخر بالأردن عبر الأمواج المتلاطمة في بحار الشرق الأوسط، فوصل بنا في ذلك الوقت إلى شاطئ الأمان، وبني المؤسسات الوطنية التي شكلت علامة فارقة في دولة محدودة الموارد. وجعل من الأردن لاعبا هاما وأساسيا في سياسات الشرق الأوسط.
• وبعد وفاة الحسين قال الرئيس كلينتون في برقية عزائه : إن الكلمات لا يمكنها أن تعبّر عما كان الملك حسين يعنيه، بالنسبة للشعب الذي قاده قرابة نصف قرن.
• مادلين أولبريايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة من يناير 1997 إلى يناير 2001 فقد سؤلت عن سبب توقفها في عمان خلال زياراتها للشرق الأوسط في بداية عهدها وفي نهاية عهدها، فأجابت قائلة : ” كنت في الحالة الأولى أتوقف هناك لتلقي الحكمة، وفي الحالة الثانية للاستراحة “.
رحم الله الحسين الباني وأدخله فسيح جناته، راجيا أن يمدنا الله تعالى بالعزم والأمانة، لنحافظ على الإرث الوطني، الذي تركه الحسين بأيدينا، مصونا من الفساد والضياع . . !
التاريخ : 12 / 12 / 2019