د . بدران : الورقةُ النقاشية السادسة حسمت الموقف حول مفهوم الدولة المدنية
المصري : فكرة الدولة المدنية تتمتع بإجماع وطني وتواجه بقوى الشد العكسي
الطويسي : الورقة النقاشية السادسة حسمت مدنية الدولة الأردنية
المعشر : الدولة المدنية ضد الدولة السلطوية
مولا : الورقة النقاشية السادسة الضامن لتفعيل سائر الأوراق النقاشية
الساكت : مجتمع المواطنة الذي يُؤمن بالمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة
دودين : الأوراق النقاشية الخمس الأولى توجت بالورقة النقاشية السادسة
صراحة نيوز – – ماجد القرعان – بدات صباح اليوم الإثنين في جامعة البترا أعمال ” مؤتمر الدولة المدنية في فكر جلالة الملك عبدالله الثاني ” الذي تنظمه مؤسسة ابصار للمؤتمرات وقسم العلوم التربوية بجامعة البترا بمشاركة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية من الاردن وعدد من الدول العربية .
وخلال المؤتمر الذي رعاه مندوبا عن رئيس الحكومة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي أكد المتحدثون أن الدولة المدنية ليست ضد الدين، “بل حامية لجميع الأديان والمعتقدات، وتقف في وجه من يكفر أو يخون أو يحاول قسرا تفصيل المجتمع على قياسه فقط”، مشيرين بهذا الخصوص الى أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني “تشكل معاً رؤية وخارطة طريق لبرنامج تنموي طموح: سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً”.
جاء ذلك خلال انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الأول بعنوان “الدولة المدنية في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني”، في جامعة البترا والذي رعاه مندوباً عن رئيس الوزراء هاني الملقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي.
واعتبر المستشار الأعلى لجامعة البترا رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران أن الورقةُ النقاشية السادسة حسمت الموقف حول مفهوم الدولة المدنية، بأنها الدولة التي يعيش في كنفها أفراد ومجموعات سكانية تتنوع أجناسها ومنابتها وعقائدها ومذاهبها، ويتعدد فكرها السياسي، قائلا “إن ذلك يشكل ثراءً للتنوع والتعددية”.
وقال بدران إن الورقة النقاشية السادسة جاءت لمعالجة الخلل الذي أصاب المجتمع العربي مقتبسًا من كلام جلالة الملك قوله “تعمقت النزاعات والحروب، وانهيار الدولة، وتفسخت مجتمعاتها العربية، نتيجة الفشل في بناء الدولة المدنية القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وحماية حقوق الإنسان”، وأضاف بدران أن “الدولة الفاشلة في العراق وسوريا وليبيا واليمن وبلدان عربية أخرى كان نتيجة حتمية لغياب الدولة المدنية القائمة على الديمقراطية، وغياب سيادة القانون والتطبيق العادل”.
وأكد بدران أن الدولة المدنية ترتكز بشكل رئيسي على مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد يُعرفُ تعريفاً قانونياً اجتماعياً بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع، له حقوقٌ وعليه واجبات. قائلا إن “ما ترفضه الدولةُ المدنية هو استخدامُ الدين لتحقيق أهدافٍ سياسية أي تسيس الدين، إذ أن ذلك يتنافى مع مبدأ التعددية الذي تقوم عليه الدولة المدنية، مما قد يؤدي إلى تحول الدينَ لا سمح الله إلى موضوعٍ خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخلُ به إلى عالمِ المصالح الدنيوية السياسية الضيقة”.
واعتبر رئيس جامعة البترا الدكتور مروان المولا أن الأوراق النقاشية كافة تشكل معا رؤية خارطة طريق لبرنامج تنموي طموح سياسيًا واقتصاديا واجتماعيًا وعلميًا، مضيفًا أن الأوراق النقاشية جاءت معبرة عن وعي جلالته بكل صغيرة وكبيرة ومعبرة عن رغبة صادقة في إحداث التغيير الإيجابي الذي نحلم به ونتطلع إليه”.
ورأى المولا أن الورقة النقاشية السادسة التي تناولت “سيادة القانون أساس الدولة المدنية”، تعد الضامن لتفعيل سائر الأوراق النقاشية لأنها الضامن لأهم ركائز الدولة وهي قيم المواطنة، قائلا “الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين وهي دولة المؤسسات التي ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك واحترام التعددية والرأي الآخر وهي دولة تحمي أفراد المجتمع بعض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية وتضمن حرياتهم حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات وهي دولة تحفظ حقوق المرأة كما تحفظ حقوق الأقليات”.
من جهته اعتبر وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي أن الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك قد حسمت مدنية الدولة الأردنية، قائلا إن “تعزيز كيان مدنية الدولة لا يتأتى إلا من خلال التأسيس لثقافة وطنية أردنية قائمة على المواطنة المبنية على التوازن بين الحقوق والواجبات لا على الانتماء لدين ما أو طائفة ما أو عرق ما أو جغرافية ما”.
وأضاف الطويسي أن ثقافة العنف والتطرف تزداد عندما تضعف الثقافة المدنية قائلا “حيثما تضعف الثقافة المدنية يتراجع الفكر المؤطر للدولة المدنية وتزدهر ثقافة التشبث بالانتماءات الضيقة وثقافة العنف والتطرف بأشكالهما المتعددة وتلك مسؤولية تربوية وأكاديمية وفكرية وإعلامية بالدرجة الأولى”.
وأوضح وزير الخارجية الأسبق الدكتور مروان المعشر أن الدولة المدنية ليست نقيض الدولة الدينية بل هي ضد الدولة السلطوية التي تستأثر بالسلطة والفكر وتتغول على السلطات الأخرى وتطبق القانون بشكل انتقائي، قائلا “لو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية والاسلام، لما وقفت الاحزاب العلمانية قبل الدينية ضد الانقلاب العسكري الأخير في تركيا، لإدراكها ان من يقصي الآخر يسمح للآخر بإقصائه. ولو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية والاسلام، لما تعايش العلمانيون والإسلاميون في وفاق في دول كالمغرب وماليزيا واندونيسيا وغيرها”.
وأكد المعشر أن اختزال المعركة بأنها مواجهة بين الدولة المدنية والدولة الدينية يضر بالمدنية، مضيفًا “أن العلمانية تخطيء ان تعرف نفسها على أنها نقيض الاخر، فإن ذلك لن ينجح في بناء الدولة المدنية الديمقراطية”، وقال “وضع جلالة الملك اطارا عريضا لبناء الدولة المدنية الحداثية الديمقراطية من خلال الأوراق السبعة التي أصدرها عبر السنين الخمس الماضية” والتي كان من أهم نقاطها المتعلقة بالدولة المدنية تعزيز مبدأ التعددية السياسية، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وتقبل التنوع و الاختلاف في الرأي، والمحافظة على دور الملك كقائد موحد يحمي المجتمع من الانزلاق نحو اي حالة استقطاب”.
وقال المعشر “لدينا فرصة اليوم لبناء دولة مدنية ديمقراطية تعلي قيم التعددية واحترام الرأي والرأي الاخر، لكن ليس بالاصطفاف والتخندق من الجانبين الديني والعلماني. حان وقت إدراك التيارين ان أحدهما لن يلغي الاخر، وان للاثنين مكانهما في المجتمع بحماية دولة لا تأخذ موقفا مع او ضد أحد الجانبين، دولة تمنع تغول اي فئة على الاخرى. وقد أدرك ذلك الشيخ زكي بن ارشيد الذي دعا الى حوار مع التيار المدني، تماما كما فعل الاسلاميون والعلمانيون في تونس”.
وأشار رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري إلى أن فكرة الدولة المدنية تتمتع بإجماع وطني لكنها تواجه بقوى شد عكسية لأسباب عديدة قائلا “أمام ضعف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، فإن هنالك جهتان قد تعيقان انطلاقة الدولة المدنية وهي التيار الديني الذي يظن أن مفهوم الدولة المدنية يقتضي تهميشًا لدور الدين، وهذا أمر مرفوض وغير مرغوب فيه والتيار المحافظ في السلطة لأنه حريص على الاحتفاظ بالمكتسبات التي حصل عليها”.
وأوضح المصري أن البعض يخال أن الدولة المدنية رديف للعلمانية وأن العلمانية هي لا دينية، قائلا “هذا لغط ينافي الصواب فالمادة الثانية من الدستور تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، والقسم الذي يؤديه النواب والأعيان والوزراء يبدأ بـ اقسم بالله العظيم”.
واعتبر العين مازن الساكت أنه لا يمكن بناء دولة مدنية بدون وجود مجتمع مدني قادر على محاربة التعصب والتطرف ومنع التعدي على القانون والحقوق والأقلية، مجتمع يؤمن بالمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة، قائلا “ذلك هو مجتمع المواطنة وليس مجتمع المحاصصة عندما يلتبس مفهومها في بعض الطروحات، مجتمع يرسخ مفهوم الوحدة الوطنية بكامل مكوناتها في إطار الشخصية الوطنية الأردنية المنتمية إلى عروبتها وحضارتها العربية الإسلامية”.
وقال الساكت “لا أتصور أن بإمكاننا بناء دولة مدنية بدون امتلاك مجتمع مدني السيد فيه هو القانون وتطبيقه بعدالة ومساواه على الجميع، مضيفًا “رغم تركز الحوار في الأواسط السياسية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني على مسؤولية السلطات والإدارة العامة بشكل رئيسي عن ضعف سيادة القانون وضعف تطبيقه بعدالة فإنني أعتقد أن المسؤولية الشعبية والمجتمعية هي المسؤولة الأولى”.
وتناول العين صخر دودين الأوراق النقاشية الملكية الكاملة محاولا تحليل الأفكار الملكية فيما يتعلق بالدولة المدينة، مبينًا أنها تتضمن تكريسا “لنهج وقيم احترام الرأي الآخر والتعددية والتسامح”، مضيفًا أن الأوراق النقاشية الخمس الأولى تتكلم بوضوح عن بناء ديمقراطية متجددة”.
وأضاف دودين أن الأوراق النقاشية الخمس الأولى توجت بالورقة النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة”، قائلا إنها تضمنت محاور رئيسية تمثلت بأن سيادة القانون أساس الإدارة الرصينة، كما تكلمت عن ظاهرة الواسطة والمحسوبية وآثارها السلبية وعرجت على تطوير الجهاز القضائي وبأن تطويره هو الأساس لتعزيز سيادة القانون لتنتهي الورقة بإقرار أن سيادة القانون هو عماد الدولة المدنية المنشودة”.