صراحة نيوز – حلت مكان الحمة الاردنية في بلدة المخيبة الفوقا التابعة للواء بني كنانة والتي هدمت قبل 13 عاما نحو 45 حمة شعبية يملكها ابناء البلدة الذين يعانون من عدم تعاطي وزارتي الصحة والمياه مع مشكلتهم ومنحهم التراخيص اللازمة.
هي الحاجة الحادة التي دفعتهم لان يمكثوا في ارضهم ويبتغون فضلا من مال متأت من سياحة علاجية صنعتها ايديهم بايعاز من عقولهم الممتلئة بخبرات امتدت لاكثر من 40 سنة في السياحة العلاجية قبل ان تهدم الجهات المعنية الحمة (الام).
وزارتا الصحة والمياه هدمتا الحمة الام بحجة وجود تلوث ميكروبي في مياهها حيث اكتفتا بالهدم دون أن تعالجا التلوث او تأتيان ببديل للحمة، لكن الهدم لم يهدم ارادة الاهالي الذين كانوا يعتاشون من عملهم في الحمة «الام» وبيع السلال والزهور والحلي التقليدية والموز وغيرها.
منهم من صنع حمته في «حاكورة» منزله ومنهم من ابتعد قليلا أملا بمكان حيوي قريب من شارع بلدتهم الرئيس للفت نظر السياح والزوار واطفالهم القاصدين الاستحمام بالمياه المعدنية الساخنة النابعة منذ عقود من منطقة البجة.
ويلحظ الزائرعند اقترابه من البلدة المنخفضة مكانا ومالا لوحات معدنية ارشادية كتبوا عليها بخط ايديهم أسماء حماتهم او ما اصطلحوا على تسميتها الاستراحات الشعبية.
أوجدوا برك سباحة للرجال واخرى مغلقة للعائلات وثالثة للاطفال ووفروا لاستراحاتهم جلسات هادئة ومناقل للشوي ومضخات وانابيب تتولى تعبئة البرك من راس نبع المياه المعدنية الساخنة وتفريغها وتعبئتها مجددا ويتقاضون لقاء ذلك دنانير معدودة.
بدأت المشكلة قبل 13 سنة بمفاوضات عسيرة لتحديد هوية مالك أرض «البجة» بين شركة زارة التي كانت احدى شركاتها تدير مشروع الحمة الاردنية منذ ستينيات القرن الماضي الى حين الهدم، وبلدية خالد بن الوليد، اسفرت عن تحديد ملكيتها لسلطة وادي الاردن التي بدورها باعتها للشركة.
اشترت «زارة» أرض البجة واكثر من 30 دونما حولها وضربت عليها شيكا وقالت انها ستبني منشأة سياحية علاجية في البلدة التي رحب أهلها بالمشروع أملا بفرص عمل في المجال الذي هم به عارفون.
وتركزت المشكلة في ما بعد بين وزارتي الصحة والمياه واصحاب الاستراحات المطالبين بترخيص استراحاتهم دون ان تحدد الوزارتين بنماذج الخطوات والاشتراطات الواجب توفرها بالاستراحة ليصا بألوانها الحقيقية واتخاذ القرارات في ضوئها وليساصدار الاوامر من المكاتب المكيفة.
ولفت الدلكي الى ان اجتماعا عقد قبل أشهر مع محافظ اربد رضوان العتوم تلاه اجتماع ثان مع امين عام سلطة وادي الاردن وثالث مع رئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب جميعها أسفرت عن وعود.
وقال العتوم في الاجتماع ان كتبا رسمية عديدة ترد منذ سنين من وزارة الصحة لوزارة الداخلية تطالبها باغلاق الاستراحات الشعبية كان اخرها نهاية شهر كانون الثاني الماضي حيث تم اغلاق عدد منها وربط أصحابها بكفالات وتعهدات مشيرا الى ان المحافظة هي جهة تنفيذية ليسالا.
ويطالب رئيس بلدية خالد بن الوليد حسين الملكاوي الوزارتين وضع شروط عادلة ومحددة لترخيص اي استراحة وليس ابقاء الامور على عواهنها «على حد تعبيره» لافتا الى ان البلدية تتضامن مع مطلب اصحاب الاستراحات بالترخيص لانه ينظم العمل.
ويشير الملكاوي الى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها منطقة المخيبة التي يقطنها 3500 نسمة والحاجة الماسة لترخيص الاستراحات التي يعمل فيها اكثر من 260 مواطنا من ابناء المنطقة.
وقال يوسف الشمري – صاحب استراحة–ان الترخيص يحمينا وبات مطلبا ملحا ليكون عملنا قانونيا ومنظما مشيرا الى ان الترخيص يفيدنا في تأمين استراحاتنا من خلال شركات التامين والحصول على قروض من البنوك واستقدام أفواج سياحية بالتنسيق مع المكاتب السياحية وغيرها من الفوائد مثلما يخلق جوا من التنافسبين الاستراحات لتقديم خدمات أفضل.
وقالت مديرة سياحة اربد الدكتورة مشاعل الخصاونة ان الاستراحات لاتتبع اداريا لوزارة السياحة لان الجولات الميدانية التي نفذتها مديرية السياحة على الاستراحات بينت انها لاتقدم خدمات الطعام والشراب والمنام وانما الجلسات والمناقل واكشاك داخلية.
وأوضحت ان الاستراحات تنشط السياحة العلاجية والبيئية مثلما تنشط السياحة الداخلية لان اسعارها بمتناول الجميع.
وبينت الخصاونة ان لواء بني كنانة يتميز بتنوع سياحته الاثرية والبيئية والدينية الى جانب سياحته العلاجية الموجودة في منطقة المخيبة الفوقا مشيرة الى ان العاملين في الاستراحات الشعبية لديهم خبرات طويلة مكنتهم تسويق منتجهم السياحي بتميز.
من جانبه اوضح رئيس قسم البيئة ورقابة الغذاء في مديرية صحة اربد الدكتور فؤاد بني يونسان القسم لايمانع من ترخيص عمل الاستراحات الشعبية ولكن ضمن شروط يتوجب الالتزام بها للحفاظ على السلامة العامة.
واوضح بني يونسان الشروط تتضمن الحصول على ترخيص صحي من الجهة المعنية وان تكون نوعية المياه المستخدمة في البركة مطابقة للشروط الصحية والمواصفات والمقاييس الوطنية.
كما تتضمن وجود غرف خاصة لتغيير ملابس السابحين وخزائن ملابس باعداد كافية الى جانب توفر «دوشات» بعدد كاف والزام السابحين باستعمالها قبل دخول البركة مثلما توفر مغاسل وحمامات.
وبين بني يونس ان الشروط تضمنت كذلك توفر حوض لتطهير الاقدام مزود بمادة معقمة وبصورة دائمة موجود على مدخل البركة وعدم السماح لاي سابح بدخول البركة الا بعد استخدام هذا الحوض.
وتضمنت الشروط عدم السماح بدخول غير السابحين وخاصة غير المرتدين ملابس السباحة الى حرم البركة بالاضافة الى ان تكون ارضيات وجوانب البركة مبلطة ببلاط ملائم يسهل تنظيفة.
وقال بني يونس انه تم اعفاء اصحاب الاستراحات من شرط وجود جهاز معالجة كاملة للمياه بما في ذلك الكلورة وتوفير مدرب قادر على مراقبة المياه وكلورتها اضافة الى توفير جهاز خاص لفحص الكلور والفلاتر مرجعا السبب الى ان مياه البرك معدنية طبيعية لاتحتوي على الكلور.
وبين بني يونس ان معظم اصحاب الاستراحات مستوفين لشروط الترخيص من الناحية الصحية لافتا الى ان الوثائق المطلوبة تتضمن احضار سند تسجيل ومخطط موقع وترسيم واذن اشغال.
من جانبه اوضح امين عام سلطة وادي الاردن المهندس على الكوز ان السلطة لاتمانع من تشغيل الاستراحات على ان يتم التأكد من نوعية المياه الخارجة من البرك قبل القائها في مجرى نهر اليرموك بحيث لاتؤثر سلبا على نوعية مياه النهر وعلى حقوق المزارعين في المنطقة من المياه.
ولفت الى انه سيصار الى ارسال كوادر السلطة الفنية الى النهر بشكل سري واجراء الفحوص للتاكد من عدم تأثير مياه البرك على مياهه.
وتوجس اصحاب الاستراحات الذين لم يتم منح احد منهم ترخيصا منذ 13 سنة من الزيارات السرية لفحص مياه النهر لافتين الى ان المياه الخارجة من البرك معدنية طبيعية ومن المستحيل ان تؤثر سلبا على مياه النهر وانما ايجابا.
واشاروا الى ان الشرط الذي وضعته سلطة وادي الاردن سيبقى سيفا مسلطا على رقابهم لان الفحوص السرية تفتقر للشفافية تماما.
واوضحوا ان الاجراء العملي الذي يخدم المصلحة يكون بان تتولى البلدية منحهم التراخيص بالتوازي مع تشكيل لجنة رقابية من الجهات المعنية تمتلك صلاحيات وليس ابقائهم تحت رحمة وزارة الصحة حينا ووزارة والمياه حينا آخر.
الى ذلك بين مهتمون بالشأن السياحي في اللواء ان الاستراحات الشعبية نشّطت السياحة العلاجية وأتاحت الفرصة للسياح والزوار للتمتع بسحر المياه المعدنية الساخنة والتشافي من الامراض الجلدية والمفاصل والربو والضغط وغيرها وفق دراسات اكاديمية أجرتها جامعة ليرموك على المياه.
الراي – جهاد دراوشة