مسيرة “الأعلام”.. بؤرة توتر ومعركة “سيادة” على “القدس”
29 مايو 2022
صراحة نيوز – ترتبط “مسيرة الأعلام”، أو “رقصة الأعلام”، بذكرى احتلال إسرائيل، للقدس الشرقية، حسب التقويم العبري.
وتم احتلال الشق الشرقي من القدس، في السابع من يونيو/حزيران 1967، ومنذ ذلك الحين أطلقت إسرائيل على ذلك اليوم اسم “يوم القدس”.
لكن، وفق التقويم العبري، تصادف هذه الذكرى، هذا العام، يوم الأحد، 29 مايو/أيار.
ويقول الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على موقعه الإلكتروني: “في يوم القدس، تقام الاحتفالات داخل القدس وخارجها”.
ويضيف: “الحدث الرئيسي لهذا اليوم، هو مسيرة الأعلام، أو رقصة الاعلام، والتي تُقام في ساعات بعد الظهر”.
وتابع: “يأتي إلى هذا الحدث آلاف الأشخاص إلى القدس، معظمهم من الشباب من الحركة الدينية الصهيونية، ويقوم المحتفلون بمسيرة كبيرة مصحوبة بالغناء والرقص والتلويح بالعلم، تبدأ من وسط المدينة وتدخل البلدة القديمة، وتنتهي عند الحائط الغربي (حائط البراق) في صلاة شكر جماعية”.
وتبدأ المسيرة من القدس الغربية، ولكن دخولها عبر البلدة القديمة للوصول إلى حائط البراق، اختلف على مدى السنوات في عدة مسارات.
ورسميا، فإن المؤسسات المُنظمة للمسيرة، ومن بينها البلدية الإسرائيلية في القدس، قد حددت مسارها بحيث يبدأ من القدس الغربية وينتهي في حائط البراق.
وعلى ذلك، فقد قالت البلدية الإسرائيلية في دعوتها، التي اطلعت عليها وكالة الأناضول: “يقام العرض كل عام في يوم القدس؛ ويرافق المسيرة الرقص والغناء والتلويح بالأعلام الإسرائيلية”.
وأضافت: “في كل عام، يأتي عشرات الآلاف من الأشخاص من جميع أنحاء البلاد والعالم، للمشاركة في المسيرة؛ سينتهي موكب الأعلام باحتفال في الحائط الغربي، بما في ذلك صلاة وحشد”.
ومنذ سنوات عديدة، أضافت جمعيات يمينية إسرائيلية، مسارا يمر من باب العامود، أحد أبواب البلدة القديمة، ثم في شارع الواد بالبلدة وصولا الى حائط البراق.
وعلى ذلك، فقد وزعت الشرطة الإسرائيلية، الخميس، خارطة للمسيرة، حصلت عليها الأناضول، تشير الى مسارين.
الأول، وهو مسار قصير، يبدأ من القدس الغربية مرورا بباب الخليل، أحد أبواب البلدة القديمة، ثم قُبالة الحي الأرمني، وصولا إلى حائط البراق.
أما المسار الثاني، وهو الأطول، فيبدأ من القدس الغربية مرورا بباب العامود، ثم طريق الواد وصولا إلى حائط البراق.
ويترك للمشاركين في المسيرة، اختيار المسار الذي يرغبون في سلوكه.
ويعتبر المسار الثاني، إشكالي بشكل خاص بالنسبة للفلسطينيين، الذين يعتبرون المسيرة استفزازية، كونها تمر من باب العامود وطريق الواد، بالبلدة القديمة.
ولاحظ مراسل وكالة الأناضول أنه في السنوات الماضية، كانت الشرطة الإسرائيلية تخلي باب العامود من الفلسطينيين استعدادا للمسيرة حيث يتجمع آلاف اليهود في الساحة المقابلة للباب، وهم يلوحون بالأعلام الإسرائيلية ويرددون الشعارات المناوئة للعرب بما فيها “الموت للعرب”.
كما لاحظ مراسل وكالة الأناضول أن الشرطة الإسرائيلية عادة ما كانت تُجبر أصحاب المحال التجارية الفلسطينيين في باب العامود وطريق الواد، على إغلاق أبواب محالهم خلال فترة المسيرة.
وكثيرا ما كان يتخلل هذه المسيرة مواجهات بين الفلسطينيين من جهة، والمستوطنين والشرطة الإسرائيلية من جهة أخرى.
وفعليا، بدأت مسيرة الأعلام في مطلع سنوات السبعينيات من القرن الماضي، ولكنها لم تكن تمر من باب العامود، إذ كانت تمر من خلال باب الخليل، الأقرب من أبواب القدس القديمة، إلى القدس الغربية.
ولاحقا، تمت إطالة مسار المسيرة لتمر من باب الأسباط، أحد أبواب البلدة القديمة، ولكن منعت الشرطة الإسرائيلية في السنوات 2010-2016 هذا المسار، بسبب تكرر المواجهات مع الفلسطينيين فتم إلغاء هذا المسار نهائيا.
ومنذ سنوات، بدأت أعداد المشاركين بالمسيرة، المارين من خلال باب العامود، تزداد.
وبرز اسم هذه المسيرة بشكل أكبر في العام الماضي، عندما هددت فصائل فلسطينية بإطلاق الصواريخ من غزة على القدس الغربية في حال السماح بالمسيرة، فتم تأجيلها عن موعدها لعدة أسابيع قبل أن تتم تحت إجراءات أمنية مشددة.
وقال حاتم عبد القادر، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس (خاصة)، لوكالة الأناضول: “على مدى سنوات طويلة، كانت المسيرة تنطلق من القدس الغربية وتقتحم البلدة القديمة من خلال باب الخليل، ومن ثم تمر قبالة الحي الأرمني وصولا إلى حائط البراق”.
وأضاف: “ولكن في السنوات الماضية وتحديدا في فترة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، بدأت المسيرة باختراق باب العامود، مرورا بحي الواد وصولا إلى حائط البراق”.
وتابع عبد القادر: “يعتبر الإسرائيليون أن هذه المسيرة هي بمثابة تأكيد على ما يسمونها السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة، فتستبيح الجماعات المتطرفة البلدة القديمة لترسيخ الرواية الإسرائيلية بما يسمى القدس الموحدة”.
وأكمل: “بذلك فإن السلطات الإسرائيلية تعتبر هذه المسيرة، بمثابة بصمة، لما تسميه السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية، وتحديدا البلدة القديمة”.
واعتبر عبد القادر، وزير شؤون القدس الأسبق، والقيادي في حركة التحرير الوطني “فتح”، مسيرة الأعلام بمثابة “معركة سيادة، على القدس”.
وقال: “نحن نقول إن البلدة القديمة، كجزء من القدس الشرقية، هي محتلة، والوجود الإسرائيلي فيها هو وجود احتلالي ولا سيادة لإسرائيل عليها”.
وأضاف: “مسيرة الأعلام هي بطابعها استفزازية أيضا، فخلالها يتم تحويل أجزاء كثيرة من القدس الشرقية إلى مناطق عسكرية مغلقة ويتم إجبار التجار في البلدة القديمة على إغلاق محالهم التجارية، وإذا ما أبقوا على المحال مفتوحة يتم الاعتداء عليهم من قبل المستوطنين، وخلال المسيرة يتم نشر الفوضى في القدس القديمة وهذا مدان وغير مقبول”.
وتابع عبد القادر: “الآن، هناك جيل جديد في القدس الشرقية، كبُر على مشاهد القتل والاعتقال والضرب وتدمير المنازل، وهو يرفض ما يجري في المدينة، وبالنسبة له فإن القضية هي قضية كرامة”.
وأشار عبد القادر إلى أن “السماح بالمسيرة الاستفزازية من قبل شرطة الاحتلال، هو تصعيد خطير ولعب بالنار؛ وإصرار إسرائيل على مرور المسيرة من باب العامود ستكون له تداعيات خطيرة، يتحمل الاحتلال الإسرائيلي وحده المسؤولية عنها”.
وحذّرت أوساط رسمية وحزبية فلسطينية، خلال الأيام الماضية، من عواقب “مسيرة الأعلام”.
فقد أدانت وزارة الخارجية والمغتربين “إصرار الحكومة الإسرائيلية على المضي في تنظيم ما تُسمى بالمسيرة، واعتبرتها “جزءا لا يتجزأ من تصعيد العدوان الإسرائيلي على المدينة المقدسة ومواطنيها ومقدساتها”.
أما الفصائل الفلسطينية في غزة، فقد حذرت إسرائيل من اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى عبر “مسيرة الأعلام”.
وقالت في مؤتمر صحفي عُقد عقب اجتماع للفصائل الفلسطينية، بغزة، إن اقتحام المسجد الأقصى، من قبل المشاركين في المسيرة، سيكون “بمثابة برميل بارود سينفجر ويُشعل المنطقة بأكملها”.
والأربعاء، أمر قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، بنشر آلاف من رجاله في القدس الشرقية والمدن المختلطة، وألغى الإجازات الخاصة بجميع عناصر الشرطة، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، استعدادا لتأمين “المسيرة”.
كما نشر الجيش الإسرائيلي منظومة “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ، قرب الحدود مع قطاع غزة، تحسبا لإطلاق قذائف ردا على “المسيرة”، بحسب القناة (13) الإسرائيلية الخاصة.