العلاونة: تاريخ الأمم في تاريخ أعلامها واستكمال الأعمال الكبرى في تراثنا يغني الفكر والنقد
د. خالص: الكتاب إضافة ثمينة للمكتبة العربية وينضوي تحت فن التراجم الذي تفوقت به الأمة العربية
د. أبوحمور: تخليد الأعلام يعبر عن ثقافة الأمة وإسهاماتها في الفكر العالمي
صراحة نيوز – استضاف منتدى الفكر العربي في لقائه مساء الأحد 24/6/2018 حفل إشهار معجم “ذيل الأعلام” من تأليف وتصنيف الباحث والمؤرخ الأردني الأستاذ أحمد العلاونة، الذي تواصل صدور أجزائه منذ حوالي 20 عاماً، وصدر المجلد الخامس منه مؤخراً عن دار المنارة في جدة ودار ابن حزم في بيروت، وفاز بجائزة الكتاب التراثي لعام 2018 من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم/ جامعة الدول العربية، في احتفال أقيم بمعهد المخطوطات العربية في القاهرة. ويستكمل العلاونة بهذا العمل ما بدأه سلفه الراحل العلامة خير الدين الزركلي (1893-1976) بموسوعته الشهيرة “الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين” التي طبعت عدة طبعات منذ عام 1927 وحتى بعد وفاة الزركلي، والتي تشكل ظاهرة متميزة في تاريخ الفكر العربي الحديث والمعاصر.
أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام للمنتدى د. محمد أبوحمور، وعقب على الكتاب الأكاديمي والباحث العراقي أ.د. وليد محمود خالص عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة ومجمع اللغة العربية الأردني.
وفي كلمته التقديمية قال د. محمد أبوحمور: إن تخليد الأعلام يعبر عن ثقافة الأمم وإسهاماتها في الفكر العالمي، وأن سلسلة موسوعات التراجم الكبرى ميّزت التراث التأليفي العربي منذ نهضة الفكر العربي والإسلامي في عصوره الأولى وعبر خمسة عشر قرناً؛ مؤكداً أن جهد العلاونة في استكمال “الأعلام” للزركلي وترجمته لحوالي 2,000 علم حتى الآن يستحق التقدير والاهتمام لالتزامه بالموضوعية والمنهجية العلمية والدقة في الترجمة والتأريخ للأعلام المعاصرين.
وأضاف د. أبوحمور: إن عمل العلاونة يتسم بمعايير كتابة التراجم التاريخية، فضلاً عن أسلوبه العصري من حيث التوسع في إثبات صور المُترجم لهم ونماذج من خطوطهم، مما يزيد في قيمة التوثيق لهم، ومراعاة الحيادية والتجرد، الأمر الذي جعل المعجم شاملاً مستوفياً لتراجم أعلام السياسيين والزعماء والكُتَّاب والأدباء والشعراء والفنانين والخطباء والدعاة والصحفيين والمفكرين والأكاديميين من أجيال وأطياف مختلفة.
ومن جهته قال المؤلف أحمد العلاونة: إن تاريخ الأمم في الحقيقة إنما هو تاريخ أعلامها، وما قدّموا من عطاء علميّ جدير بأنْ يُحفظ ويُخلّد ، لتفيد منه الأجيال الجديدة وتستهدي في ضوئه ،وتستلهم العبرمن عزم هؤلاء الأفذاذ وجهودهم، وبما يمنح الأجيال الجديدة القوة اللازمة لمواصلة الشوط العلميّ ضمن دورة الحضارة المتّصلة التي لا تعرف توقّفاً أو جموداً.
وأشار العلاونة إلى أنه حرص في معجمه “ذيل الأعلام” على أن يلمّ بشرائح متنوعة من الأعلام المعاصرين، ولم يقتصر على فئة أو اختصاص أو حقبة زمنية ابتداء من العام 1976 بكل ما شهدته هذه المرحلة من أحداث سياسيّة و عسكريّة واجتماعيّة واقتصاديّة ساخنة، تركتْ تأثيرها في حياة هؤلاء الأعلام رجالاً ونساءً من العرب والمستعربين والمستشرقين ونتاجاتهم الفكريّة، ومنها : الحروب الإقليميّة، والصراعات الداخليّة المحليّة ، وعوامل النفي والتهجير …إلخ – ، مع وعد بالاستمرار واستكمال الأجزاء القادمة تباعاً في القادم من السنين بتوفيق الله.
كما أشار إلى أن مهمة المؤرخ ليست سهلة ،وأن الوصول إلى أقرب صورة للحقيقة مهمة صعبة ، فقد قدّم كتابه إلى القرّاء مشفوعاً بالدّعوة إلى نقده والتنبيه على ثغراته وهناته وتصحيح ما يمكن تصحيحه، من منطلق أنّ الجهد الإنسانيّ يظل قاصراً مهما كانت الجهود المبذولة كبيرة، ومن منطلق أيضاً أن الكتاب المتميّز هو الذي ينجح مؤلفه في أن يلقي حجراً في سطح البحيرة الساكن ،من خلال مايثيره من الأصداء ، وما يحفّز عند الباحثين من الدراسة والتحرّي والمراجعة، لتتحقق الصلة العلمية الراقية والمبتغاة بين المؤلف والمتلقي. وهذا النهج عريق في تراثنا بوضع الحواشي والذيول على المتون تأكيداً لقيمة الكتاب الأصلي من ناحية، وتأكيداً لحق الإضافة والتصحيح وإعادة التوجيه من ناحية أخرى، وفي هذا إنعاش للفكر ولحركة التأليف في واقعنا الثقافيّ.
وقال في هذا المجال: إنه سعى في تراجم كتابه إلى مقاربة الخطوط العريضة في حياة هؤلاء الأعلام، وإبراز ملامح تآليفهم، وأهم الآراء ووجهات النظر في تقييمها سلباً وإيجاباً، وأنه كان معنياً أولاً وآخراً بالإخلاص لوجه الحقيقة كما بدت له، من غير قطع أو جزم، مؤكداً احترامه للرأي والرأي الآخر لتظل مساحة الرد والنقد ونقد النقد متاحة.
وعقب أ.د. وليد محمود خالص على المعجم بالقول: إن هذا الكتاب يشكل إضافة ثمينة للمكتبة العربية، تكمل الطريق الذي بدأه الأسلاف الكبار ممن أرسوا دعائم كتب التراجم في التراث العربي، وأفاد من تلك الدعائم قلة قليلة من الدارسين العرب، المحدثين، والمعاصرين ، ويقف أحمد العلاونة في الصفوف الأولى من تلك القلة الكريمة. فالكتاب بأجزائه الخمسة ينضوي تحت فن من الفنون العربية ـ الإسلامية، هو فن التراجم، الذي تفوقت به الأمة العربية لارتباطه الوثيق بعلم من علوم الحديث النبوي، هو (الجرح والتعديل)، غير أنه تطور فيما بعد تطوراً ملحوظاً فامتد إلى حقول معرفية متنوعة، مثل الصحابة والفقهاء والمذاهب والأدباء والفلاسفة والأطباء، وغيرهم .
وأوضح أن التأليف في هذا الفن محتاج الى أدوات، ومعارف، بالإضافة إلى الموهبة، وهو ما نراه متحققاً في هذا الكتاب، اذ نرى صاحبه كثير التتبع، دائم التفتيش، مواظباً على المتابعة ، وهو محيط بموضوع درسه، عارف أن له مسالك ودروباً متشعبة. واعتبر أن هذا الكتاب قدم يداً بيضاء للثقافة العربية، حين انصرف الباحث العلاونة بكتابه الى أولئك الأعلام فعين سني ولاداتهم ، ووفياتهم ، وقدم ترجمة مختصرة لكل منهم، تقر خلفها معرفة دقيقة بتخصصاتهم، ومسيرتهم الحياتية والفكرية، مع نماذج من عنوانات كتبهم، مفرقاً بين ما هو مطبوع منها ، وما هو مخطوط لم ينشر بعد ، ومزوداً تلك التراجم بفيض من المراجع عن كل علم بغية الاستزادة لمن يرغب في الدرس المستفيض عن علم معين ، فكأنه يحقق غرضاً آخر بهذا كله حين يحتل مكاناً متميزاً بين ما يصطلح عليه بـ (الكتب المفاتيح) التي تدل على بدء الطريق السوي، الذي على الباحث المنهجي أن يسلكه لاستئناف الدرس، والتعمق في السيرة والمنجز