صراحة نيوز – بقلم نضال منصور
انطلق مهرجان جرش في دورته 36 تحت عنوان “نورت ليالينا” بعد نقاشات، وانتقادات حادة، بعضها محق، وضروري، ويسهم في تطوير المهرجان، ويعزز دور المجتمع في الرقابة، والمساءلة، وبعض ما كتب، وقيل، ليس منصفا، وهجاء ليس في مكانه، واستعراض يصل حد التنمر، وشعارات جوفاء تتكرر، وستبقى، والنقطة المهمة والأخيرة أن تفصيل مهرجان على مقاس الجميع، ويرضى كل أردني وأردنية أمر مستحيل التحقق.
كنت وسأبقى داعما لمهرجان جرش، فما زلت أذكر بداياته حين كنا طلابا في دائرة الصحافة بجامعة اليرموك أول الثمانينيات، وكان للدكتور مازن العرموطي فضل في إشهار هذه التظاهرة الوطنية، التي انتقلت للعالمية، وأصبحت محجا لاهتمام الفنانين، والفنانات، وكل المثقفين والمثقفات.
تعرض هذا المهرجان لمحاولات وأد، وتآمر، فشلت بعد أن كادت تنجح، وما جعله يصمد، ويعود قويا، دعم مجتمعي يراه ضرورة ثقافية، سياحية، اقتصادية، وصوت للأردن لا يمكن تجاهله، ويبقيه حاضرا.
أكثر قضية تطرح كل عام في مهرجان جرش، دور ومكانة الفنان الأردني، ولم نصل إلى نتيجة حتى اليوم، بعض الفنانين يزعلون، ويحردون، وتبدأ حملة تراشق بالاتهامات، وبصراحة بعد كل ما سمعته لم أستطع أن أجزم السبب، هل يعود للأجور المالية التي يتفاوض عليها؟، أو المواعيد الزمنية التي تحدد لهم، ولهن؟، أو المكان المخصص (في أي مسرح)، أم يعود للشعور أن الفنان العربي يعطى اهتماما، وتقديرا، وأجرا أفضل؟
ما قيل إن الاتفاق مع الفنانين الأردنيين ترك لنقابتهم، وما يجب أن يقال صراحة دون خجل، إن إدارة المهرجان تحتاج “نجوم الشباك” الذين يضمنون حضورا، وإيرادات مالية، فالمهرجان ليس عملا خيريا صرفا، والحكومة لا تستطيع أن تضع موارد، وميزانية مفتوحة له.
ما حدث من نقد للتصاميم مهم، والمراجعة والتصويب لاحقا مسألة حيوية تعكس تفاعلا مع رأي المجتمع.
اطلعت على برنامج المهرجان، ووجدته متنوعا، وعلينا أن ندرك أن الجميع متعطش بعد سنتين من العزلة، بسبب فيروس كورونا.
مهرجان جرش رافد للسياحة، وإنعاش لحركة الاقتصاد، ومطلوب أن ينعكس على المجتمع المحلي، ولكن ذلك لا يتحقق دون مبادرات محلية من أهالي جرش، فالمطلوب منهم، ومن أهالي عجلون أن يُحيلا المنطقة لنقطة جذب، وأن يبتكروا نشاطات تستقطب زوار المهرجان قبل الحفلات بساعات، وهذا ما يحتاج تشاركية في خلق الأفكار، والتحضير المسبق، مع البلدية، والمحافظة، والمؤسسات المدنية.
مهرجان جرش لا يقل أهمية عن كل المهرجانات العالمية، وهو يقام في مكان استثنائي يستحضر التاريخ ببهاء، وهو للجميع صغارا وكبارا، وشخصيا وجدت بعض ما أحبه كحفل الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، وكذلك تستهويني، وتطربني فرقة “تكات” من سورية، وفي التدقيق وجدت الشعر حاضرا بقوة، والمسرح، واستحضار وتكريم لفخري قعوار، والشاعر والصحفي زياد العناني، وأكثر ما يستحق التقدير إقامة حفل للأطفال في مركز الحسين للسرطان، والاهتمام بالأشخاص ذوي الاعاقة، بإقامة الملتقى التشكيلي “عبق اللون” للأطفال المكفوفين، بالإضافة لبشاير جرش للمبدعين الشباب.
يمد مهرجان جرش فرحه، وألقه خارج حدود ساحته الرئيسة، ومدرجاته، فتنظم أنشطة في عمان بالمركز الثقافي الملكي، ومركز الحسين الثقافي، ورابطة الكتاب، وإربد، والفحيص، والمطلوب أن نحيل كل الأردن خلال صيفها إلى منطقة متوهجة بالمهرجانات، والأنشطة تستقطب الجميع داخل البلاد وخارجها، فهذا نفطنا، ومصدر غنى، وقوة لنا.
رغم كل انشغالات المجتمع التونسي فإنهم لا يتوقفون عن دعم مهرجان قرطاج، وهذا ما يحدث في لبنان التي تعاني أزمات حادة، ولكنهم يعلون من شأن مهرجاناتهم، ولهذا علينا أن نكون رافعة داعمة لمهرجان جرش، نقدم الآراء لتجويده، وإغنائه، وبالتأكيد لا نرفع المعاول لهدمه، لأنه لا يتفق مع هوانا.