صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
ينفرد الاردن بين دول العالم بوجود علاقة تاريخية متجذرة بين الشعب والنظام …. ورغم وجود دستور يحدد مهام وصلاحيات الملك وكذلك واجبات السلطات الثلاث التشريعة والتنفيذية والقضائية وحقوق وواجبات المواطنين …. الا ان لدى غالبية المواطنين مفهوم يخلط ما بين مسؤوليات وواجبات الملك ومسؤوليات وواجبات باقي السلطات الرسمية…. ويعتبرون ان الملك هو المسؤول الأول والأخير عن كافة القرارات التي يتم اتخاذها في تسيير شؤون الدولة .
أمر طبيعي أن يتجسد في ذهنيتهم هذا المفهوم …. نظرا لعمق وأصالة العلاقة التي تربط الشعب الاردني والهاشميين والقائمة منذ تأسيس امارة شرق الاردن على عقد فريد وعهد قطعه الأجداد والتزم به الأباء والأبناء والاحفاد …. فبفضل قيادتهم وحكمتهم كان لنا هذه الدولة التي تقترب من مئوية تأسيسها والتي أبهرت العالم بما انجزت وحققت رغم محدودية الموارد والإمكانيات .
لكن الغائب عن ذهنية الكثيرين …. ان الشعب شريك للملك في المسؤولية حيث جاء في المادة الأولى من الفصل الاول من الدستور …. ان نظام الحكم في المملكة الاردنية الهاشمية ” نيابي ملكي وراثي ” …. فأين نحن من حسن اختيار ممثلين في مجلس النواب بمستوى المسؤولية الوطنية .
مسؤوليات الملك في الدستور واضحة ومحددة …. وتنص المادة (30) من الدستور الأردني على ” الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية ” …. فماذا يعني ذلك .
الملك هو من يعين رؤساء الحكومات والوزراء …. وهو صاحب الصلاحية في اجراء الانتخابات النيابية وحل المجالس …. ولكن لا يمكن مساءلة الملك جزائياً أو مدنياً أو سياسياً …. وفقا لنص المادة (49) من الدستور الأردني التي نصت على أن ” أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم” .
اذا فالذي يتحمل المسؤولية السياسية والجزائية والمدنية عندما تتوفر أركانها …. هم الوزراء بمن فيهم رئيس الوزراء ولا يستطيع اي منهم أن يدفع مسؤوليته بأنه نفذ أوامر الملك الشفوية أو الخطية …. أي ان الدستور جعل الولاية العامة لمجلس الوزراء والوزراء …. واذا ما تخلوا عنها فتلك مسؤوليتهم .
ولنعد الى الوراء قليلا ونستذكر كلام الملك في أكثر من لقاء ومحفل …. حيث يركز على دور المواطنين في سلامة ادارة شؤون الدولة والذي يعني …. ان جلالته منضبط دستوريا وان الكرة في ملعب الشعب …. ولا ادل على ذلك من جملته المشهورة التي يات يستخدمها النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي …. عنوانا للدفع نحو الاصلاح ( انتو اضغطوا من تحت وانا بضغط من فوق ) …. لكن السؤال هنا كيف يضغط الشعب ؟.
مربط الفرس والبداية الحقيقية …. وردت في المادة الأولى من الفصل الأول من الدستور (نظام الحكم نيابي ملكي وراثي ) والذي يعني …. ان السلطة التشريعية بغرفتيها النواب والأعيان هي الاساس في تنظيم ادارة شؤون الدولة …. فمتى اصبح لدينا نوابا وأعيانا في مستوى المسؤولية الوطنية تكون …. المخرجات في مستوى تطلعات الشعب والملك .
في أمر النواب طغت على الساحة …. في اغلب الدورات الانتخابية السابقة
( المادة والمنافع ) وبالتالي وصل الى قبة البرلمان …. من هم قادرون على ذلك والشواهد على مخرجات هذه المجالس مشهودة وملموسة لكل مواطن …. واختلط الحابل بالنابل …. حيث المهم بالنسبة للنائب الذي وصل بقوة ماله …. ان يسترد ما صرف على حملته وان يُحقق ما يستطيع من مكتسبات خلال هذه المشمشية …. وبالتالي يكون التشريع والمراقبة أخر ما يُفكر به …. وهيهات ان يُدرك الناس مغبة اندفاعهم دعما لمثل هؤلاء المتسلقين والوصوليين …. ويبقى السؤال هنا أين هم قادة المجتمع المؤثرين ليحولوا دون ذلك ؟
أما في أمر الأعيان …. فالمؤلم ان من تم اختيارهم في مجالس سابقة يأتون بناء على تزكية من اشخاص لهم حضورهم لدى الملك …. واغلبهم يأتون ترضية وتنفيعة ونادرا ما يكون بينهم اصحاب خبرات واختصاصات …. ليحسنوا التشريع وكذلك الرقابة على اداء مختلف اجهزة الدولة باعتبارهم عيون الملك …. وليست مبالغة القول هنا …. ان ارتباط واخلاص من قبل الملك تزكيتهم يكون في الأغلب لمن زكاهم …. والأكثر ايلاما في ضوء الشواهد …. انهم يكونون الى جانب الحكومة …. استنادا للمفهوم الدارج للحديث النبوي الشريف ” انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ”
وللدلالة على ما تقدم بخصوص مسؤوليات عيون الملك …. في مجلس الأمة نذكر المادتين ادناه :-
المادة 95
يجوز لعشرة أو أكثر من أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب أن يقترحوا القوانين، ويحال كل إقتراح على اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي فإذا رأى المجلس قبول الإقتراح أحاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها .
كل إقتراح بقانون تقدم به أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب وفق الفقرة السابقة ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه في الدورة نفسها .
المادة 96
لكل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أن يوجه إلى الوزراء أسئلة واستجوابات حول أي أمر من الأمور العامة وفاقاً لما هو منصوص عليه في النظام الداخلي للمجلس الذي ينتمي إليه ذلك العضو، ولا يناقش إستجواب ما قبل مضي ثمانية أيام على وصوله إلى الوزير إلا إذا كانت الحالة مستعجلة ووافق الوزير على تقصير المدة المذكورة .
خلاصة القول ان الملك بحاجة الى دعم شعبي يتمثل بداية …. في حسن اختيارهم من يمثلهم في السلطة التشريعية …. ممن يتحلون بالقدرة على القيام بمسؤولياتهم المحددة في الدستور…. وبحاجة ايضا الى بطانة …. تتصف بالحكمة والمواطنة الصادقة والرؤى الخلاقة …. ليقدموا الى جلالته المقترحات التي من شانها …. ان تسهم باصلاح حقيقي ومن ضمن ذلك …. تزكية من يستحقون ان يكونوا عيونا لجلالته في السلطة التشريعية .
والله من وراء القصد .