صراحة نيوز – بقلم حسن محمد الزبن نحن اليوم في زمن عصي وصعب، نعيش ظروف تنزلق بنا إلى متاهات لا يعلم بمنتهاها إلا الله، لأننا ببساطة نعيش على الأمل بالحياة، ونجهل ما تخبئه الأيام، أو ما نحن مقبلين عليه ونحن نركض باتجاهه، فالنهار يعني فضاء يمكن قراءته، والليل يعني عتمات مدلهمات، لا نتقن حتى المضي في مجهولها، وهكذا هي القلوب تتباين ما بين قلوب بيضاء، يحظى أصاحبها بالطيبة، لم تستحوذ عليهم طبائع تفسدهم، أو تتصيدهم براثن الحقد أو الكراهية، أو التلون، وقلوب لن أقول سوداء، يكفي أن أقول قاتمة، أصابها ندوبات وشروخات، ولّدت نزفا، وصديدا، تراكم مع غياب بناء الجراح وترميمها، وإصرار اصحابها على توسيع هوة الوجع، دون تطبيبها وتعقيمها، وما ينطبق على القلوب ينطبق على العقول والأنفس، ودائما جدار الإختلاف يبني عزلة، ويبني صدا، ويبني موجات تنافر، ويولد طريقا للفتن، ويبني روايات من الظلم والافتراء، والجحود والنكران، والعبث بالماضي والذكريات، وخلق مزيد من التناحر، وضرب لكل معايير الأخلاق، وهدمها، وإفساد للنوايا، التي هي بالأصل مجامع البدء والختام، فإن حسنت علت الآمال، وإن ساءت أسقطت كل وئام. لعلنا في كل وقت بحاجة لأن نمعن التأمل في الذات، ونحتاج لتتبع الهواجس في أعماق كل منا، ومعاتبة النفس لنشعرها بطهرها ونقائها، وإظهار غلبتها على كل هوى، وعصبية، وتصرف، لتبقى يانعة رشيقة، لا تشيخ مهما امتد عمر صاحبها، فتكون الرفيق الواعي، أمام كل جدال أو حوار عقيم، وتكون النقطة التي يبدأ منها وينتهي الموقف الصائب والسديد، فينتصر الحق والصواب، ويخيب الباطل وأطيافه، ويذعن صاغرا أمام خُلقها وأنفتها ومنابع طيبها، ويغادر الباطل بكل ما يحمل من غرور إلى أقل المنازل التي يسكنها، وأتفه الخانات التي يسلكها، لعل الأيام تلقنه معنى الإعراض عن الجاهلين. لعل كل منا يتطلع لأن يكون ذو حظ عظيم، ليس بالمنصب والجاه، ولا تبوء الكراسي العاجية، والقصور الفخمة، ولا امتلاك أغلى السيارات وأندرها، فهي متاع لا تخلد سيرة مالكها، ولن يكون لها وزن يوم غيابه أو رحيله عن أهله، وأحبائه، وأصدقائه، بقدر ما يبقى له من مناقب مزروعة في نفوس الآخرين، يُتوجها اللين والرفق وحسن المعشر، وطيب الكلمة وعذوبتها، وحرصه أن يعلو بمدارج الإحترام والتوقير، بابتعاده عن السفاهة في دروب المتلونين، ومغلاقا لدروب الشر، وأبواب الكيد والحقد، لا يعرف قلبه فضاضة ولا غلظة، ولا كيد المتآمرين، يكفيه أن يملك مفاتيح القبول، والمودة، وخير الدروب نحو التوافق، والتلاقي، والتآخي، والصحبة الطيبة، والصداقة الأصيلة، لكي يظفر بحب الآخرين.