أرشيفية
صراحة نيوز – مررت اللجنة المالية النيابية مشروع قانون الموازنة العامة والوحدات الحكومية للسنة المالية 2018، “كما ورد من المصدر”، عدا إجراءات شكلية جرت في هذا البند أو ذاك.
وخلال العامين الماضيين (2016 و2017) لم تظهر تقارير “المالية النيابية”، التي قرأتها “الغد”، أي دراسة عميقة من قبلها، لما تمليه الحكومة في مشروع الموازنة، ولم تكن ثمة قراءات عميقة أو مقترحات يمكن أن تؤثر على سيرورة عمل اللجنة التي تتسم بالكلاسيكية والتقليدية في دراستها ومعالجتها للموازنات.
ورغم أن مشروع الموازنة لم يكن نصا مقدسا وفق ما قاله عدد من النواب إلا أن اللجنة المالية، تحاول قدر الإمكان أن لا تعدل في ذلك النص “غير المقدس”، أو تكتفي بأن تكون تلك التعديلات طفيفة، أو شكلية.
الإشكالية الحقيقية أن الحكومة التي صاغت مشروع الموازنة، هي من تكسر لاحقا، وكما هو معتاد تلك القداسة، عبر إخفاقها في تحقيق فرضياتها المستهدفة”، لذا تلجأ إلى ما يسمى إعادة التقدير.
لذلك، نجد أن الفروقات في التقدير وانحرافها عن المستهدف تقدمه الحكومة في ارقام اعادة التقدير بغض النظر عن الانحراف والدوافع التي أدت لذلك والذي يعود الى تراجع النمو الاقتصادي، حيث نجد أن الحكومة العام الماضي في الأرقام الأولية لموازنة 2017 كانت تستهدف إيرادات قدرها 8.1 مليار دينار، لكنها عادت إلى تقليل الايرادات العامة في أرقام إعادة التقدير بالموازنة المركزية لذات العام إلى 7.7 مليار دينار، بمعنى أنها خفضت توقعاتها بمقدار 404 ملايين دينار.
ويجد المتصفح لتقرير اللجنة المالية للعام 2016 والتي تستشرف العام الحالي (2017)، أن الاغراق في الاجتماعات ومن ثم تقديم تحليل يسرد أداء الاقتصاد الوطني ليشكل السواد الأعظم من التقرير، والذهاب للحرص على بنود تقليدية كالتشغيلية منها والتي تخفض كالعادة من قبل الحكومات.
وفي الوقت الراهن، استنزف تقرير اللجنة المالية في الدورة العادية الثانية لمجلس النواب الثامن عشر لمشروعي قانون الموازنة العامة ومشروع قانون الوحدات الحكومية للسنة المالية 2018، حبرا وورقا كان يمكن توفيره، بدلا من الكم الهائل من الكلمات وإعادة الخطاب الحكومي بلغة نيابية، رغم عدد الاجتماعات الكبير والتي وصلت إلى 76 اجتماعا، ناهيك عن الساعات المهدرة في كل اجتماع.
لا يخفى أن تقرير اللجنة المالية لا يبتعد كثيرا من ناحية التقديم والأفكار عن طروحات الحكومة بمشروعها وإن كانت الاجتماعات كثيرة، لكنها صبت في معظمها في إطار الحديث عن السياسات العامة للوزارات والدوائر الحكومية مع الابتعاد عن جوهر عمل اللجنة، بدلا من التدقيق في الأثر العميق للسياسات الحكومية وواردات الأرقام التي تحملها الموازنة وأثرها على الاقتصاد الكلي.
وفي كثير من المواضيع يأتي تقرير اللجنة المالية حاملا معه تفسيرا أكثر وضوحا للقرار الحكومي مع تعديلات شكلية، ومنها على سبيل المثال موضوع الدعم على الخبز ورفعه وأهميته؛ حيث انصب دفاع النواب على الغاء شرط ازالة شروط امتلاك سيارتين والعقار بقيمة (300) الف دينار من المعايير المحددة للحصول على الدعم وهو ما تحقق له.
وليس أدق من أهمية المرحلة التي تمر بها الموازنة والحديث عن نقص المساعدات وتأثرها خلال العام المقبل والذي ربما جعل أو يسر من مهمة الحكومة في اتخاذ قرارات لمجابهة الأوضاع السياسية التي تمر بها المنطقة وتداعياتها السلبية على جانب المساعدات.
وأغرق تقرير اللجنة المالية في دراسة وتحليل قرار الحكومة من ناحية رفع الدعم عن الخبز حيث خلص الى أهمية توجيه الدعم للمواطن بدل السلعة قد وفر دعماً نقدياً مباشراً للفئات المستهدفة بقيمة (7,68) دنانير سنوياً ولعدد (5,249) مليون مواطن، وهي القيمة التي كان يستفاد منها غير الأردني وتمثل قيمة اجمالية 40,3 مليون دينار.
كذلك بينت اللجنة المالية في دراساتها أن قيمة الدعم الاضافي للمساهمة من تخفيف آثار رفع أسعار السلع بلغ (95,4) مليون دينار والتي تشكل ما نسبته (17.7%) من إجمالي الاجراءات المتخذة لرفع اسعار السلع البالغة (540) مليون دينار. وهي الأرقام المنشورة ضمن موازنة 2018.
لذلك وجدت اللجنة المالية، أن قرار رفع الدعم سيوجه قيمة الدعم النقدي بدل دعم الخبز بلغ (75,6) مليون دينار، بعد استبعاد قيمة الدعم الموجه لغير الاردنيين وبقيمة دعم سابقة (9,7) دنانير سنوياً، وبعد تحديد الشرائح المستهدفة للدعم فإن الدعم السنوي للفرد بلغ (14,4) دينار سنوياً، والتي هي أرقام الحكومة ذاتها والتي تفترض أن استهلاك الفرد من مادة الخبز سنويا يصل الى 90 كيلوغراما، مضروبة بفرق الدعم الحكومي والمقدر بـ 16 قرشا لكل كيلو والذي يقود إلى أن قيمة الدعم السنوي للفرد هي 14.4 دينار وهي ذات الارقام الحكومية.
وشرحت اللجنة المالية وجهة نظرها بالقول، إن تحديد الشرائح المستهدفة سيخفف من انسيابية ايصال الدعم، إذ أن معظم الشرائح المستهدفة والتي ستتجاوز نسبة (%65) من فئات الموظفين العاملين والمتقاعدين (مدني / عسكري) ومنتفعي صندوق المعونة الوطنية.
لذلك اعتبرت اللجنة المالية أن الاجراء سيزيل حالات الاستغلال والتهريب والمنفعة غير الشرعية من دعم الطحين، اضافة الى الهدر، وبالتالي الحد من هدر المال العام.
وبخلاف الدعم جاء التقرير يتحدث عن توصيات مختلفة، منها تخفيض تسديد التزامات مخصص تسديد التزامات سابقة بقيمة (20) مليون دينار، وتحويل مبلغ (10) ملايين دينار من “فلس الريف” والبالغة “11” مليونا لتغطية جزء من عجز الموازنة، إلى تخفيض عجز الموازنة العامة من (543,3) مليون دينار إلى (513,3) مليون دينار.
وحملت التوصيات للموازنة 17 توصية تحقق البعض منها حتى قبل صدور تقرير اللجنة المالية الابقاء على إعفاء تسجيل الشقق التي لا تزيد على (150) مترا مربعا وبحدود (180) مترا مربعا ليبقى الإعفاء على مساحة (150) مترا مربعا، مما يدلل على تماشيها مع الأفكار السائدة التي تدور بصانع القرار وعدم عمقها مقارنة بضخامة موازنة 2018، التي رفعت الحكومة من سقف إنفاقها في الموازنة المركزية والوحدات الحكومية للسنة المالية 2018 لأول مرة في تاريخها لتقترب من 11 مليار دينار، وسط فرضيات تقوم على زيادة الإيرادات المحلية (من الضرائب والرسوم) بمقدار 921 مليون دينار.
وتظهر الأرقام التجميعية أن مجموع حجم الإنفاق الحكومي المقدر في العام 2018 لتشمل انفاق الموازنة المركزية والوحدات الحكومية المستقلة بأنه سيصل إلى 10.85 مليار دينار مقارنة بـ 10.10 مليار دينار لأرقام إعادة التقدير لهذا العام بارتفاع نسبته 7.4 %.
اللجنة المالية النيابية أعادت صياغة الموازنة الحكومية بلغة نيابية، وردت البضاعة الحكومية كما وردت من المصدر.
الغد – يوسف محمد ضمرة