المعشر: لا جدية ولا إرادة سياسية للإصلاح ومن يقودونه لا يؤمنون به
حمارنة: التوافقات صعبة.. وغرقنا في مربع الهويات الفرعية والمحاصصة.
عبد العزيز: حقوق الإنسان أول ما يُذبح.. وتقارير الحكومة الحقوقية كلام لا يُطبق.
صراحة نيوز – قال الدكتور مروان المعشر نائب الرئيس للدراسات في معهد كارنيجي إن كلام الإصلاح أصبح ممجوجا، وموضة تطل علينا كل سنة دون أن نشعر بجدية الإصلاح.
وأضاف المعشر في ملتقى أولويات الإصلاح في الأردن الذي نظمته هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم”، وتحدث خلاله الدكتور مصطفى حمارنة عضو مجلس الأعيان، ومديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز، كل القضايا أشبعت نقاشا وبحثا، والمشكلة في أركان الدولة الذين يرون أن كلف الإصلاح كبيرة ولا يستطيع أن يتحملها الأردن، ولديهم قناعة أن بقاء الوضع القائم أفضل وأقل مخاطرة، محذرا أن الاستمرار بهذا الحال سيقود إلى نتائج كارثية.
وأكد المعشر في الملتقى الذي عقد عبر تطبيق زووم، وحضرته قيادات سياسية، ونقابية، وحزبية، ومؤسسات مجتمع مدني، ودبلوماسيين، أن الأخطر والأسوأ أن من يقودون عملية الإصلاح لا يؤمنون به، مذكرا أن لا ديمقراطية دون ديمقراطيين، ولا إصلاح بلا إصلاحيين، مشيرا إلى أن من يقودون عملية الإصلاح يجب أن يحظوا بثقة الناس، ويكون سجلهم نظيفا.
ونوه المعشر إلى أن التيار الإصلاحي لا يحظى بالدعم والمساندة، وأن البلاد تدور بحلقة مفرغة.
وفي التفاصيل قال المعشر إن الأردن لن يخترع العجلة حين يريد أن يمضي في طريق الإصلاح، وهناك تجارب كثيرة يمكن أن يستلهمها ويبني عليها، مكتفيا بالإشارة إلى أن تطبيق الأوراق النقاشية للملك تضع إطارا واضحا وعمليا لمسار الإصلاح حاليا، فهي أوراق تقدم نظرة مستقبلية، وصادرة عن السلطة التنفيذية.
وتحدث المعشر عن أهمية توفر الإرادة السياسية للتقدم في طريق الإصلاح، مبينا أنه لا يشعر بتوفر الإرادة السياسية، ولا بالجدية؛ ولهذا فإن كل الكلام عن الإصلاح لا يرتبط بخطط زمنية، أو بمعايير للأداء، أو بموارد مالية للتنفيذ.
وطالب بترجمة رسالة الملك إلى مدير المخابرات، والتي تطالبه بالتوقف عن التدخل بالسياسة إلى خطة عمل، وما لم يحدث ذلك فإن الكلام عن الإصلاح ليس له معنى.
وأكد المعشر أن العقد الاجتماعي الذي يدعو إليه ليس بين مكونات المجتمع والملك، فالناس لا يختلفون على النظام الهاشمي والملك، والمطلوب عقد اجتماعي بين مكونات المجتمع لحسم أسئلة حول هوية الدولة، فهل هي مدنية أم دينية، وهل المواطنة متساوية بين الرجال والنساء دستوريا في الحقوق مثلا؟
ونبه إلى أن الأردن يواجه تطورين مهمين، الأول، المستجدات على القضية الفلسطينية، والثاني، تزايد البطالة بعد جائحة كورونا، مؤكدا أن الدولة لا تستطيع مجابهة هذه التحديات إلا بجبهة داخلية متحدة.
وأكد الدكتور مصطفى حمارنة هو الآخر أن لا إصلاح دون إصلاحيين، ولا ديمقراطية دون ديمقراطيين في البلاد، مبينا أن الحكومة حتى تنهض ببرنامج إصلاحي تحتاج إلى أن يضم طاقمها عددا أكبر ممن يؤمنون بالإصلاح ويمارسونه.
وقال حمارنة إن الأردن يحتاج إلى مقاربات وسياسات أخرى للانتقال إلى مراحل جديدة، مؤكدا أنه أحد أسباب التعثر والمراوحة بذات المكان أو التراجع أحيانا، طول وامتداد ما أطلق عليها “المرحلة الانتقالية” التي لم تتصدَ لترسيخ مفاهيم المواطنة، وسيادة القانون، وتكافؤ الفرص، ولم تُسهم في تحسين حياة الناس.
ونوه حمارنة إلى أن الدولة كان يجب أن تبني توافقات وتفاهمات في بدايات التحول الديمقراطي قبل أكثر من 30 عاما، حيث كانت الأمور أسهل، واليوم الوصول لهذه التفاهمات بات طريقا أكثر صعوبة بعد أن غرقنا في مربع الهويات الفرعية، والحكومة وأجهزتها الأمنية ترعى وتعزز الإجماعات العشائرية في الانتخابات، والجهاز الإداري خرِب، ثم تم اللجوء للمحاصصة لإدارة البلاد، وخلق زعامات، وشراء ذمم على حساب الموازنة العامة للدولة.
ونبه الحمارنة الى ان التنمية الاقتصادية غابت عن رادار الحكومات المتعاقبة.
وقال إن التاريخ عرف طريقين للإصلاح، الأول، من فوق ولجأ له كل العالم، والثاني، من الأسفل والقاعدة، والحال عندنا “لا الفوق بدهم، ولا اللي تحت عارفين يشتغلوا”.
واعترف حمارنة أن التفكك يتسع داخل مجتمعاتنا، والكلام عن المحاصصة يزيد ولم نتفق على هوية الدولة، وهناك عودة عن أسس الدولة المدنية.
وأوضح حمارنة أن تأييد ما يجري في فلسطين يجب أن يقوم على أسس المواطنة والعروبة، وليس باسم العشيرة، محذرا من تراجع وانهيار القيم، متهما الحكومة بتخريب القيم المدنية والسياسية.
وتساءلت الحقوقية هديل عبد العزيز، هل الإصلاح أولوية عند الحكومة والدولة، وهل يمكن المضي في طريق الإصلاح في ظل تجاهل وإنكار لمنظومة حقوق الإنسان؟
وقالت: التقارير التي ترسلها الحكومات لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مثلا تتضمن سرديات جميلة لما تفعله وتقوم به، ولكن مجرد كلام ليس هناك من يطبقه أو يقتنع به، أو يسمعه.
وأكدت أن حقوق الإنسان في ظل التجارب اول ما يذبح في ظل تغيير الأولويات، أو حينما تواجهنا أزمة.
وبينت عبد العزيز أن الدولة تتعامل مع حقوق الإنسان بشكل انتقائي، وبما يخدم أجندتها، منبهة إلى أن آليات المساءلة غائبة، وهذا يعود إلى القيود المفروضة على حرية التعبير، وضعف الثقة بين المواطن والحكومات، وغياب التمثيل الشعبي، وانهيار المؤسسات، وانعدام سيادة القانون.
وأشارت إلى أن الحكومات لا تنظر بجدية إلى انتهاكات حقوق الإنسان، ولا تتحرك بوقتها بحزم، وتنظر إلى كل قضية حقوق الإنسان على أنها شيء تكميلي.
ونوهت إلى أن بعض الحقوق الدستورية تُهدر تحت ذرائع كثيرة، كان آخرها الحالة الوبائية لجائحة كورونا، حيث وضعت قيود على حرية التجمع السلمي، ومنعت الاحتجاجات في حين سُمح بإجراء الانتخابات.
وأكدت عبد العزيز أن الإصلاح في مجال العدالة والقضاء هو الأولوية التي يجب التركيز عليها كونها الحلقة الوحيدة القادرة على حماية الحقوق الدستورية، وإصلاح الاختلالات.
ورفضت كل محاولات للتضييق على المجتمع المدني، وشيطنة النشطاء الحقوقيين، مؤكدة أن لا إصلاح دون ضمان حقوق الإنسان.
وشهد الملتقى الذي أداره منسق “همم” نضال منصور، بعد المداخلات الرئيسية حوارات ومناقشات ساخنة عن التحديات التي تواجه الإصلاح في الأردن.