اثارت اهتمامي عبارة قالها من القلب في خطاب الثقة للحكومة الأردنية النائب د. محمد نوح، عبارة تختزل معظم ما نحن فيه من تدني في أداء القطاع العام الحكومي. قال النائب مخاطبا الوزراء نحن كل ما نريد في المرحلة القادمة من السلطة التنفيذية هو ما أسماه بالثورة البيضاء، وفسر ذلك مخاطبا إياهم، أعلم انكم غير فاسدين ولكن افتحوا اعينكم على من هم تحت ايديكم ويعني بذلك بالضرورة الصف الأول في وزاراتكم.
النائب المحترم كان وزيرا يوما ما وهو يعي ما يقول ويعي كيف يتم تحوير وتغيير وتعديل مفاهيم الوزراء خلال فترة معلومة تختلف مدتها بين الوزراء.
فمعظم الوزراء عندما يتم ايكال الحقيبة الوزارية اليهم، يذهب احدهم الى وزارته وهو يمتلك من الدفع الذاتي والنفسي لإجراء عملية التغير والإصلاح اللازمة وبالسرعة الممكنة، وانه لن يتهاون في ان يفعل ما هو ضروري في سبيل احداث نقله نوعية في وزارته، وهذا أيضا بالضرورة ما يريده رئيس الحكومة عندما اختار هذا الوزير او ذاك من بين قائمة من الأسماء المرشحة للوزارة، فاختياره لم يكن بطبيعة الحال من اجل تسيير الاعمال في وزارته، بل هناك مفاصل يعلمها الرئيس واحيانا نفس الوزير يعلمها في مرحلة سابقة، وكان مشخصا بامتياز لإمراض وعلل الوزارة بشكل يفوق كل التوقعات.
ومن تعامل او عمل في القطاع العام فانه يعلم ولا مجال للشك بان في معظم الوزارات يوجد هنالك موظف او اثنين وقد لا يتجاوز عددهم الى بضع موظفين هم في الغالب لا يختلف اثنين على ان سلوكهم الوظيفي وقربهم من كل وزير جديد لا يبشر بخير، مما اعطى هؤلاء خبرة واسعة مع مرور الوقت ومع تعاقب الوزراء على كرسي الوزارة.
وهنا تأتي أهمية ما تحدث به النائب عن الثورة البيضاء. وانني اعتقد ان معظم الوزراء يوافقون النائب المحترم ويعلموا ان هؤلاء الموظفين يجب ابعادهم عن الطريق لان الهدف في التطوير والتغير والإصلاح…..الخ، لا يتأتى بوجودهم في المسيرة المنشودة.
ويتحفنا الوزير في العادة بكل عبارات الاطمئنان لجميع الموظفين بان التغير والإصلاح قادم ولكن نحن في مرحلة انتخابات النواب وطلب الثقة ونحتاج الى وقت لدخول مرحلة الإصلاح ، ثم ينتقل الى مرحلة يقول ان المرحلة القادمة مرحلة حساسة وهي طلب الثقة من النواب وبعد منح الثقة تأتي مرحلة الثقة على موازنة الدولة وسوف يتم ما وعدنا به.
وفي هذه الفترة من الوعود فان الطرف الاخر لديه من الخطط والوسائل المحكمة ليقوم بعملية تدجين تسابق الزمن ليقع في حفرتها الوزير من حيث يعلم او لا يعلم.
وعندما يأتي اليوم الموعود لتحقيق ما وعد به من قبل ان يدخل وزارته ليجد نفسه لا يستطيع، ويخرج علينا باسطوانة ان هذا الشخص او ذاك كنت أسئ الضن به والأخر بانه يعمل ما هو مطلوب منه بصورة افضل من غيره…. وهكذا يصبح الوزير مسيرا لإعمال الوزارة وبالضبط كما هو حال من سبقوه من الوزراء.
اليس هذا ما حصل مع بعض الوزراء كوزير البيئة مثلا والذي قد يشفع له انه ربما لم يستمع او لم يحضر جلسة ما قاله معالي النائب والوزير السابق من نصائح. اليس هو وغيره قد دخلوا مرحلة تسيير الأمور في مواقعهم مبكرا.
د. ماجد فندي الزعبي/ مستشار في الزراعة والبيئة