صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
من كثرة المكالمات الهاتفية التي تلقيتها حول الحجر الصحي في الفنادق، والتي تفرض على الأهل العائدين من الخارج ( المحجورين في الفنادق ) ، قررت أن أشارككم بعضا من يومياتهم.
بداية ، نتفق على أن الحجر اليوم يختلف كليا عن أول حجر مؤسسي نفذ برعاية حكومية ، حيث استقبل الأشخاص الذين فرض عليهم الحجر بالورود ، وشاركناهم تفاصيل حجرهم ، وتابعنا معهم كيفية إعداد وجبات الطعام لهم، وتوزيعها عليهم بطريقة حضارية، واحتفلنا معهم ( عن بعد )، بعيد ميلاد طفلة محجورة مع والدتها، وبحفل زفاف تلقوا فيه هدايا ملكية ، وشاهدنا نقل المحجورين إلى منازلهم بسيارات( التطبيقات)، وقرأنا معهم رسالة وزيرة سياحتنا ” نورتوا قلوبنا قبل بيوتكم “.. وكل ذلك دون أن يدفع أحدهم قرشا واحدا !!
توقف كل ذلك ، فور انتهاء الاستعراض الإعلامي ، وكسبنا سمعة عالمية حول الإجراءات التي اتخذها بلد صغير في مواجهة فيروس مجهول الهوية ، ونازعنا دولا نفطية ثرية فيما تقدم لأبنائها من رعاية صحية وإنسانية في فنادق ذات خمس نجوم ، ودون مقابل .
وبدأ الجد ، وفتحت المنصات لاستقبال الأهل العائدين ، على حسابهم الخاص ، الذين دفعوا كل تكلفة الحجر وما يتبعها، ومع ذلك لم يحصلوا على الخدمات ، التي قدمت في المرة الأولى لمن لم يدفعوا !!
وهنا تكشف لنا الوجه الحقيقي ، واختلفت الرعاية ، حيث كان الحجر في غرف تفتقد للنظافة ، وتخلو من المنظفات ، وأصبحت وجبات الطعام تترك على الأرض أمام الغرفة ، وعائلات تحجز في كرفان مخصص لفرد واحد، وعائلات تُجبر على دفع أثمان ثلاث غرف ، ولكنها تحجر في غرفة واحدة ، وتخسر أموالها المدفوعة .
ومن اليوميات المكرورة والأكثر استغرابا ، ما يتعلق بإجراء فحص الكورونا للمحجورين داخل الفنادق ، حيث يجرى الفحص لهم لأكثر من مرة خلال فترة حجرهم ، ولكن لا يتم تسليم نتيجة الفحص لأي محجور ، وكل ما يقال لهم ، النتيجة تحتاج إلى اثنتين وسبعين ساعة ..فإذا كانت إيجابية سنقوم بالاتصال بكم !!
وبذلك يتساوى من كانت نتيجة فحصه إيجابية أو سلبية في عدم حصوله على النتيجة مكتوبة أو تلقيه رسالة نصية عبر هاتفه النقال !!.. الأمر الذي يطرح سؤالا ، لماذا لا يتم تسليم المواطن نتيجة فحص كورونا ؟!. في الوقت الذي أكدت فيه كوادر فرق التقصي الوبائي أنها تأخذ المسحة للمواطن ، إلا انها ليست الجهة المخولة باستخراج النتائح !!..
ومن أغرب اليوميات ، إخلاء سبيل بعض المحجورين في الفنادق من الحجر الصحي في اليوم التاسع ، اذ لم يكملوا مدة الحجر ، وعند استفسارهم عن فرق الأيام المدفوعة ، يطلب منهم مراجعة الملكية الأردنية ، ليكتشفوا بأن وزارة السياحة هي المسؤولة !!
المضحك المبكي ، في يوميات أحد المحجورين، عندما تلقى اتصالا بأن نتيجة فحصه سلبية ، ليتلقى مكالمة في اليوم السابع لابلاغه بأن النتيجة إيجابية وسيتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج ، على الرغم من أن ” تطبيق أمان “ما زال يعطيه رسالة بأنه ” لا يوجد نقاط التقاء حاليا ” !!!..وكذلك لم يرسل التطبيق أي رسالة للعاملين المخالطين في الفنادق !!.. واضعو التطبيق الشباب “الهواه المتطوعون” لم ينكروا في لقاءات إعلامية بأن هناك الكثير من التحديثات والتطويرات ما زال التطبيق يفتقد لها .
وأما أكثر تلك اليوميات ايلاما ، قصة الفتاة التي ناشدت عبر إذاعة محلية، المطالبة بحجرها مع والدها المسن القادم من الخارج لتقوم برعايته ، ولكن لم تتم الاستجابة لطلبها ، وللأسف وجد في اليوم التالي متوفيا في الحجر الفندقي في غرفته وحده !!
واليوم ، وبعد إعادة فتح مطارنا ، وتوقعات بعودة الالاف إلى الأردن ، على الحكومة اتخاذ قرار جريء ، كما فعلت كل دول العالم ، بأن تلغي الحجر الفندقي ، وتحويله إلى حجر منزلي مع توقيع تعهد بفرض غرامة مالية كبيرة جدا في حال المخالفة ، لأنه ليس من المنطق أن المخالط لمصاب تطلب منه الحكومة أن يحجر نفسه في بيته ، في الوقت الذي يحجر القادم من السفر وهو غير مصاب ولا مخالط لمصاب في الفندق لمدة أربعة عشر يوما ، وعلى حسابه الخاص .
إن تعديل إجراءات الحجر المؤسسي سيوقف المحجورين عن تدوين ” يوميات محجور” المليئة بالسخط والغضب الذي يسكن صدورهم وصدور أهاليهم ، وما له من انعكاسات سلبية على الوطن .
Jaradat63@yahoo.com