منتدى الفكر العربي يستضيف لقاءً لخبراء عرب يناقشون مسارات الطاقة
6 ديسمبر 2021
القيسي: تحديات استخدام الوقود الأحفوري تتطلب تعاوناً دولياً واعتماد أهداف وسياسات وآليات فعالة للاستثمار، لتأمين طاقة نظيفة يحتاجها الإنسان والبيئة
د. الجلبي: إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في عام 2026 سيعادل إجمالي إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري والطاقة النووية
د. الجبوري: ما يقارب من نصف إنتاج النفط سيتم الاستغناء عنه نتيجة التوقف عن إنتاج السيارات المستهلكة للوقود
الطاهر: الاعتبارات السياسية والأمنية تسيطر على قطاع الطاقة من حيث الإنتاج والتوزيع والأسعار
د. بدران: على الدول العربية المعتمدة على النفط تطوير بنية الاقتصاد الوطني والعمل على مشروع وطني لتصنيع الاقتصاد وتنويع مصادره
الوكاع: وجود النفط في سلة الطاقة لغاية 2050 يفرض على الدول المنتجة له عدم التحول إلى الطاقة المتجددة بشكل سريع
صراحة نيوز – – عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 1/12/2021، لقاءً حواريًا عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه استشاري الاقتصاد والطاقة وعضو المنتدى الأستاذ كمال القيسي حول “مسارات الطاقة”، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء، الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبو حمّور، خبير النفط ووزير النفط الأسبق وعضو المنتدى من العراق د.عصام الجلبي، واستشاري شؤون النفط والوزير الأسبق في العراق الأستاذ محمد الجبوري، وأمين عام اتحاد رجال الأعمال العرب والوزير الأسبق وعضو المنتدى الأستاذ ثابت الطاهر، والمستشار الرئيسي للعلاقات الدولية والوزير الأسبق وعضو المنتدى د.إبراهيم بدران، وخبير النفط ووكيل وزارة النفط الأسبق في العراق الأستاذ عبد الجبار الوكاع.
أوضح المُحاضِر القيسي أن توظيف الموارد الهيدروكربونية أنتج أنشطة ومصالح كبيرة أثرت على المسارات السياسية والاقتصادية والمالية في البلدان المنتجة والمستهلكة للنفط والغاز، وفي الأسواق والمؤسسات العالمية ذات العلاقة، وأوضح أن الشركات النفطية العالمية الكبرى وحكوماتها الداعمة هي المتحكم الأول في تطوير التكنولوجيا، ومسارات الأنابيب النفطية وحركة الناقلات، والبورصات العالمية، والمؤسسات المالية الاستثمارية، والبنوك الدولية، وغيرها من القطاعات ذات الصلة بالنفط.
وأشار القيسي أن بيئة المناطق النفطية، وفي مقدمتها مناطق الشرق الأوسط، تتصف بأنها غير مستقرة، بسبب العوامل الجيوستراتيجية المعقدة، والصراعات والنزاعات، والتقلبات الاقتصادية والسياسية مما أدى إلى تحوُّل اهتمام أمريكا والدول الأوروبية نحو مناطق وأحواض نفطية بعيداً عن هذه المناطق.
وبيَّن القيسي أن المظاهر السلبية في استخدام الوقود الأحفوري وضعت العالم في مواجهة عدد من التحديات التي تتطلب التنسيق والتعاون الدولي من أجل تأمين الطاقة النظيفة التي يحتاجها الإنسان والبيئة على المستوى العالمي، وأنه ينبغي أن تتسارع التطورات في مجال التكنولوجيا والسياسات المتعلقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
ناقش المتداخلون التحولات الكبيرة على مسارات الطاقة واستخدامتها خلال العقود المُنصَرمة والقادمة، وأهمية هذه التحولات وانعكاسها على البيئة الطبيعية، والبيئة الاقتصادية والاستثمارية في منطقة الشرق المتوسط، كما أشاروا إلى هيمنة الشركات الأجنبية وحكوماتها على قطاع النفط.
وأكَّد المتداخلون إلى ضرورة التحول لاستخدام الطاقة المتجددة، من خلال توظيف التقدم التكنولوجي والعلمي في هذا المجال، وأن تستعد الدول المنتجة للنفط للتحول الذي سيطرأ على النظم الاقتصادية خلال السنوات القادمة، من خلال تطوير وسائل وطرق أخرى للاقتصاد والاهتمام بالطاقة البديلة.
التفاصيل:
أشار كمال القيسي إلى أن توظيف الموارد الهيدروكربونية أنتج أنشطة ومصالح كبيرة أثرت على مسارات السياسة والاقتصاد والمال في البلدان المنتجة والمستهلكة للنفط والغاز، وفي الأسواق والمؤسسات العالمية ذات العلاقة، وأن الشركات النفطية العالمية الكبرى وحكوماتها هي المتحكم الأول في مجال تطوير التكنولوجيا، ومسارات الأنابيب وحركة الناقلات النفطية، والبورصات العالمية، والمؤسسات المالية الاستثمارية، والبنوك الدولية، والقطاعات ذات الصلة بالنفط.
وبيَّن القيسي أن المناطق النفطية، وفي مقدمتها مناطق الشرق الأوسط، تتصف بأنها مناطق غير مستقرة، وذات مشاهد أمنية وتقلبات سياسية واقتصادية عديدة، بسبب العوامل الجيوستراتيجية وتأجُّج النزاعات والصراعات، مما أدى إلى تحول استثمارات القوى الكبرى الأميركية والأوروبية والشركات النفطية إلى مناطق أكثر أمناً واستقراراً كمنطقة خليج المكسيك، ووسط آسيا، وتشاد، والسودان، وكندا وغيرها من المناطق، لضمان انسيابية تدفُّق التجهيزات النفطية والغازية.
وقال القيسي: إن الشركات النفطية الكبرى تعمل على تحقيق فرص حيازتها على الاحتياطيات النفطية والغازية في المناطق البعيدة وإيصالها للأسواق العالمية، مما يحقق استثمارات عظيمة للبنوك والمؤسسات والصناديق المالية المتنوعة، ويأتي الاستثمار في هذا القطاع بالاعتماد على الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة من الموارد البترولية المنتشرة حول العالم والتي تقدر بحوالي 5 ترليون برميل، وذكر أن الطاقة العالمية لإنتاج السائل الهيدروكاربوني ستزداد من 93 إلى 110 مليون برميل يومياً بحدود العام 2030، وأن الطلب على النفط سيصل إلى 109.3 مليون برميل يومياً بحدود عام 2040.
وأوضح القيسي أن التوسع في استخدام الوقود الأحفوري أحدث تحديات عديدة منها: التلوث في مناخ الأرض والبيئة من جراء تصاعد الأبخرة الكربونية في الأجواء، مما أدى إلى تزايد معدلات الجفاف، وانتشار الحرائق، وتفاوت درجات حرارة الأرض، وحدوث أمطار غزيرة، وارتفاع مناسيب المد البحري. وتتطلب هذه التحديات تعاوناً دولياً واعتماد الأهداف والسياسات والآليات الفعالة والملزمة والتعاون والتنسيق للاستثمار من أجل تأمين طاقة نظيفة يحتاجها الإنسان والبيئة على المستوى العالمي، مبيِّناً أن هذه التحديات عملت على تسارع وتيرة التطوير في مجال التكنولوجيا والسياسات والبرامج المتعلقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وأن سهولة إدارة بعض هذه المصادر جعلتها منافساً للمواد الهيدروكربونية في مجال توليد الطاقة الكهربائية.
وفي نهاية حديثه أشار القيسي إلى أن استخدام الألواح والخلايا الشمسية وطاقة الرياح أَصبَحا جزءاً من صناعة الطاقة الكهربائية، وهذا أدى إلى حدوث قفزة تكنولوجية في نظام محطات توليد الطاقة الكهربائية وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء، إلا أن كلف إنتاجها تحتاج إلى معايير الاقتصاديات الكبرى.
وبدوره أشار د. محمد أبو حمّور إلى أن تقريراً للبنك الدولي صدر هذا العام 2021، بيَّن أن هناك تقدماً ملموساً منذ عام 2010 في مختلف أبعاد الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، إلا أنه تقدم متفاوت فيما بين المناطق. وأن أكثر من مليار شخص أُتيح لهم الحصول على الكهرباء على مستوى العالم خلال السنوات العشر الماضية، وأن جائحة كورونا حالت دون تمكُّن 30 مليون شخص آخرين من الحصول على خدمات الكهرباء الأساسية ويعيش أغلبهم في إفريقيا.
وأضاف د. أبو حمّور أن هناك متغيرات عدة ستطرأ على المنطقة العربية في حال التحوُّل إلى الطاقة المتجددة، منها كلف الطاقة الإنتاجية، وجانب الاستثمار الذي يُعدُّ المحرك الأساسي للاقتصاد، بالإضافة إلى التغيرات البيئية والصحية التي سيشهدها العالم. وذكر أن دولاً عديدة شهدت نمواً غير مسبوق خلال العشرة أعوام الماضية في مصادر الطاقة المتجددة، ومنها الإمارات ومصر والأردن، مبيِّناً أن على الأردن العمل على تطوير هذا القطاع بصورة أكبر والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة فيها وعلى رأسها الطاقة الشمسية، كون مدينة معان من أكثر مدن العالم التي تتعرض لأشعة الشمس.
وبيَّن د.الجلبي أن الدور الأساسي لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بدأ في السبعينات بعد الحظر النفطي على كل من أمريكا وهولندا، وذلك للحدِّ من سيطرة الدول الكبرى والشركات الأجنبية التابعة لها على شؤون الطاقة كافة، وأنها خلال السنوات الأخيرة ضمَّت 23 دولة مصدرة للنفط، للعمل على تحسين أسعار النفط في الأسواق، مؤكِّداً ضرورة أن تكون هذه الدول متهيئة ومستعدة للتغيرات التي ستطرأ على قضايا الاستثمار وعلى قطاع النفط والغاز، ومنها التحول إلى سيارات كهربائية بدءًا من عام 2025، وقرار منع الانبعاثات الغازية في عام 2050، وذكر أن أسعار النفط قد تأثرت بسبب جائحة كورونا التي عملت على خفض السعر إلى 21% تقريباً، وأن الطاقة المتجددة تمثل زيادة مقدارها 95% في القدرة على إنتاج الكهرباء من الآن حتى نهاية العام 2026، وأن الطاقة الشمسية ستشكل نصف هذه الزيادة، وأن إنتاج الكهرباء من طاقة المواد المتجددة في عام 2026 سيعادل إجمالي إنتاج الكهرباء العالمية من الوقود الأحفوري والطاقة النووية مجتمعين.
وبيَّن الجبوري أنه خلال الفترة 1970/1980 كان الخليج العربي هو مركز النفط في العالم، وأن الطاقة النووية كانت هي الطاقة الوحيدة المنافسة للنفط والغاز، أما الآن ونتيجة التكنولوجية فقد بدأت الطاقة تأخذ مسارات أخرى مغايرة لمصالح دول أوبك والدول المنتجة للنفط، وذكر أنَّ أكثر من 50% من استهلاك الطاقة يذهب إلى قطاع النقل، مما يعني أن ما يقارب من نصف إنتاج النفط سيتم الاستغناء عنه بسبب التطور الهائل في هذا قطاع، حيث حدَّدت كثير من الشركات المنتجة للسيارات بعد مؤتمر غلاسكو أن عام 2035 هو العام الأخير لإنتاج السيارات المستهلكة للوقود، وأشار إلى أن استهلاك العالم من النفط قبل جائحة كورونا كان حوالي مئة مليون برميل يومياً، وفي عام 2021 أصبح 97 مليون برميل يومياً، وأكد ضرورة أن تتعامل دول “أوبك بلس” المصدرة للنفط مع مسارات التغير العالمي للطاقة، وتعمل على تطوير مصادرها واستغلال مصادر الطاقة البديلة.
وقال الطاهر: إن الاعتبارات السياسية والأمنية تسيطر على قطاع الطاقة من حيث الإنتاج والتوزيع والأسعار، وبيَّن أن جائحة كورونا وتداعياتها من إغلاقات أثرت على الوضع الاقتصادي في مختلف دول العالم، وأن استغلال الطاقة البديلة يجب أن يركز بالدرجة الأولى على الطاقة الكهربائية وزيادة إنتاجها، وأكد ضرورة التنسيق بين الدول العربية والعمل على تطوير التكنولوجيا فيها في مجال الطاقة المتجددة، وخصوصاً الطاقة الشمسية ، وذكر أن الأردن والإمارات العربية والمغرب من الدول العربية التي نجحت في توليد الطاقة البديلة وتعمل على تحسين إنتاجها من الطاقة المتجددة.
وأوضح د. بدران أن التحول نحو الطاقة المتجددة أمر حتمي، ويتطلب من الدول المنتجة للنفط وخاصة الدول العربية النظر إلى تاريخها في تعاملها مع النفط، وعدم السماح للشركات والدول الأجنبية أن تدخل بهذا القطاع كما فعلت بقطاع النفط، ومن هنا ينبغي على الدول العربية العمل على تحسين بنية الاقتصاد الوطني وتطويرها من خلال تحسين التكنولوجيا، والهندسة، والقدرة على الاستثمار والتصنيع، والعمل على مشروع وطني لتصنيع الاقتصاد وتنويع مصادره في الدول التي تعتمد على النفط بشكل كبير في اقتصادها، وأكد ضرورة أن تبدأ المنطقة العربية بتصنيع المعدات والخلايا والأنظمة سواء للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، والدخول في تصنيع تكنولوجيا الطاقة المتجددة بأشكالها المختلفة.
وبدوره أضاف الوكاع أن اكتشاف النفط في بداية القرن 21 في منطقة الشرق الأوسط عزز أهمية المنطقة عند دول العالم المختلفة، بسبب تأثير النفط على اقتصادات العالم، وعلى القوى العسكرية والزراعية والصناعية، حيث إن اكتشافه كان بداية الثورة الصناعية الثالثة، وأشار إلى أن شركات النفط العالمية تهيمن منذ عقود على النفط وتتحكم بأسعاره ونسب الإنتاج، متجاهلةً ما يصيب شعوب البلدان المنتجة للنفط من خسائر، وبيَّن أهمية وجود التشريعات الوطنية والحفاظ عليها في الدول المنتجة للنفط لحماية ثرواتها الهيدروكربونية، وتعاون تلك الدول في الدفاع عن مصالح شعبها في الحصول على الأسعار المناسبة لبيع النفط، وأشار إلى أن النفط سيكون موجوداً في سلة الطاقة لغاية العام 2050، مما يفرض على الدول المنتجة للنفط عدم التحول إلى الطاقة المتجددة بشكل سريع.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.