صراحة نيوز – منتصر السليمان
الثّلاثينيّ من عمره ، يعمل ضمن طاقم جهاز الدفاع المدني الأردني ، أبو خليل الذي ترددت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي ، والمحطات الإخبارية الوطنية ، كخبر عاجل ، في كل ساعة تراه ، ملامحه السمراء المعجونة بالبساطة ، يتابع عن كثب تفاصيل الركام ، هنالك في العمارة المنهدمة _اللويبدة ، أصدقاء أبو خليل فخورين به جدّاً ، وركبوا مقاطع الأغاني الوطنيّة على صورته ، وأرفقوها بخانة الحالات ، أبو خليل بطلاً حقيقياً ورجل مواقف ، ذراعه بين الركام ، يتحسس أي نبض هنا أو هناك ، ويقلب الحجارة ، يبحث عن وطن يحبه ، ويخافه ، ويرتجف عليه ، هو وزملاؤه صادقين ووفين كثيراً ، رغم رواتبهم المتدنيّة ، التي لا تكفي لأثمان الأجور والمواصلات ومصاريف الزواج والأطفال ، فما يخفّف الألم ، أن الحكومة تتابع أبو خليل من أبراج مراقبتها من على الشّرفة ، مواقعهم التي تطل على الخراب ، وصور إعلامهم التي غالطتهم بدلاً من أن تسجّل حضورهم أبعدتهم كثيراً ، فأعطتهم قيمة لا تذكر ، بل ليس لها أي قيمة للشعور بالكارثة ، فمثلها تكون إطلالات الأبحار والطبيعة ، لا كوارث وأرواح ودمى ملطخة بالدماء .
أبو خليل ورفاقه جميعاً من الأجهزة الأمنيّة وفرق الإسناد والإنقاذ، برواتبهم التي لا تتعدى ٤٠٠ دينار أردنيّ ، يسجلون حضوراً حقيقياً ويبدعون ويثبتون من هم قادة الوطن ، ومن يهمهم شأنه ويضحون بأرواحهم على أعتاب حجارة غير مستقرة ، يبحثون وكلهم أملاً أن الوطن سيعيش ويحيى من تحت الحجارة ورغم كل الإنكسارات .
فأصحاب الوطن الحقيقيين ليسو من يتقاضون مئات الآلاف على حساب أبنائه ، ويمتلكون السيارات والقصور وحاسابات بنكية عالميّة ، بل جنوده وأمنه وشبابه الذين يبقون مع الوطن لآخر قطرة دماء في عروقه هم أهله وأصله وجذوره.
فتحية إجلال وتقدير للقادة أبنائنا في الأجهزة الأمنيّة ، ضباطاً وأفراداً ونقول لهم شكراً ( والله لا يضيعلكم تعب ) .