صراحة نيوز – فيما تسلم الأردن خلال اجتماع أمس على المستوى التحضيري للقمة العربية التي تلتئم في دورتها العادية 28 بعد غد الأربعاء في البحر الميت رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، حذر المشاركون في الاجتماع من أن “الأزمات والنزاعات المُسلحة المُتفشية في المنطقة تُشكل ضغطاً كبيرا على الموارد المطلوب توجيهها للتنمية”.
وأكد المتحدثون في الاجتماع ضرورة النهوض بالواقع الاقتصادي العربي، والتجارة البينية، وإزالة المعيقات التي تعترض التقدم الاقتصادي بين الدول الاعضاء في الجامعة العربية، في وقت أشاروا الى ان هناك حاجة إلى 60 مليون وظيفة خلال العقد المقبل في وقت لا يجد نحو 29 % من الشباب العربي وظائف، داعين بهذا الخصوص الى زيادة الاستثمارات والتبادل التجاري بين الدول العربية وتحقيق الأمن الغذائي العربي، وايجاد حلول للمشاكل التي تعصف بالشباب العربي.
وعرج المتحدثون على مسؤولية الدول العربية تجاه الدول التي تستضيف اللاجئين، لافتين الى ان لاجئي العالم العربي يُشكلون 50 % من لاجئي العالم، فيما هناك 2.8 مليون طفل سوري لا يرتادون المدارس.
أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أكد خلال مشاركته، أن “الأزمات والنزاعات المُسلحة المُتفشية في المنطقة تُشكل ضغطاً كبيرا على الموارد المطلوب توجيهها للتنمية، وتضع على كاهل الدول أعباء استثنائية غير مسبوقة، وتضع بلدان المنطقة كلها في مواجهة استحقاقات صعبة في المستقبل، سواء فيما يتعلق بمسألة اللاجئين، أو إعادة الإعمار، أو تراجع مُعدلات النمو”.
وقال، إن “الدول العربية التي تستضيف اللاجئين الذين فروا من ويلات الحروب تستحق منّا كل الدعم والمُساندة، وضربت المثل الحي على أن العروبة فعلٌ وعمل وليست مُجرد شعار أو كلام”.
وفيما أشار الى أن سكان المنطقة العربية يُمثلون 5 % من سكان المعمورة، قال إن اللاجئين العرب الذين هجورا موطنهم الى بلاد عربية أخرى يُشكلون 50 % من لاجئي العالم، مؤكدا أنه “لن يداوي جراح العرب سوى العرب وسيظل العرب هم الملجأ الأخير لإخوانهم”.
وشدد على أن “علينا جميعاً أن نشعر بالمسؤولية الجماعية إزاء هذه الأزمة الخطيرة التي تُهدد مُستقبلنا المُشترك”، خاصة أن هناك 2.8 مليون طفل سوري في سن الدراسة لا يرتادون المدارس.
وقال أبو الغيط، “لقد ثبت بالتجربة أن المسافة بين الفكر المتطرف وممارسة العُنف أقصر مما نظن، ومواجهة هذا الفكر، بالثقافة المُنفتحة والتعليم العصري الذي يُعزز قيم التسامح والمواطنة، هي ما يقطع الطريق على انتشار العُنف ويُجفف المنابع التي يتغذى عليها الإرهاب”، داعيا الى أن تكون هذه المواجهة عربية شاملة، وأن تقوم على استراتيجيات مُشتركة وتنسيق مُستمر بين الدول والحكومات، ليس فقط على الصعيد الأمني والعسكري، وإنما أيضا في مجالات التعليم والإعلام والعمل الاجتماعي، كون التطرف وليد اليأس والكراهية وظلام العقل.
أشار أبو الغيط في كلمته إلى أنه “ليس بخافٍ أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية لها مكان الصدارة على أجندة الاهتمامات العربية وأن المواطن العربي بشكلٍ عام ما زال يشعر بانعدام الأمن الاقتصادي، وثقته في المستقبل ضعيفة، وشعوره بضغط الأزمات الاقتصادية يتعاظم انعكاساً للتباطؤ على صعيد الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار النفط الذي لن تكون آثاره وتبعاته قاصرة على الدول المُصدرة للنفط وحدها، وإنما ستمتد لأغلب الدول العربية”.
ونبه أبو الغيط بهذا الخصوص إلى أن “الأخطر هو أن دول المنطقة العربية تمر بطفرة ديموغرافية تجعلها الأكثر شباباً مُقارنة بالمجتمعات الأخرى حيث أن ثُلث المواطنين العرب تقع أعمارهم بين 15 و 29 عاما، وهو ما يُشكل كتلةً ضخمة من السُكان يتجاوز حجمها 100 مليون إنسان لن يكونوا مجرد كتلة ساكنة أو راكدة، بل هم الأوثق اتصالاً بالعالم، والأكثر تعليماً، والأشد تطلعاً للمستقبل”.
وأضاف، أن 29 % من الشباب العربي لا يجدون وظائف، لافتا إلى أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن بُلدان المنطقة تحتاج إلى خلق نحو 60 مليون وظيفة خلال العقد القادم لكي تستوعب الداخلين الجُدد إلى سوق العمل، وهو ما وصفه ابو الغيط بـ “التحدي هائل، ولا بديل أمامنا لمواجهته سوى التحرك بجدية على طريق الإصلاح وخلق النموذج التنموي الجديد الذي نصبو إليه”.
ونبه إلى أنه برغم كل ما تحقق على مسار الاندماج الإقليمي والتكامل الاقتصادي فإن النتيجة لا زالت أقل بكثير من المأمول، موضحا أن التجارة البينية العربية لا تتجاوز في أكثر التقديرات تفاؤلاً، 8 – 10 % من مجمل التجارة العربية مع العالم.
وأوضح أن الاجتماع سيناقش الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع إلى القمة العربية، والذي يشمل عدداً من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية المهمة التي تُمثّل أولوية في أجندة الاهتمامات العربية ومنها: تطورات منطقة التجارة الحرة العربية الكُبرى والاتحاد الجمركي العربي، بالإضافة إلى الاستراتيجية العربية لتربية الأحياء المائية، والخطة التنفيذية الإطارية للبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي للمرحلة الثانية، والاتفاقية العربية لتبادل الموارد الوراثية النباتية وتقاسم المنافع الناشئة عن استخدامها، فضلاً عن دعم اقتصاد المعرفة في الدول العربية، وإنشاء آلية لتنفيذ مبادرة رئيس جمهورية السودان للاستثمار الزراعي العربي في السودان.
من جهته دعا وزير الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة الذي تسلم رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية من وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد اجاي، الى تكاتف الجهود العربية، والعمل على استغلال الفرص المتاحة للاقتصادات العربية، واستكمال العمل المشترك نحو التكامل الاقتصادي العربي. وأكد القضاة اهمية ازالة معوقات التبادل التجاري والاستثمار وتحقيق الأمن الغذائي العربي، بهدف تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وكي تستعيد الدول العربية مكانتها على الساحة الدولية.
وقال، إن تنفيذ الملف الاقتصادي والاجتماعي لمجلس الجامعة على مستوى القمة في هذه الدورة، ومعالجة قضايا منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطورات الاتحاد الجمركي العربي، والاستثمار في الدول العربية، من شأنه دعم الاطر المؤسسية الهادفة الى بناء شراكات بين الدول العربية والتكتلات الدولية والدول الصاعدة في العالم. ودعا بهذا الخصوص إلى الإسراع في استكمال مشاريع التكامل العربي المشتركة، خاصة في مجال الربط البري والبحري والسككي والكهربائي والمعلوماتي، بالإضافة الى تعزيز الأمنين: الغذائي والمائي، ودعم التشغيل بين الدول العربية، والدفع الى الأمام بالعمل الاقتصادي والاجتماعي المشترك، وبناء تكتل اقتصادي عربي على غرار التكتلات الاقتصادية العالمية من رفع حجم التبادل التجاري، المحدود نسبياً بين الدول العربية.
وقال، إن “الاردن يؤمن بدور المجلس الاقتصادي والاجتماعي في تحقيق التكامل العربي، ودوره المباشر في معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي عانت منها بعض الدول العربية نتيجة الاوضاع الجيوسياسية وعدم الاستقرار في المنطقة واثر ذلك على جهود التنمية ومكتسباتها”.
وأكد القضاة “استمرار الأردن بتحمل مسؤولياته وواجباته الوطنية والقومية تجاه أشقائه، في ضوء شح الإمكانيات وعدم القدرة على تحمل المزيد من الضغوط الاقتصادية الناشئة عن اللجوء السوري في المملكة”، مشيرا إلى تقديم المملكة الى المجلس “مبادرة من شأنها التخفيف من الاعباء التي تتحملها الدول العربية المستضيفة للاجئين وعلى الأخص اللاجئين السوريين”.
وأكد ان الظروف التي تمر بها المنطقة العربية القت بظلالها السلبية على جهود ومكتسبات التنمية في الدول العربية، فعلى صعيد معدلات النمو، تراجعت تقديرات البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتصل إلى ما نسبته 2.7 % العام 2016، بسبب تزايد حدة تداعيات العوامل التي أثرت سلباً على اقتصادات هذه الدول في الأعوام القليلة الماضية، والتي كان من أهمها تباطؤ النمو العالمي والتراجع الكبير في أسعار النفط والحروب والنزاعات في الإقليم.
كما تأثر، بحسب القضاة، أداء التجارة الخارجية للدول العربية متأثراً بتباطؤ النمو في التجارة العالمية، والذي قدرته منظمة التجارة العالمية، بـ 1.7 % للعام 2016 والذي يعدُّ أقل معدل نمو منذ الأزمة المالية العالمية.
وينطبق ذلك “على التجارة البينية للدول العربية التي تراجعت عن مستوياتها العامة خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي تعدُّ دون مستوى الطموحات وفقاً للإمكانات المتاحة”، موضحا أن نسبة التجارة البينية للدول العربية لم تصل على أقصى تقدير أكثر من 10 % من إجمالي التجارة العربية.
كما انخفض تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدول العربية خلال الفترة 2010 – 2015 بنسبة 43 % من 70 مليار دولار الى نحو 40 مليار دولار. من جهته عبر رئيس الدورة السابقة (27) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري للقمة، المختار ولد اجاي عن امله بأن “تكون منطقة البحر الميت معلما بارزا في مسيرة التنمية الاقتصادية العربية بما يحقق آمال وتطلعات شعوبها للوصول إلى التكامل الاقتصادي العربي”. وأكد ولد أجاي، ان رئاسة الاردن للمجلس ستدعم اعماله وتعطي اضافة نوعية في يخص العلاقات الاقتصادية العربية التي تواجه الكثير من التحديات الراهنة، مستعرضا الانجازات التنموية التي حققتها الدول العربية في مجال الصحة والتعليم والبنى التحتية والموارد البشرية، فيما “أعرب عن استغرابه لإصدار احكام مسبقة على هذه المسيرة”.
وتطرق ولد أجاي لبعض الإنجازات التي تحققت بمسيرة المجلس على مدار العام الماضي بعد تسلم بلاده رئاسة المجلس ومنها تنفيذ قرارات تتعلق باتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي وقواعد المنشأ.
وفيما دان الانتهاكات الاسرائيلية الصارخة بحق الشعب الفلسطيني، طالب ولد اجاي المؤسسات المالية العربية الدولية بـ “توجيه جزء من استثماراتها نحو الاقتصاد الفلسطيني ودعم صمود الشعب الفلسطيني من خلال صندوق الاقصى الذي هو احدى المبادرات العربية”.
ويناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي التحضير والنظر والإعداد في ملفات ومشاريع القرارات التي سيتم رفعها للقادة العرب خلال القمة.
كما يبحث الاجتماع البنود المدرجة على جدول أعمال القمة ضمن الملفين الاقتصادي والاجتماعي وفي مقدمتها تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل الاقتصادي والاجتماعي التنموي العربي المشترك والإجراءات التي اتخذتها الدول العربية والأمانة العامة للجامعة العربية والمجالس الوزارية المتخصصة ومؤسسات العمل العربي المشترك بشأن متابعة تنفيذ القرارات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الصادرة عن قمة نواكشوط في تموز (يوليو) الماضي.
كما يناقش المجلس تقريرا حول متابعة التقدم المحرز في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطورات الاتحاد الجمركي العربي ومتطلباته باعتبارهما أحد أكبر أهم المشاريع في مجال التكامل الاقتصادي العربي، ووضع استراتيجية تمويلية للتجارة العربية البينية ذات المنشأ العربي في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تشترك فيها كافة مؤسسات التمويل العربي ذات العلاقة بالتجارة وائتمان الصادرات، ووضع بروتوكول ينظم أخطار الدول العربية في منطقة التجارة بأية اجراءات تجارية تصدرها الدول الأعضاء لضمان عدم تطبيق الحواجز الفنية أمام التجارة بما فيها تدابير الصحة والصحة النباتية.
وينظر المجلس في مشروع قرار يتضمن وضع استراتيجية للتعاون الجمركي العربي لتحديث المنافذ الجمركية لتسهيل وتعزيز أمن التجارة العربية في ظل المخاطر الأمنية التي تشهدها الدول العربية والعالم ودعوة الدول الأعضاء إلى الالتزام بقرارات القمم العربية التنموية ذات العلاقة بمتطلبات منطقة التجارة بما فيها توفير الدعم للدول الأقل نموا (فلسطين واليمن والسودان) وإيجاد “صندوق تعويضي” للدول التي تتضرر إيرادتها الجمركية.
كما يناقش المجلس الاستراتيجية العربية لتربية الأحياء المائية المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية وهي الاستراتيجية التي تدعم الأمن الغذائي العربي والتي تشمل الأسماك والرخويات والعشبيات لتدخل حيز التنفيذ، ويبحث الخطة التنفيذية الإطارية للبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي في مرحلته الثانية 2017 – 2021، وآلية تنفيذ مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير للاستثمار الزراعي العربي في السودان للمساهمة في سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي العربي.
ويناقش المجلس كذلك الاتفاقية العربية لتبادل الموارد الوراثية النباتية والمعرفة التراثية وتقاسم المنافع الناشئة عن استخدامها، وإدارة الاستدامة المالية في الدول العربية، وملف اقتصاد المعرفة في الدول العربية، ومشروع قرار يتعلق بموضوع اللاجئين والنازحين في الدول العربية في ضوء النزاعات المسلحة في الدول العربية، والتي أدت إلى تزايد أعداد اللاجئين ما زاد من الاعباء على دول الجوار.
وبخصوص الملف الاجتماعي يناقش المجلس مشاريع قرارات تتعلق بمتابعة وتنفيذ قرارات القمم السابقة فيما يتعلق بمكافحة الفقر وقضايا تمكين المرأة والشباب والصحة والتعليم، والتعرف على متابعة تنفيذ القرارات الاجتماعية التي تم اتخاذها في القمة العربية السابقة في نواكشوط.
الغد