صراحة نيوز – إن فئة الشباب من أهم فئات المجتمع نظرا لكونهم عصب معظم مناحي الحياة، فهم القادرون على إحداث التغيير الايجابي في المجتمع ان كانوا يتمتعون بالمهارات والامكانات المطلوبة. الأردن ليس استثنائاً، بل على العكس، فنسبة الشّباب في الأردن، بحسب الأمم المُتّحدة، تصل إلى 70%، ما يقرُب من ثلثهم تتراوح أعمارهم بين 15 – 24 عاماً.
عند أخذ هذه النِّسب بعين الاعتبار، فإنّنا نجد أنّ وجود الخُطط التّنمويّة في الأردن في أيِّ مجالٍ كان دون مُشاركة الشّباب سيؤدِّي حتماً إلى فشل هذه الخُطط، لأنّ أيّة خُطّة أو استراتيجيّة تستثني النّظر إلى احتياجات وأرآء أغلبيّة المُجتمع هي محكومة بالفشل.
إنّ النّظر إلى السِّياق العام والاعتبارات الاجتماعيّة والسِّياسات التي تحُد من مُشاركة الشّباب قد تكون خطوةً أولى نحو الوصول إلى فهمٍ مُشترك لمُشاركة الشّباب وخلق أرضيّةٍ مُشتركة بين الشّباب أنفسهم وصانعي القرار والمُجتمع المدني؛ وعليه فإننا اليوم نطلق أجندة الشباب للعمل العام في الاردن والتي تستعرض أهم المشاكل التي تُواجه مُشاركة الشّباب ثمّ إلى أهم التّوصيات المُتعلِّقة بالسِّياسات التي من المُمكن أن تعمل على تحسين وضع مُشاركة الشباب في الأردن والخروج بخطوات عملية تعمل على تعزيز مشاركة الشباب في الحياة العامة على جميع المستويات
تشير الأجندة الى أكثر الاسباب التي تحد من مشاركة الشباب في الحياة العامة آلا وهي الظروف الاقتصادية الصعبة بالاضافة الى أسباب عديدة أهمها:
– عدم التطرق الى موضوع العمل العام والمشاركة في كل المراحل التعليمية في المملكة، بحيث يتم التركيز على معلومات تلقينية حول النظام السياسي دون الحديث عن المواطنة والحقوق والواجبات
– ضعف الأحزاب السٍّياسيّة في المملكة، بحيثُ تعجز عن جذب الشّباب للانضمام والمُشاركة بسبب عدم وجود فُرص للشّباب داخل الأحزاب السّياسيّة وعدم وجود إطار قانوني يُشجِّع الشّباب على الانخراط في الأحزاب السّياسيّة.
– عدم وجود منظومة قانونيّة تُشجِّع الشّباب على المُشاركة في عمليّات صُنع القرار على جميع المستويات، فعمر الحد الأدنى التّرشُّح للانتخايات النّيابيّة مازال 30 عاماً، ممّا يعني أنّ المُرشّح بالضّرورة لا يُعتبر من قئة الشّباب بحسب المعايير المُعتمدة دوليّاً.
– عدم قبول المجتمع، وتحديداً القياديين والسّياسيين والمسؤولين لدور الشّباب في المجتمع واعتبارهم فئةً لا تُدرك مصلحة المُجتمع وبالتّالي عدم إعارتهم أيّ اهتمام وعدم الاستماع لأرآئهم.
عُزوف الشّباب أنفسهم عن المُشاركة في الحياة العامّة لعدّة أسباب: قلّة وعي الشّباب للدّور الإيجابي والأثر الذي يستطيعون إحداثه في مجتمعاتهم؛ الابتعاد عن المُشاركة في الشّؤون العامّة خوفاً من المُلاحقة الأمنيّة؛ تجنُّب النّظرة السّلبيّة من المُجتمع والتي أحياناً ما ترتبط بانضمام الشّباب لمُعترك العمل العام؛ التّركيز على الحصول على فرصٍ اقتصاديّة وإعطاؤها الأولويّة على العمل العام؛ الإحباط المُقترن بالإحساس بعدم الإنجاز بسبب عدم استماع قادة المُجتمع إلى الشّباب وأخذ أرآئهم بجديّة؛ رفض معظم الأهالي لمُشاركة أبنائهم في الحياة العامّة اعتقاداً أنّ ذلك سيؤثِّر سلباً على مُستقبلهم ويُعرِّضهم للمُلاحقة؛ إحساس الشّباب بأنّهم مُهملون بسبب عدم استشارتهم بالشّؤون العامّة، وخصوصاً تلك التي تؤثِّر مباشرةً على حياتهم ومُستقبلهم.
الحلول المقترحة والتوصيات المقدمة من الشباب:
أولا: ادخال المواطنة الفاعلة من منطلق الحقوق والواجبات في كافة المراحل التعليمية حيث يجب أن يبدأ ذلك من المراحل الأولى في التّعليم عن طريق استخدام التّفكير النّقدي والمهارات الحياتيّة والمُواطنة كروافد أساسيّة للعمليّة التّعليميّة، والابتعاد عن الإسلوب التّلقيني والمناهج المحدودة بمعلومات نظريّة لا تتعدّى كونها معلومات عامّة عديمة الأثر على الطُّلاّب، وخصوصاً في مرحلة المدرسة. فيما يتعلّق بالتّعليم الجامعي، يجب تكثيف التّركيز على المواطنة والمُشاركة في الحياة العامّة عن طريق تعزيز الفكر الدّيموقراطي داخل الجامعات والمعاهد وتفعبل المجالي الطُّلابيّة المُنتخبة بالكامل بحيثُ يكون لها دورٌ في وضع الخُطط والسّياسات التّعليميّة المُناسبة للشّباب داخل الجامعات والاتّجاه نحو لامركزيّة التّعليم الجامعي بحيثُ تكون الخيارات والأساليب التّعليميّة والمهارات المُقدّمة ضمن اهتمامات الشّباب وعاكسةً لهمومهم وقضاياهم. كما يجب تفعيل مراكز خدمة المُجتمع في جميع الجامعات لتقوم بالدّور المُتوقّع منها.
ثانيا: إعادة النّظر في القوانين والتّشريعات والمُمارسات المُتعلِّقة بمُشاركة الشّباب في الحياة العامّة؛ فعلى مستوى قانون الانتخاب لمجلس النُّوّاب وقانون الانتخابات البلديّة واللامركزيّة، يجب أن يكون عمر التّرشُّح 18 عاماً بحسب المعايير الدّوليّة؛ إنّ 51% من سكّان العالم هم من الشّباب بينما 2% فقط من الهيئات المُنتخبة في العالم هم من الشّباب. أنّ إجراء تعديل من هذا النّوع لن يعمل فقط على تشجيع الشباب على المُشاركة، بل سيدفع بالأحزاب السِّياسيّة والقيادات المُجتمعيّة لأخذ الشّباب بجديّةٍ أكثر والعمل على إشراكهم.
فيما يتعلّق بقانون الأخزاب السِّياسيّة، فإنّ وضع حدٍّ أدنى لتمثيل الشّباب في أي حزب قد يكون حافزاً قويّاً لدفع الأحزاب السِّياسيّة لاستهداف الشّباب والعمل معهم أكثر، ولكن يجب أن يتماشى ذلك مع إعطاء مساحة للأحزاب للعمل مع الشّباب بحريّة أكبر وعدم مُلاحقة الشّباب الحزبيين والتّضييق عليهم، خصوصاً ذاخل الجامعات؛ كما أنّ إعادة النّظر بموضوع وجود دور واضح للأخزاب السّياسيّة داخل الجامعات قد يكون له أثرٌ كبيرٌ على مشاركة الشّباب في الحياة العامّة.
على مستوى، المُجتمع والنّطرة السّلبيّة لمُشاركة الشّباب في الحياة العامّة، فإلمطلوب هو جهود توعويّة مُركّزة في كافّة مناطق المملكة بحيثُ تتضمّن رائل موجّهةً للأهالي والقادة المُجتمعيين حول دور الشّباب وضرورة مشاركتهم والمنافع التي سيجلبُها ذلك على المجتمع ككُل، كما يجب أن تُركِّز هذه الحملات على التّأكيد على ضمان الحقّ في التّعبير عن الرّأي والمُشاركة في الحياة العامّة والأحزاب السّياسيّة دون التّعرُّض للمُلاحقة والمُضايقة.
ثالثاً: التّعليم غير الرّسمي: المقصود هنا هو تعليم الكبار ممّن تعدُّو سنّ الثامنة عشرة، وهو دورٌ منوطٌ بالدّرجة الأولى بمؤسّسات المجتمع المدني بحيثُ تُركِّز هذه البرامج التّعليميّة على المهارات الحياتيّة والمواطنة والحقوق والواجبات وبناء ثقافة الدِّيموقراطيّة واحترام الرّأي وحريّة التّعبير عن طريق استخدام وسائل غير تقليديّة مثل التّدريب التّشارُكي، المُشاركة في التّخطيط للبرامج المُصمّمة للشّباب، استخدام التّفكير النّقدي، الفنون والتّفكير الإبداعي والتّفكير التّحليلي. إنّ التّركيز على هذه المناهج والمواضيع هي الطّريقة الأمثل لتعويض ما فقده الشّباب في المؤسّسات التّعليميّة في مراحلها المدرسيّة والجامعيّة.
رابعاً: تأسيس لجان شبابيّة على جميع المستويات قد يشمل ذلك: المجالس البلديّة، مجالس المُحافظات (التّنقيذيّة والمُنتخبة)، مجلس النُّوّاب، الوزارات، الجامعات، الهيئات المُستقلّة والأحزاب السّياسيّة؛ بحيثُ تقوم كُلٌّ من هذه المؤسّسات بتشكيل مجلسٍ استشاريٍّ من الشّباب يٌقدِّم النُصح والاستشارة لهذه المجالس والهيئات في جميع أمورها عامّةً وفيما يتعلّق بالشّباب خاصّةً
خامساً: توفير الدّعم المالي للشباب من خلال: الإيعاز للمُنظّمات الدّوليّة والهيئات المانحة بتوفير جزء من دعمها لمشاريع دمج الشّباب؛ تفعيل دور القطاع الخاص عن طريق برامج المسؤوليّة الاجتماعيّة وتخصيص جزءٍ من هذه الأموال للعمل مع الشّباب؛ تخصيص صناديق للعمل مع الشّباب داخل الجامعات بحيثُ يتمُّ تمويل هذه المشاريع عن طريق تخصيص جزءٍ من موازنات الجامعات للعمل مع الشّباب، ومن المُمكن دمج ذلك في صندوقٍ واحد تُساهم فسه جميع الجامعات؛ تشجيع المُنظّمات الدّوليّة، مؤسّسات المجتمع المدني والشّركات على ضمّ الشّباب كمُتدرِّبين وتزويدهم بالمهارات والقُدرات التي تُساعدهم على المُشاركة في مجتمعهم وخدمتهُ بشكلٍ أفضل.
يذكر أن جميع المعلومات والبينات التي وردت في الأجندة هي نتاج عدة فعاليات تم عقدها ضمن مشروع “القادة الشباب يعملون من أجل الديمقراطية، الآن” والذي تنفذه الشبكة العربية للتربية المدنية-أنهر في محافظة الطفيلة، ومحافظة البلقاء، ومحافظة جرش بدعم من سفارة مملكة هولندا في الأردن من خلال 9 مؤسسات محلية شريكة؛ والذي يهدف بشكل رئيسي الى تعزيز دور الشباب في المملكة للمشاركة في الحياة السياسية وتعزيز قيم المواطنة لديهم من خلال بناء قدراتهم في مجال التربية المدنية حول قضايا سياسية . كما يهدف المشروع إلى تعزيز الديمقراطية من خلال بناء القدرات لدعم مشاركتهم؛ وبناء المهارات الضرورية بين الشباب للمساهمة في زيادة احترام الحقوق والمواطنة الديمقراطية للشباب، وتعزيز الحوار والتواصل بين الشباب والمجتمع المدني والجهات الفاعلة سياسيا على المستويات المحليه والوطنيه لتعزيز حقوق الشباب؛ وزيادة وعي ومشاركة وإدماج الشباب في المشاركة المدنيه والسياسيه للشباب.