صراحة نيوز – كتاب نظريات التنشئة السياسية والثقافة السياسية أ.د. أمين عواد المشاقبة أستاذ السياسة المقارنة- كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية- الجامعة الأردنية أ. دينا صبيح شقير ماجيستير في العلوم السياسية- المدير التنفيذي للمركز الأردني للدراسات السياسية الطبعة الأولى
عمّان 2016 مقدّمة إن عملية التنشئة السياسية التي يُقصد بها عملية تلقين القيم والمباديء والاتجاهات السياسية، وهذه العملية هي الأساس لعلم الثقافة السياسية ومفهومها في المجتمعات الانسانية، وهي عملية مستمرّة، حيث أنها تبدأ مع الفرد منذ ولادته وخلال مرحلة الطفولة حتى الوفاة، وهذه العملية هي التي تحدّد محتوى الثقافة السياسية لدى أفراد أي مجتمع، حيث يشمل مفهوم الثقافة السياسية نظرة الأفراد لنظامهم السياسي بصورة كلية وكذلك آراءهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم السياسية، وهذا ما يؤكد على ضرورة الاهتمام بهذه العملية ومؤسساتها حيث أنها الضامن لاستقرار النظام السياسي وديمومته. وتؤدي عملية التنشئة السياسية إلى بناء الموقف والسلوك السياسي الذي يتشكّل من خلال المعارف والقيم والعادات والمعتقدات وهو ما يُطلق عليه الاتجاهات السياسية والتي تضم مجموعة مترابطة من الآراء والأفكار والمشاعر والإدراكات إزاء الموضوعات السياسية، والأحداث، والوقائع، والقضايا، والمؤسسات المرتبطة بصناعة القرار السياسي، وتُعتبر الاتجاهات السياسية مُكتسبة التكوين، وليست فطريّة المنشأ ولا متوارثة عبر الأجيال المتتالية، بل إنها تتكون بواسطة عمليات التعليم بطرقها المختلفة والخبرة والممارسة، مما يجعلها مصاحبة وملازمة لعمليات التنشئة السياسية خطوة بخطوة. يتناول هذا الكتاب موضوعاً هامّاً في مجال علم السياسة المقارنة، وهو عملية التنشئة السياسية في إطارها النظري التي لها أثر بالغ على الصعيد العملي، حيث أن هذه العملية هي المسؤولة عن نقل الثقافة السياسية عبر الأجيال، وخلقها، وتغييرها، كما أن الهدف الرئيس من هذه العملية هو بناء ثقافة سياسية متوازنة ومشتركة بين المكوّنات الاجتماعية في الدولة من أجل زيادة مستوى الشرعية، والمحافظة على استمراريّة النظام السياسي. واستعرضنا في الفصل الأول من هذا الكتاب عمليّة التنشئة السياسية من حيث مفهومها، وخصائصها، وأهميّتها، وكذلك أهم المؤسسات ذات الدور الفعّال في عملية التنشئة السياسية كالأسرة، والمدرسة، والجامعات، وجماعات الرفاق، والمؤسسات الدينية، والأحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على اختلافها، وأخيراً حصرنا الموضوعات التي تتضمنها عملية التنشئة السياسية ومن أهمها الولاء، والانتماء، والهوية الوطنية، والمواطنة. أما الفصل الثاني فقد استعرض الثقافة السياسية في إطارها النظري التي تتمحور حول القيم والمعتقدات والاتجاهات والسلوكيّات والمعارف السياسية لأفراد أي مجتمع، وقد طرحنا في هذا الفصل مفهوم الثقافة السياسية وأهميّتها، ومكوّناتها، ورموزها، وأبعادها، وأنماطها، والثقافات الفرعية التي ممكن أن تنشأ عنها في المجتمعات ذات التركيبة الاجتماعية الغير المتماسكة والتي تتشكل من مذاهب وطوائف وعرقيّات مختلفة. أما الفصل الثالث فقد تناولنا فيه مفهوم المشاركة السياسية، وخصائصها، وأهميّتها، ومستوياتها، وبيّنا في الجزء الأخير من هذا الفصل العلاقة التلازمية بين كل من عملية التنشئة السياسية والثقافة السياسية بالمشاركة السياسية. إن هذه المحاولة المتواضعة هدفها إثراء الفهم والإدراك السياسي للأبعاد التي عالجها الكتاب لدى العامّة قبل الخاصّة، ودارسي العلوم السياسية والمهتمّين في إبراز الأطر النظرية لهذه المفاهيم ذات الأهمية البالغة في الحياة السياسية للشعوب والدول.