شاءت الاقدار ان اتعرض لذبحة صدرية خلال تواجدي في عاصمة اوزبكستان (طشقند)، وكان ذلك خلال مشاركتي فريق استشاري لشركة بريطانية وبتمويل من الصندوق الكويتي بهدف اعداد دراسة لتأهيل قنوات الري في منطقة سمرقند، بالإضافة الى ايجاد نظام زراعي مناسب غير محصول القطن الذي كان يزرع اثناء حُكم الاتحاد السوفيتي.
نُقلتُ في فترة متأخرة من احدى ليالي فبراير / شباط عام 2005 الباردة جدا في طشقند الى مستشفى خاص لمعرفة اسباب الالم الشديد الذي كنت اتعرض اليه. وكان الطبيب المشرف على حالتي هو د. عبدالرحيم دوداييف. واظهرت نتائج الفحوصات الى وجود جلطة دموية قريبة من القلب. وعلية تم ادخالي الى غرفة العناية المركزة بالمستشفى وكان العلاج، حسب رأي الطبيب، هو اعطائي مميعات للدم والانتظار لتحسن إستجابة الجسم لذلك. ولم ينصح الطبيب بأجراء عملية قسطرة بسبب عدم توفر الاخصائيين في طشقند. كما وانه لم يوافق الطبيب ايضا ان يتم نقلي جوا الى موسكو او الى الاردن بسبب احتمال ان يتعرض القلب الى فشل بسبب المطبات الهوائية اثناء الطيران.
وهنا جاء دور السفارة الاردنية حسب ما كنت اعتقد، حيث حاولت المستشفى الاتصال مع السفارة الاردنية في طشقند حسب طلبي وذلك لإبلاغهم عن حالتي. وكان رد السفير الاردني حينها بانه سيأتي للاطمئنان على وضعي. ومضت عدة ايام ولم يحضر السفير وطلبت من المستشفى ان يتصلوا لمعرفة السبب في التأخير وكان الجواب الصادم لي انه لا زال مشغولا.
وبعد ان ايقنت انه لا سبيل لمساعدة السفارة، تدبرت امري بان قامت شركة التامين الصحي التابعة لشركة الاستشارات الزراعية التي كنت اعمل فيها لنقلي بطائرة اسعاف خاصة مجهزة طبياٌ، ارسلت الي من اسطنبول الى طشقند لتنقلني الى عمان مباشرة، وبدون ان أحظى بزيارة السفير الاردني في طشقند. وفور وصولي الى عمان اجريت لي عملية القسطرة في احدى المستشفيات الاردنية الخاصة.
حقيقة هذه تجربة واحدة من تجارب شخصية عديدة غير سارة لسفاراتنا في الخارج من طشقند الى المغرب وتونس وليبيا واليمن وحتى سيدني في استراليا وجنيف في سويسرا.
نحن نعرف ان الهدف المرئي لسفارات الدول هو بالدرجة الاولى توفير المساعدة او الحماية التي قد يحتاج اليهما رعايا الدولة، والهدف الثاني كما نراه هو توفر حلقة الوصل والتواصل مع الدول وخاصة في الامور السياسية والامنية والعسكرية وغيرها.
اعتقد جازما ان الهدف الاول المعني بالرعايا لم يتوفر في الغالب في سفاراتنا في الخارج، ويقوم المواطن بتحقيق جميع احتياجاته في الخارج مباشرة مع توفر حاليا وسائل التواصل المختلفة، وجل ما يحتاجه المواطن من السفارة هو تجديد جواز سفره. اما بالنسبة للهدف الثاني فانه على اهميته للدولة فإننا بحاجة لتواجد سفاراتنا في بعض الدول وليس جميعها، ولا اعتقد كذلك اننا بحاجة الى كل كوادر الملاحق والموظفين الاداريين في هذه السفارات.
حقيقة نحن بحاجة الى مراجعة مخلصة لكل سفاراتنا في الخارج من اجل توفير تكاليف هذه السفارات بسبب الكوادر المكدسة فيها وحتى توفير مبالغ استئجار مباني هذه السفارات الفارهة في معظم دول العالم.
قال أحد الغاضبين على سلوك بعض العاملين في سفاراتنا “ان المطرب عمر العبدالات قام بترويج الاردن اكثر من بعض هذه السفارات”.
والطريف اني راجعت مؤخرا سفارتنا في الامارات، بهدف استكمال معاملة شخصية، واثناء الاجراءات التي تقوم بها احدى موظفات السفارة، سألتُ الموظفة ما أسم سفيرنا في الامارات فنظرت الي بعمق وشعرت بالإحراج وقالت لا ادري، ثم سألت موظفة اخرى بجانبها بنفس المكتب وبصوت منخفض، ولم تعرف هي الاخرى.
هذه الاحداث لم نسمع بها بل حدثت معنا فكيف نقول ان سفارتنا تمثلنا في الخارج.
د. ماجد فندي الزعبي / مستشار في الزراعة والبيئة