صراحة نيوز – قالت تقارير صحفية ان الأسابيع الأخيرة شهدت زخماً في توجه رجال أعمال سعوديين ومقيمين عرب في المملكة العربية السعودية إلى تركيا محاولين نقل أموالهم من المملكة التي تعيش تحولات سياسية واقتصادية غير مسبوقة ولدت خشية واسعة لديهم من مستقبل غامض.
وفي دائرة الهجرة المركزية بمدينة إسطنبول التركية المسئولة عن منح الإقامات للأجانب يُمكن ملاحظة زيادة لافتة في أعداد المواطنين السعوديين والمقيمين العرب في المملكة الذين يرغبون في الحصول على الإقامة في تركيا بأسرع وقت ممكن.
هذا المشهد يتكرر أيضاً في البنوك التركية بالمناطق المركزية في إسطنبول والتي يتواجد فيها العرب بكثرة، فيومياً تجد سعوديين يصطفون من أجل فتح حسابات بنكية لوضع المبالغ النقدية التي جلبوها معهم من المملكة، أو تمهيداً لتحويل مبالغ أخرى من حساباتهم في المملكة، لحساباتهم الجديدة في تركيا.
وولدت التحولات السياسية الأخيرة في السعودية لا سيما فيما يتعلق بالحرب في اليمن والتوتر المتصاعد مع إيران والتصعيد الأخير ضد حزب الله إلى جانب التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والتي تمثلت مؤخراً في اعتقال عشرات الشخصيات الاقتصادية والسياسية وتجميد مئات الحسابات البنكية ولدت جميعها تخوفات واسعة لدى المواطنين والمقيمين حول مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي.
ويقول عدد من المقيمين العرب السابقين في السعودية الذين التقطتهم «القدس العربي» في إسطنبول، إن «المملكة لم تعد كما كانت في السابق»، لافتين إلى أن التحولات السياسية والاقتصادية ولدت قناعة لدى الكثيرين أن المستقبل مجهول بحد أدنى إن لم يكن «مشئوماً» على حد تعبيرهم.
ويشتكي المقيمين من الضرائب التي فرضت مؤخراً عليهم وعلى عائلاتهم بشكل شهري، ولا يخفون رغبتهم في التحرر من «نظام الكفيل» الذي تفرضه المملكة على المقيمين ويفرض عليهم تسجيل أموالهم وممتلكاتهم باسم الكفيل السعودي الذي ما يلجأ لاحقاً لابتزاز المقيمين.
وحسب شهادات سعوديين ومقيمين فإن الأمن السعودي بات يركز في عمليات التفتيش في المطارات والمعابر البرية على كشف الأموال والذهب التي يحاول كل شخص مسافر من المملكة إيصالها إلى الخارج، ويقول أحدهم «يمكن الآن أن تتمكن من تهريب سلاح أو متفجرات لكن الأموال خط أحمر الآن، التفتيش بالمطارات يركز على كشف الأموال».
وحسبهم، فإن السلطات الرسمية في المملكة تسمح حالياً لكل شخص باصطحاب مبلغ 60 ألف ريال في كل عملية خروج من البلد كحد أقصى وإلا فإنه يتطلب من الشخص الإفصاح عن مصدر وسبب تخريجه الأموال من المملكة، كما أنه لا يسمح باصطحاب ذهب يتجاوز مع الأموال هذا المبلغ.
ولا يخفي عدد كبير من المقيمين العرب الذي انتقلوا للعيش في تركيا رغبتهم في الحصول على الجنسية التركية، محاولين الاستفادة من قانون الجنسية العادي الذي يتيح منح الجنسية للمقيم لمدة 5 سنوات متواصلة ضمن شروط معينة، أو قانون الاستثناءات الذي يقضي بمنح الجنسية لمن يشتري عقاراً بمبلغ يتجاوز مليون دولار أو القيام باستثمارات بمبالغ كبيرة.
وبالمقابل، يطمح المواطنون السعوديون بالحصول على الإقامة أو الجنسية التركية خشية تدهور الأوضاع الاقتصادية في بلادهم أو تأمين جزء من أموالهم في البنوك التركية، فيما يعمل آخرون على نقل جزء أو كل استثماراتهم إلى تركيا رغم صعوبة الأمر والمصاعب التي يواجهها الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة.
يقول مواطن سعودي رفض الكشف عن اسمه: «أنا قررت نقل جزء من أموالي لتركيا وشراء عقار بقيمة مليون دولار للحصول على الجنسية، لكن أواجه صعوبة كبيرة في تحويل الأموال لتركيا، اضطر لإرسال 60 ألف ريال مع كل صديق مسافر من المملكة للخارج ومن ثم إيصالها إلى تركيا».
ويقول فلسطيني انتقل من المملكة إلى تركيا: «لم أقرر ترك المملكة، ولكن بالحد الأدنى أسعى لتأمين إقامات لعائلتي في تركيا، حصلت أنا على الإقامة بعد شراء شقة في إسطنبول، وأعمال حالياً على عمل إقامات لزوجتي وأبنائي، زرت اسطنبول في العام الأخير 5 مرات من أجل نقل حق الشقة من السعودية لتركيا».
وتحدث آخرون عن صعوبات كبيرة يعاني منها قطاع العقارات في المملكة بسبب لجوء الكثير من الأجانب والمقيمين العرب لبيع ممتلكاتهم هناك»، ويقول مستثمر سوري: «استثمرت مع كفيلي السعودي في بناء برج سكني بكلفة وصلت إلى 15مليون ريال، أعمل على بيعه ولا أستطيع، أنا على استعداد لبيعه بـ10 مليون ريال لكن ليس هناك مشتر، والأصعب كيف سأحول الأموال للخارج».
وتسعى تركيا لاستغلال هذا التوجه عبر تسهيلات في فتح الحسابات البنكية وتقديم تسهيلات للمستثمرين على أراضيها ومنح الإقامات لجذب الأموال من الخارج التي تساهم في دعم اقتصاد البلاد.