صراحة نيوز – أكد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الإعلام يملك قوة الكلمة وحسن توظيفها لإحداث أثر إيجابي يلمسه المجتمع ويعيشونه واجباً وأمانة، مشدداً سموه على أن الإعلام يتحمل مسؤولية أساسية في تعزيز قدرة المنطقة على التعاطي بشكل إيجابي مع التحديات الراهنة التي ألمت بالمنطقة واكتشاف الحلول التي يمكن من خلالها تخطي تحديات عرقلت مسيرة التطوير والتنمية في المنطقة، بهدف العبور إلى مرحلة جديدة يكون التركيز فيها منصباً على بناء الإنسان وتزويده بالأدوات التي تعينه على إنجاز ما تصبو إليه شعوبنا العربية من إنجازات ونجاحات.
جاء ذلك خلال لقاء سموه بلفيف من القيادات الإعلامية العربية والعالمية المشاركة في أعمال الدورة الثامنة عشرة لمنتدى الإعلام العربي، وذلك على هامش أول أيام المنتدى، حيث أعرب سموه عن تقديره لدور الإعلام الذي لا تلبث أهميته أن تأخذ في الزيادة بارتفاع منحنى التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم من حولنا جراء المتغيرات السياسية والأيديولوجية العديدة التي اجتاحت عالمنا خلال السنوات القليلة الماضية، وكان لغياب الرسالة الإعلامية المتوازنة أثره في إذكائها وتوسيع دائرة تبعاتها السلبية.
وشهد سموه الافتتاح الرسمي للمنتدى، الذي انطلق بمشاركة نحو 3000 من قيادات الإعلام العربي والمفكرين والكُتّاب والمثقفين ورؤساء تحرير الصحف الإماراتية والعربية، والقيادات التنفيذية لمؤسسات إعلامية عالمية والأكاديميين وطلبة الإعلام في الإمارات والمنطقة.
غرس صالح
وقال سموه خلال لقائه القيادات الإعلامية: «الكلمة الطيبة غرس صالح ينمو ويزدهر وينعم الناس بظلاله.. رسالة الإعلام لا تكتمل إلا بصدق خطابه.. ونزاهة غاياته.. وترفّعه عن الأهواء.. وانحيازه لصالح الناس».
وتحدّث سموه عن دور الإعلام في التصدي لخطاب الكراهية والفكر المضلل الذي يهدف لتحقيق أغراض خبيثة لا تخدم سوى في إلهاء شعوب المنطقة عن المستقبل وإعاقة وصولها إلى مواقع متميزة فيه، وقال سموه: «الخطاب المتوازن والأفكار البناءة والانفتاح الواعي على ثقافات العالم سلاح الإعلام في مواجهة الفكر المضلل والمغالاة والتطرف… الإعلام شريك رئيس في حماية شباب العرب وبناء عقولهم وتحفيز طاقاتهم وتمكينهم من تكوين قناعات قائمة على الحقائق بعيدة عن الأهواء الذاتية أو الغايات الشخصية».
وتطرّق سموه إلى التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم مع البدايات الأولى لعصر الثورة الصناعية الرابعة، منوهاً سموه بما أسفر عنه هذا التطور من تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وإنترنت الأشياء وغيرها من التطبيقات والتقنيات التي سيكون لها أثر كبير في تبديل شكل الحياة كما نعرفها الآن، ولفت سموه إلى ضرورة امتلاك الإعلام العربي لزمام التكنولوجيا ورفدها بالعنصر البشري المؤهل القادر على الاستفادة منها في الارتقاء بكفاءته وإنتاجه.
ودعا سموه مؤسسات الإعلام العربي للاهتمام بالكادر البشري، وألا يكون التركيز منصباً فقط على امتلاك التكنولوجيا المتطورة، التي تبقى دائماً في حاجة إلى العقل الواعي والمؤهل الذي يوجهها ويضعها موضع الاستفادة المُثلى وقال سموه: «التكنولوجيا عنصر مهم… ولكن الأهم الطاقات المبدعة القادرة على حُسن توظيفها لخدمة الأهداف الاستراتيجية وتعزيز وصول الرسالة الإعلامية إلى المُتلقّي… هناك ضرورة لاستثمار مؤسسات الإعلام في إعداد الكوادر الشابة وتمكينها وتزويدها بالمعارف اللازمة وتمكينهم من تولي مسؤولية تطوير إعلام المنطقة».
وحرص سموه على مصافحة الإعلاميين الذين ضمهم اللقاء، وتجاذب أطراف الحديث معهم واستمع إلى آرائهم وتقييمهم للمشهد الإعلامي في ظل الأوضاع القائمة في المنطقة بأبعاده المختلفة، في حين أبدى الإعلاميون تقديرهم وشكرهم لسموه على استضافة دبي ودولة الإمارات لمنتدى الإعلام العربي الذي واصل على مدار ثمانية عشر عاماً دوره كأهم منصة حوارية تجمع القائمين على العمل الإعلامي في العالم العربي، وأثنوا على رؤية سموه التي كانت وراء تأسيس هذا المحفل وغيره من المبادرات التي تخدم قطاع الإعلام العربي والعالمي.
نموذج تنموي
وأثنت القيادات الإعلامية المشاركة في اللقاء على النموذج التنموي الفريد الذي نجحت دبي في بنائه بفضل قيادة ورؤية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والذي يعد قدوة للتطوير الرامي لتحقيق سعادة الإنسان ومساعدته على بناء قاعدة صلبة ينطلق منها بكل قوة نحو المستقبل بإنجازات استقطبت انتباه العالم واستحقت تقديره، مؤكدين سعادتهم بالتواجد في أروقة منتدى الإعلام العربي، وحرصهم على المشاركة في حواراته الجادة الهادفة الارتقاء بقطاع الإعلام وتعزيز مخرجاته.
كما حضر سموه الجلسة الافتتاحية المخصصة لوزراء الإعلام العرب، وتحدث فيها علي بن محمد الرميحي، وزير شؤون الإعلام في مملكة البحرين، وحسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بجمهورية مصر العربية، وأدار الحوار الإعلامية بمؤسسة دبي للإعلام نوفر رمول، حيث تطرقت الجلسة لمناقشة أوجه التطوير التي يجب العمل عليها للنهوض بالمحتوى العربي عبر وسائل الإعلام المختلفة، وضرورة تطوير المؤسسات الإعلامية لا سيما الحكومية منها، وتحديث استراتيجيتها لصياغة رؤية جديدة بما يتوافق مع المستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم، وسبل تعزيز مصداقية الإعلام الحكومي وتعزيز المنظومة الإعلامية الشاملة بشقيها الحكومي والخاص.
وبدأ وزير شؤون الإعلام البحريني حديثه بالإشادة بالتطور الكبير الذي أحرزته دولة الإمارات في الكثير من المجالات ومن بينها قطاع الإعلام، منوهاً بالمكانة الرفيعة التي يتمتع بها سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كأهم رواد التأثير الإيجابي في المنطقة، والقدوة التي يقدمها سموه من خلال حرصه على التفاعل المباشر مع الإعلام، ما يعكس تقدير سموه لأهمية دور الإعلام في خدمة أهداف التنمية.
وأشار الوزير البحريني إلى أن تراجع الأداء الإعلامي في المنطقة مرده في الأساس تخوّف المسؤولين الحكوميين من التفاعل مع الإعلام، وعدم امتلاكهم استراتيجيات واضحة للتعاطي بكفاءة وبصورة مدروسة مع وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤثر بشكل كبير في قدرتهم على توصيل رسائلهم إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
وأكد الرميحي ضرورة التحول من الحديث عن «صناعة الإعلام» إلى التركيز على «صناعة التأثير» بما يتطلبه ذلك من زيادة المخصصات اللازمة لتحديث منظومة الإعلام العربي، مشيراً إلى أن حجم الإنفاق العالمي على الإعلام في العام 2015 تجاوز حجم الإنفاق العسكري للعالم في هذا العام، منوهاً أن صناعة التأثير تشكل جوهر الرسالة الإعلامية التي بات يفتقدها الإعلام العربي.
وأشار وزير الإعلام البحريني إلى أن حجم القنوات التليفزيونية في العالم العربي لابد ألا يشكّل مصدراً للهلع، منوهاً أنه يوازي تقريباً عدد القنوات العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها نحو 2600 قناة.
ولفت الوزير إلى أن الإعلام الحكومي في منطقتنا يتميز عن وسائل التواصل الاجتماعي بتمسكه بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، كما أنه يتمتع بقدر كبير من المسؤولية التي تفتقدها بشكل كبير تلك المنصات.
واختتم الرميحي كلمته بالإشارة إلى أن التشخيص للتحديات التي يواجهها الإعلام لا يزال «عاماً» في حين تبقى الحاجة إلى تشخيص «فردي» لكل حالة على حدة، مؤكداً ضرورة تطوير قطاع الإعلام في العالم العربي بالاستعانة بمؤسسات عربية لأن الاعتماد على شركات غربية في تحليل المشهد الإعلامي وتقديم التوصيات الخاصة بالتطوير أمر ليس ذا جدوى، إذ لابد أن يتم تشخيص التحديات من الداخل وفقاً لكل ما تراه كل دولة وما يناسبها من إجراءات.
الحدث الأكبر
من جانبه، بدأ حسين زين حديثة بتوجيه التحية لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، معرباً عن تقديره للتنظيم المحكم لمنتدى الإعلام العربي في دبي كالحدث الأكبر في المنطقة الذي يجمع قيادات الإعلام من مختلف أنحاء المنطقة للتعرف على رؤاهم حول سبل دفع حركة تطوير قطاع الإعلام بما يتناسب مع تشهده دول المنطقة والعالم من حولها من متغيرات.
وأكد زين أن الإعلام الحكومي ونظيره الخاص يعملان ضمن منظومة واحدة لكن الاختلاف الوحيد قد يكون في المحتوى الذي يقدمه كل منهما للمتلقي الذي يواجه العديد من الضغوط التي يجدها فيما يصله من معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتؤدي لزعزعة ثقته في الإعلام الحكومي، حيث يجد المتلقي نفسه محاصراً بمن يشككونه فيما يصدر عن الإعلام الحكومي من بيانات وأخبار، على الرغم من تحليها بالشفافية والصدقية والمسؤولية تجاه المواطن مقارنة بالأخبار التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ونوه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية بضرورة العمل ضمن مسارين لتوعية الرأي العام المجتمعي تجاه الأخبار التي يتم تداولها في الإعلام، أولهما الأسرة، مشيداً في هذا الصدد بتجربة دولة الإمارات في الاهتمام بالأسرة والرعاية المجتمعية وتنشئة الأجيال الجديدة، وهو ما يعزز إلى حد كبير الوعي المجتمعي خاصة لدى الأجيال الجديدة التي ستحمل مسؤولية التطوير لسنوات طويلة قادمة، وتخريج أجيال قادرة على الفرز بين الغث والسمين، أما المسار الثاني وهو المسار التشريعي الذي تتلاقى مع دور الأسرة في التحكم في مسيرة العمل الإعلامي لصونه وضمان حق المواطن في الحصول على معلومة من مصادر موثوقة.
وحول انتشار الأخبار الكاذبة والمغلوطة، أكد زين أن هناك سباقاً محموماً بين القنوات التلفزيونية على السبق الخبري، لكن المصداقية في النهاية تكون مصدرها من الإعلام الحكومي، وعلى الرغم من التشويش الذي قد يصاحب الأخبار الحكومية إلا أن المواطن يعتمد على المصدر الرسمي، وربما يعود للإعلام الخاص باحثاً عن التفاصيل، مؤكداً أن الحياد والموضوعية أصبحت مسألة نسبية وأصبحت تخضع لتوجهات المؤسسات الصحافية.
وفي نهاية مداخلته أمام الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي، قال زين: إن العالم العربي بحاجة إلى منظومة موحدة يمكن من خلالها توحيد الخطاب الإعلامي العربي، والتحدث بلسان حال واحد بشأن مختلف القضايا التي تهم المنطقة وتعنى بمستقبلها.
إصلاح
شدد علي بن محمد الرميحي، وزير شؤون الإعلام البحريني، المسؤول عن الملف الإعلامي في مملكة البحرين على أن الإصلاح يجب أن يكون وفق مسارين: الأول تعزيز الوعي في التعامل مع الإعلام على أن يبدأ ذلك من خلال مرحلة المدرسة وبالتعاون مع المؤسسات التعليمية والتربوية، والمسار الثاني هو العمل على تنظيم قطاع الإعلام من خلال تشريعات مصممة للإعلام الاجتماعي والتقليدي وهو ما أصبح ينادي به الإعلاميون أنفسهم.
منى المري: ريادة إعلامية إماراتية للثورة الصناعية الرابعة بمشاريع طموحة
أكدت منى غانم المري، رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية في مستهل الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي، الذي انطلق بتوجيهات سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، من أجل ترسيخ أسس حوار هدفه تعزيز دور الإعلام لمستقبل أفضل للمنطقة عنوانه التقدم والازدهار، أن وضع تصورات موضوعية لمستقبل الإعلام، يتطلب مراجعة دقيقة لواقعه، والنظر في مدى توافق ما يقدمه الإعلام مع ما يتطلع إليه الناس، والوقوف على مقدار استيعاب التقدم التكنولوجي السريع الذي تواجهه مؤسساتنا الإعلامية.
متغيرات
وقالت المري: نجتمع اليوم وقد مرت بصناعة الإعلام العالمية متغيرات كثيرة، فقد تابعنا منذ أشهر الإعلان عن أول قارئ نشرة «روبوت»، في وقت يتأهب فيه العالم لاستقبال الثورة الصناعية الرابعة، التي بدأت دولة الإمارات في اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق الريادة فيها، بمشاريع ومبادرات وبرامج مستقبلية طموحة.
واختتمت كلمتها: «هدفنا مواكبة متطلبات هذه المرحلة، وتأكيد الإسهام الإيجابي للإعلام على كل الصعد، بحوار مهني أساسه الشفافية وغايته صالح الإنسان».