صراحة نيوز –
صوت الصباح الذي لا غنى عنه، ولا يمكن لأي شخص أن يملّ من سماعه، وها هو العالم اليوم في 21 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، يحتفل بعيد ميلادها الرابع والثمانين ( 84 عاما ) من صوت فيروز، وفي كل يومٍ من هذه الأعوام، تظل السيدة الأولى في الغناء العربي، شابة كما كانت، وصباحاً آخر مع كل بزوغ شمسٍ جديدة، فالصباحات التي لا تبدأ بصوتها وأغانيها، لا بدّ أنها صباحات ناقصة، وفي عيد ميلادها، يجب أن يحتفل العالم لأنها لا تزال بيننا، تتنفس هواء لبنان، ويتنفس العالم أغانيها وموسيقاها .. وصباحاتها.
السيدة فيروز، هي نهاد رزق وديع حداد، وُلدت في مثل هذا اليوم من العام 1935، في العاصمة اللبنانية بيروت، تحديداً في أحد البيوت اللبنانية الفقيرة والبسيطة في حارة “زقاق البلاط”، يعود الفضل الأول باكتشاف “فيروز” وإخراج موهبتها وصوتها إلى العالم، إلى محمد فليفل، وهو أحد الأخوين فليفل، الذين لحنا النشيد الوطني السوري، حين كانت في العام 1940 مغنيةَ كورس في الإذاعة اللبنانية، إذ قدمها بعد ذلك وهي بعمر 11 عاماً خلال أحد الإحتفالات المدرسية، وعلى الرغم من اعتراض ورفض والدها في بداية الأمر، إلا أنه وافق بشرطين، الأول أن لا تغني فيروز سوى الأغاني الوطنية، والثاني أن يرافقها أخيها “جوزيف” أثناء دراستها في المعهد الوطني للموسيقى بعد ذلك، حيث انضمت فيروز بعد دخولها المعهد بمدة قصيرة إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية، ولحن لها حليم الرومي مدير الإذاعة حينها أول أغانيها، وهو من قام بتسميتها “فيروز”.
جذب صوت وموهبة السيدة فيروز، الإخوين رحباني “عاصي ومنصور”، وكانت انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن والغناء معهما في العام 1952، وبعد هذا اللقاء الأول بثلاثة أعوام، أي بالعام 1955، أحبها الراحل عاصي الرحباني وتزوجا، وأنجبا أربعة أطفال هم “ليالي، ريما وهالي”، والابن الأكبر والوحيد “زياد”، الذي أصبح فيما بعد واحداً من أهم الملحنين والموسيقيين وعازفي البيانو على مستوى العالم، والذي لحن لها الكثير من الأغاني فيما بعد.
التعاون الذي حصل بين الأخوين رحباني وفيروز، كان تحولاً كبيراً ومهماً في تاريخ الغناء والموسيقى العربية بشكل عام، وليس فقط اللبنانية، حيث لحنا وكتبا لها ما يقارب الـ800 أغنية من الأعمال الغنائية الخالدة، والتي نالت انتشاراً وشهرة عربية وعالمية أيضاً، عبر المزج بين الأنساق الموسيقية العربية والغربية، بالإضافة إلى العديد من الأفلام والمسرحيات الغنائية، التي قدمت لنا فيروز التي نعرفها جميعاً، فكانت عبقرية الرحابنة ودهشة صوت فيروز الحدث الأهم في تاريخ الفن العربي المعاصر.
قدمت فيروز الكثير من القصائد المغناة خلال مشوارها الفني، للعديد من الشعراء الكبار في الوطن العربي، مثل ميخائيل نعيمة، نزار قباني، سعيد عقل، الأخطل الصغير، إيليا أبو ماضي، أحمد شوقي، جبران خليل جبران، رشدي معلوف، ورفيق الخوري، بالإضافة إلى الشعراء القدامى مثل قيس بن الملوح “مجنون ليلى”، وغيره من الشعراء.
لفت صوت السيدة فيروز كبار الملحنين والموسيقين العرب والعالميين إليها، وبدأوا يسعون لها من كل حدب وصوب حتى تغني أعمالهم، ومن هؤلاء الملحنين الذين غنت فيروز أعمالهم، محمد عبد الوهاب، فيلمون وهبي، نجيب حنكش، زكي نصيف، حليم رومي، سيد درويش، وغيرهم، إلا أن الألحان التي قدمها لها ابنها زياد، كانت من أهم الأعمال التي قدمتها، فكانت معه كأنها تنتقل إلى مرحلة جديدة في حياتها الفنية بعد الأخوين رحباني، حيث اتسمت أعمالهما بالعالمية بشكل أكبر، من خلال طبيعة وشكل الأعمال التي قدموها، بالإضافة إلى غنائها ألحاناً عبقرية عالمية لبتهوفن وتشوبان وغيرهم.