صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
قلتها سابق واكررها ثانية أن هنالك بون شاسع بين حب الوطن والمواطنة فالحب غريزة مرتبطة بالوجدان ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالمواطنة.
فالمواطنة بداية يُجسدها ما يقدمه الانسان لوطنه بإخلاص وتفاني باعتبارها واجبات تتقدم على الحقوق وأيضا بالتزامه بالأنظمة والقوانين واندفاعه عملا لا قولا وشعارات ليتم محاربة التجاوزات بالحكمة والموعظة الحسنة وتعظيم الانجازات بالبناء عليها ليبقى الوطن واحة أمن واستقرار ينعم فيه الجميع بحياة كريمة .
والمواطنة هنا استهدف بها من يتولون شؤون العباد وليس عامة الناس حيث لا خلاف ان العامة بالأغلب يعشقون تراب الوطن وحريصون على أمنه واستقراره وقد ثبت للقاصي والداني انهم بمستوى المواطنة الحقة ولديهم جاهزية لتحمل منغصات تجاوزات من شاءت الصدف والأقدار ونهج التنفيعات والشللية بأن يتولوا المناصب العليا وهم ليسوا أهل لها .
الشهيد وصفي التل الذي غاب عنا غدرا قبل ثمانية واربعين عاما ما زالت ذكراه في وجدان الاردنيين كافة سواء من عاشوا فترة توليه ادارة شؤون الدولة وحتى الأبناء والأحفاد في اجماع غير معهود بأن موقعه ما زال شاغرا لكن هيهات ان فكر مسؤول واحد ليتسائل عن سر هذا اللغز .
لقد ضرب الشهيد مثلا رائعا في المواطنة الحقه ما جعل منه رمزا وطنيا تتباهى به الأجيال وتتمنى قدوم وصفي أخر ليتولى ادارة شؤون الدولة .
ما تقدم لا يعني ان الاردن يخلوا من الشخصيات التي تتصف بالمواطنة الحقة والتي أثبتت ذلك ببصمات جلية هي حديث عامة الناس في مجالسهم فألسنة الخلق هي اقلام الحق ولنا في ذلك أمثلة عديدة لشخصيات قدمت ما استطاعت في خدمة الوطن ملتزمين بثوابت الدولة ( الأرض والانسان والنظام ) وبالقسم الدستوري فيما نرى أخرون حديثين في مواقع المسؤولية يحرصون على سمعتهم بأداء ينم عن قناعتهم بأنهم خدام للشعب في مواقعهم .
وابدأ بأحد الحديثين في تولى المناصب العامة العليا ( وزير العمل نضال البطاينة ) الذي التقيته مرة واحدة وتابعت نشاطاته كما اتابع كافة القضايا العامة بحكم عملي الصحفي حيث لمست جديته في احداث نقلة نوعية لحل مشكلة البطالة المتنامية وأبرز مواقفه احتكاكه المباشر مع المتعطلين عن العمل في مواقع اعتصاماتهم مستمعا لأوجاعهم وأفكارهم ومقدما ما يستطيع من حلول فمثل هذا التواصل الميداني الذي نفتقده يبقى اقصر الطرق لإتخاذ القرارت الناجعة .
أما جمال الصرايرة إبن قرية الهاشمية احدى قرى لواء المزار الجنوبي بمحافظة الكرك الذي عمل في القطاعين العام والخاص قبل ان يصبح نائبا في عام 1989 وبعد ذلك فهو قصة مواطنة أخرى .
فالصرايرة الذي تدرج في العديد من المناصب ما بين موظفا صغيرا ومديرا ورئيسا تنفيذيا ووزيرا ونائب رئيس حكومة والذي يتولى الآن رئاسة مجلس ادارة شركة البوتاس العربية لم تُغير طبيعته ونفسيته ولم تُؤثر على تربيته الكم الكبير والحساس من المناصب التي تولاها لا بل ان عطاءه لوطنه من شماله الى جنوبه كان بمستوى المواطنة .
وأقتصر الحديث عنه هنا من موقعه الحالي بالنسبة لشركة البوتاس العربية فهي أولا باتت تتصدر كافة الشركات الكبرى انتاجا وأرباحا ودعما لخزينة الدولة وثانيا ان موظفيها والعاملين فيها هم الأكثر حصولا على الرواتب والإمتيازات الذي ينسجم مع ادائهم وانجازات الشركة التي يعملون فيها وثالثا انها الشركة الأبرز والأكثر في تنمية المجتمعات المحلية ضمن المسؤولية الواجبة على الشركات ولم تقتصر مساهماتها المجزية على منطقة بعيهنا بل طالت اغلب البلدات والقرى على مساحة الوطن الغالي .
واما يوسف العيسوي الذي اختاره جلالة الملك قبل عام ونيف ليتولى رئاسة الديوان الملكي الهاشمي ( بيت الاردنيين ) فقد تدرج بالخدمة جنديا اردنيا بامتياز وبات من أقرب المقربين لجلالة الملك نظرا لما امتاز به من صدق في القول والأمانة والأخلاص في العمل … شهادة سمعتها من الكثيرين ممن رافقوه أو عملوا معه أو جربوه .
فمنذ لحظة توليه رئاسة الديوان شرع أبوابه التي كانت مغلقة لسنوات طويلة أمام عامة الشعب امتثالا لتوجيهات جلالة الملك بكونه بيت الاردنيين وبالكاد يمر يوم واحد دون ان نسمع عن نشاط لرئيس الديوان ما بين مقابلة عامة الناس وممثلين عن هيئات ومؤسسات مجتمع مدني وجولات هنا وهناك للوقوف على احتياجات المواطنين ورصد المبادرات وخاصة الشبابية ومتابعة مشاريع المبادرات الملكية في مختلف المحافظات لا بل سمعت من مطلعين بانه لا يعرف يوم عطلة اسبوعية وأنه يبدأ عمله من الساعة السابعة صباحا ويعود الى منزله في ساعة متأخرة من الليل .
خروج الاردن من عنق الزجاجة لن يتحقق باطلاق الشعارات ولا باطلاق المبادرات التي لا ركائز بل بأن يتولى مواقع صنع القرار وادارة شؤون الدولة من يتصفون بالمواطنة الحقه والله من وراء القصد .