صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
عندما سئل الفيلسوف البريطاني برنارد شو عن صلعته الكبيرة وكثافة لحيته، أجاب سائليه : ” أنها غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع”. وهذا ما تفعله حكومتنا الحالية وما سبقها من حكومات، في تبديد أموال الدولة.
لقد كشف النائب خليل عطية، خلال استضافته في برنامج لقناة رؤيا الفضائية قبل بضعة أيام، بأن النائب في البرلمان الأردني، يتقاضى مبلغ 500 دينار لكل جلسة يعقدها مجلس النواب، سواء حضر أو غاب النائب عن الجلسة بعذر أو بغير عذر.
وإذا افترضنا أن المجلس يعقد 10 جلسات في الشهر، فتكون حصيلة المبلغ 5000 دينار شهريا. ويبدو أن هذا المبلغ هو إضافة للمكافأة الشهرية التي يتقاضاها النائب وهي بحدود 3500 دينار شهريا. وبهذا يصبح المبلغ الذي يقبضه النائب في نهاية كل شهر هو حوالي 8500 دينار، أي بمعدل 283 دينار يوميا على مدار أيام الشهر. وهذا عدا عن السماح له بممارسة عمله الخاص.
أما رواتب أعضاء مجلس الأعيان الذين يجري تعيينهم في المجلس، فقد تحدث عنها النائب حازم المجالي قائلا: ” بأن الفرق بين رواتب الأعيان ورواتب النواب شاسع جدا، لأن أكثر من نصف مجلس الأعيان هم من رؤساء الوزراء والوزراء السابقين، إضافة للعسكريين وكبار الموظفين المتقاعدين، الذين يحق لهم أن يجمعوا أكثر من راتب ومكافأة، وتقاضى بعضهم مئات الآلاف مكافأة لنهاية خدمته، وبلغ ما يتقاضاه أحدهم قرابة 16000 دينار شهريا “.
وإذا كان الأجر على قدر المشقّة، فهل يستحق جميع أعضاء مجلسي الأعيان والنواب هذه الرواتب العالية ؟ وهل يعقل أن تتحمّل موازنة دولة فقيرة، تعاني من عجز ومديونية كبيرة، هذه المبالغ الطائلة ؟ ألا يمكن لأصحاب القرار إعادة النظر بهذا التبذير، وتحديد مكافأة موحدة لكل عضو في المجلسين بحيث تتراوح بين 3000 ـ 5000 في حده الأعلى مع تقليص الخدمات الإضافية ؟ فإذا كان التبذير وسوء التوزيع في الدول الغنية خطأ، فإنه في الدول الفقيرة، خطيئة وجريمة بحق الوطن والمواطنين.
كنت وما زلت أتمنى على السادة أعضاء مجلسي الأعيان والنواب، أن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية، في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وأن يكونوا قدوة للآخرين باعتبار عملهم هذا خدمة وطنية، لا يتقاضون مقابله إلاّ مبلغا بسيطا لا يتجاوز 2000 دينار. فهل يستجيب السادة الأعيان والنواب لهذا الأمنية، خاصة وأن أوضاعهم المادية ميسورة ؟ أم أنهم سيصرون على التمسك بهذا الاستثمار السهل، وإعلاء المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ؟
وفي هذه الحالة أتساءل : أين دور صناع القرار إزاء هذا الوضع الشاذّ الذي يتعامون عنه، والذي يشمل أيضا الوزراء وكبار موظفي الدولة ومخصصاتهم المالية ظاهرة ومستترة ؟ أم أنهم سيطربوننا بحُزَمِهم وخططهم النظرية، ويحافظون على ممارستهم عمليا لمقولة : ” غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع ؟ “، ومن بعدهم فليكن الطوفان..!
التاريخ : 4 / 2 / 2020