صراحة نيوز ابنائنا الطلبة يسعدني و يشرفني بمناسبة نجاحكم في الثانوية ان اتقدم منكم بأطيب الأماني و أنتم تقفون على أعتاب مرحلة جديدة من حياتكم و خيار يتوقف عليه مستقبلكم في قابل الأيام و أنتم بحق مستقبل الوطن و غده المشرق بإذن الله ترتقون به إلى اعلى في فضاءات العلم و التقدم و الازدهار. و من موقع المسؤولية كرئيس جامعة أردنية أحببت أن ابارك لكم نجاحكم و أكاد أقرأ الحيرة في وجوهكم و وابل من الأسئلة يعتمل في صدوركم ما التخصص الذي سأختاره ليكون مهنة العمر و الذي سيضمن مستقبلي في ايامي القادمة؟. و تساؤلاتكم و حيرتكم مشروعة و انتم تقفون على مفترق طرق و الااختيار صعب و الذين يمنحون النصيحة كثر بعضهم عن دراية و علم و بعضهم الآخر بغير علم و لا كتاب منير. و أردت أن أقدم لأبنائي الطلبة بعض ما يبدد حيرتهم و يساعدهم في الااختيار السليم.
الوصية الأولى أن تختار تخصصاً مطلوباً في سوق العمل فما بنت المجتمعات الجامعات إلا لإمدادها بالقوى البشرية التي تمدها بالأشخاص المؤهلين في مختلف المجالات و التي تعمل على ديمومة العمل في قطاعات الانتاج المختلفة و اذا ما نظرنا الى سوق العمل في المملكة الأردنية الهاشمية نجد أن الوظائف في دوائر الحكومة قد اتخمت و اصبح مجال التوظيف فيها نوعاً من البطالة المقنعة و انتحار اقتصادي محتوم.
و اصبح لزاماً على كل طالب ان يدرس المهنة التي يجد من خلالها عملاً يقيه شبح الفقر و العوز و يساهم في رفد اقتصاد وطنه و ان يكون معول نماء فيه لا عالة عليه. و في هذ الاطار أنصح ابنائي الطلبة بالاقبال على التخصصات التقنية لانها توفر للطالب مهنة يستطيع ان يجد فرصة عمل بسهولة أو ان يكون هو رب العمل لنفسه حين يتوفر له رأس المال المناسب فعلى سبيل المثال لا الحصر التخصصات الهندسية في مجال السيارات الكهربائية و الهجينة سواء على مستوى الدبلوم المتوسط أو على مستوى البكالوريوس آخذة في الانتشار محلياً و عالمياً و يجد خريجو هذا التخصص فرصتهم في العمل في العديد من شركات أو محلات الصيانة أو من الممكن ان يكون للخريج – بشيء من الدعم المالي – عمله الخاص و ان يكون هو رب العمل لنفسه Self-employment و في مجال الطاقة المتجددة نجد ان شركات الطاقة المتجددة آخذة في الانتشار و يرافقها التوسع في المحلات و الورش المتخصصة في الصيانة و هي قليلة جداً في الوقت الحالي و ايضاً يمكن للخريج ان يكون لديه مشروعه الخاصة لصيانة انظمة الطاقة المتجددة.
و على موقع القبول الموحد الذي اعدته وازارة التعليم العالي يجد الطالب خارط طريق لتخصص المستقبل و احصائيات وافية عن التخصصات لمشبعة و الراكدة و المطلوبة في سوق العمل فتريث في اتخاذ القرار و لا تقدم على وضع تخصص لا ترغب فيه و تملئه فقط لاتمام عملية ملء التخصصات المرغوبة بأكبر عدد ممكن دون الالتفات للعواقب.
و أما الوصية الثانية فهي أن تسمع صوت العقل و الرأي المبني على البيانات و ليس الرأي المبني على التأسي بأبناء الحي و ابناء العمومة و الأقارب و رغبة الأب و رغبة الأم فكل هذه الرغبات لا تغني من الواقع شيئاً و ان تنكبت بك السبل في تخصص غير مرغوب في سوق العمل فلن تجد من يعينك في التخلص من البطالة و ما تلقيه على النفس من ظلال سوداء.
و أما الوصية الثالثة لتختر شيئاً قريباً من ميولك و قدراتك فإن كنت لا تحب الرياضيات مثلاً فلا ينبغي ن تدرس تخصص يستند الى الرياضيات بشكل كبير كالهندسة الكهربائية مثلاً و ان لم يكن لديك الميل للرسم أو التخيل فلا تتجه لدراسة الهندسة المعمارية فلا يبدع الانسان في مجال لا يرغب فيه و ليس لديه المؤهلات الفطرية للابداع فيه.
و اما الوصية الرابعة أن تأخذ البعد المادي بعين الاعتبار عند اختيار الجامعة التي ستدرس فيها التخصص المطلوب في ظل المعايير المذكورة اعلاه فقد تكون لديك المميزات المطلوبة و لكن لا يتوفر لك التمويل المناسب و في هذه الحالة انصح بأن تتجه الى المواقع الالكترونية للجامعات فلعل بعض الجامعات يتوفر فيها فرصة للتمويل و لو جزئياً و اود ان اشير هنا الى توفر منح الشمال و الوسط من وزارة التعليم العالي و البحث العلمي لأبناء شمال و وسط المملكة الذين يدرسون في جامعات الجنوب فعلى سبيل المثال تقدم وزارة التعليم العالي و البحث العلمي منحة الشمال و الوسط لطلبة جامعات الطفيلة القاطنين اصلا في شمال المملكةو وسطها و تشمل دفع الرسوم الدراسية و راتب شهري مقداره ستين دينارا و يتوفر في هذه الجامعات تخصصات فريدة تمتاز بها عن بقية الجامعات احياناً.
و أما الوصية الخامسة أن تأخذ بعين الاعتبار بعد أن تكون قد حسمت أمر التخصص السمعة العلمية للجامعة و مستوى خريجيها فستنتسب لهذه الجامعة بقية عمرك شئت أم أبيت و ستسرك سمعتها الطيبة و نجاحاتها و ستسؤوك اخفاقاتها و عثراتها .
و أما الوصية السادسة أن تأخذ بعين الاعتبار الحياة الجامعية للطلبة و مقدار ما يجدوا من عناية و اهتمام في جامعاتهم و لتعلم ان الاهتمام على المستوى الفردي للطالب يتناسب عكسياً مع عدد الطلبة في الجامعة الى حد كبير فكثرة اعداد الطلبة قد تنعكس سلباً على توفير الخدمات المقدمة لهم.
و أما الوصاية السابعة و الأخيرة أن تستمع لكل الناس و لكن القرار النهائي يجب ان يكون قرارك فلن يتأثر أحد بهذا القرار اكثر منك و لن ينعم احد بمميزاته اكثر منك سائلاً المولى عز و جل لكم التوفيق و النجاح لأن نجاحكم رفعة لوطنكم.
سائلاً المولى لكم التوفيق و النجاح لتكونوا معاول بناء و نماء في احلى أوطان الدنيا الأردن في ظل قيادته الهاشمية الرشيدة.