صراحة نيوز – بقلم الدكتور مالك سلام
استاذ مساعد في علم الفيروسات السريري بكلية الطب في الجامعة الاردنية
أيامُ قليلة تفصلنا عن الشهر الثامن لإعلان منظمة الصحة العالمية عن العدوى بفيروس كورونا المستجد كجائحةٍ عالمية. ثمانية أشهرٍ تكدست فيها الأوراق العلمية البحثية والتي درست بأدق التفاصيل معظم جوانب الوباء والمرض بشكلٍ شامل ومكثف. وتشير نتائج أغلب هذه الدراسات إلى النقاط التالية: مرض كوفيد-19 هو عدوى تنفسية خفيفة أو منعدمة الأعراض في الغالبية العظمى من المُصابين ، وتتجاوز نسبة الشفاء من هذه العدوى 99%. وحتى في المُصابين مع عوامل خطورة أعلى (المصابون بأمراض تنفسية أو أمرض مزمنة وكبار السن) ، فإن نسبة الشفاء تتجاوز 90%. أما بالنسبة للوباء ، فقد بات واضحاً أنه استوطن في البشرية وسيبقى لسنواتٍ عديدة قادمة كعدوى موسمية حين تقل المناعة المجتمعية.
وبناءً على ما سبق ، تأتي ضرورة التأمل في جدوى العودة للإغلاقات الواسعة والحظر الشامل كوسيلة للتقليل من أضرار هذا الوباء. وهنا ينبغي التأكيد أنه ليس من اللائق بأي حال التشكيكُ بنوايا صُناع القرار في ملف التعامل مع هذا الوباء ، لكن ينبغي التساؤل عن اعتماد وجهةِ نظرٍ واحدة وتجاهل آراء بعض أصحاب الاختصاص في الوبائيات وعلم الفيروسات ممن يشككون بجدوى الحظر الشامل. وهنا ، أميل للاعتقاد بوجاهة طرح أصحاب الاختصاص. حيث أن الإغلاقات ستؤدي إلى الازدحام في مختلف القطاعات في فترتي ما قبل الحظر وما بعده ، مما قد يؤدي إلى انتشارٍ أوسعَ للعدوى ، كما أن الإغلاق سيؤدي إلى تجمعات في المنازل ومن المعروف أن نسبة العدوى تكون أكبر في العائلات (household contacts).
خلاصة القول ، أن التعامل مع هذا الوباء بغلظة قد يؤدي إلى أضرار تفوق المنافع المحتملة بكثير ، كما أن تأجيل المشكلة إلى حين ظهور لقاح فعال وآمن هو مشكلة بحد ذاتها نتيجة ما هو معلوم عن القلة النسبية لفعالية اللقاحات في الفئات العمرية الأكبر سناً ، وأن المناعة التنفسية تكون لفترة محدودة بسنوات قليلة (2-3 سنوات). وهنا أستعير قولاً لعالم الوبائيات السويدي أندرس تيغنيل والذي شبه الإغلاقات والحظر باستخدام مطرقة لقتل ذبابة. ويمكن أيضاً تشبيه الموضوع باستخدام قنبلة لقتل فأر دخل إلى البيت ، فالقنبلة قد تحقق الغرض بقتل هذا الفأر ، لكن أسئلةً ستبقى عالقة عن نتائج ردة الفعل المبالغ فيها ، مثل عدد القتلى من سكان هذا البيت وما هي تكلفة إعادة بنائه…
والله من وراء القصد…
د. مالك سلّام
أخصائي في الأحياء الدقيقة والمناعة / مستشفى الجامعة الأردنية
أستاذ مساعد في علم الفيروسات السريري / كلية الطب في الجامعة الأردنية