خاص _
حملت بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة ملامح جديدة كلياً للمنطقة العربية بشكل خاص و الشرق الأوسط عامةً ، معيدة بذلك خلط الأوراق السياسية للأنظمة الحاكمة .
حيث اشتعلت حملات جماهيرية ثورية كبيرة بدأت من المغرب العربي و وصلت إلى بلاد الشام في الشرق، اتخذت من ” الربيع العربي ” اسماً لها، و الذي حمل في جعبته مفاجآت اتسمت بصفاتٍ أبعد ما تكون عن الربيع و ازدهاره .
و من أبرز معالم الانتفاضة العربية ، الانقلاب المسلح الذي احتضنته ليبيا ، و دعمته بعض الأطراف الخارجية من أجل الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي و نظام حكمه .
و لكن الأمر لم يتوقف بمقتل القذافي على يد الثوار ، بل استمر لسنواتٍ عشرٍ أخرى ، متغذياً بالمصالح السياسية الاستعمارية للحكومات الكبرى ، و التي بدورها كانت تشعل فتيلاً باروده الشعب الليبي .
إذ ظهرت هذه المصالح بشكل واضح بعد التدخل التركي المباشر في ليبيا ، حيث كان نظام رجب طيب أردوغان يقف خلف المجلس الانتقالي الوطني ورئيسه فايز السراج، و يدعمه عسكرياً و سياسياً، مقوياً بذلك النفوذ التركي في العالم العربي .
بينما كانت الولايات المتحدة بفكرها الاستعماري تدعم ظاهراً المجلس الانتقالي ، لكنها تقوم بتحالفات و تعاونات مع خليفة حفتر ، إذ كانت تقدم له تدريبات و قوات عسكرية و سلاح من تحت الطاولة ، مؤججةً بذلك الصراع الليبي – الليبي ، بهدف زيادة رقعة تواجد قوات الناتو الذي تديره واشنطن ، على الأراضي الليبية .
لكن المجتمع الدولي و الشعب الليبي كان له محاولات عديدة تهدف للوصول إلى حل نهائي للحرب الأهلية ، فكان لا بد من الضغط على الطبقة السياسية في البلاد ، و هو الأمر الذي بدأ يأتي بثماره في نهاية العام الفائت ، حيث تم عقد المنتدى الليبي في تونس تحت إشراف الأمم المتحدة و بمشاركة كافة الأطراف المتنازعة.
و على الرغم من التفاؤل الذي كان يدور حول هذا المنتدى ، إلا أنه واجه العديد من العقبات ، أهمها عدم الاتفاق على مبادئ الاختيار للمجلس الرئاسي ، إضافة إلى أسماء المرشحين المحتملين ، ولكن الخلاف الرئيسي كان حول الاسم الذي سيحمل حقيبة وزارة الدفاع .
و استمر هذا الانقسام حتى شهر فبراير / شباط 2021 ، حيث قام المجلس الرئاسي بانتخابات في مدنية جنيف السويسرية ، ليستقر الاختيار على محمد يونس المنفي كرئيس للمجلس ، و عبد الحميد الدبيبة رئيساً لمجلس الوزراء ، و تم منح الحكومة الانتقالية صلاحيات قيادة البلاد حتى 24 ديسمبر / كانون الأول من العام الجاري ، و هو موعد الانتخابات المتوقعة.
ليحظى هذا القرار بدعم دولي من حكومات الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا العظمى وإيطاليا وفرنسا ، إضافة للأمم المتحدة .
و في العاشر من شهر مارس / آذار الحالي تمت الموافقة على تشكيل حكومة ليبية تحمل اسم حكومة الوفاق الوطني ، و على ذلك علق رئيس الوزراء الدبيبة قائلاً : “أدعو إلى إنهاء الانقسام في البلاد ، و أعد بأننا سنعمل على تحقيق المصالحة الوطنية”.