صراحة نيوز – لم يكن يخطر ببال إسراء بني ياسين من بلدة تبنة بلواء الكورة التابع لمحافظة إربد، أن مرض طفلتها ملاك، وهي بعمر 8 سنوات، في ذروة جائحة كورونا العام الماضي، والخضوع لفترة علاج طويلة، سيكون دافعا لإطلاق مبادرة “بسمة ملاك” التطوعية التي أدخلت البهجة والفرح لقلوب مئات الأطفال من المرضى، والأقل حظا وهشاشة بالمناطق النائية.
وقالت مؤسسة المبادرة إسراء بني ياسين لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن بدايات فكرة مبادرة “بسمة ملاك” التطوعية، كانت خلال فصل الصيف من العام الماضي، بعد تشخيص إصابة ابنتي بمرض استدعى ضرورة مراجعتها لمستشفى الأمير راشد العسكري في مدينة إربد على فترات متقطعة، والإقامة في المستشفى لمدة طويلة نسبيا من أجل مراقبة وضعها الصحي خلال تلقيها العلاج.
وتضيف بني ياسين، التي لديها مؤسسة لتصميم الوسائل التعليمية، أن فترة المكوث في المستشفى بالنسبة لطفلة عمرها 8 أعوام كانت صعبة وطويلة، شعرت خلالها ابنتي بالضجر والحزن؛ ولكسر حالة الملل والجمود طلبت ملاك مني ومن والدها، تزيين قسم الأطفال بالمستشفى بالوسائل التعليمية، وتوزيع المناظر واللوحات الفنية والملصقات، والمستلزمات التكميلية مثل الستائر وغيرها بشكل تطوعي لإضفاء البهجة على المكان وتقديم الدعم النفسي للأطفال.
وتتابع أن تجربة العمل التطوعي وما بثته من طاقة تفاعلية إيجابية لدى ملاك والأطفال المرضى الذين شاركوا في تزيين القسم، ولدى إدارة المستشفى، شجّعنا كعائلة إلى تأسيس مبادرة حملت اسمها؛ تلبية لرغبتها في تزيين المزيد من أقسام الأطفال بالمستشفيات وإدخال البهجة إلى قلوبهم، وتوسيع مظلة العمل التطوعي لاحقا، لتشمل أيضا رياض الأطفال ومراكز الإيواء في المناطق النائية والأقل حظا بمختلف محافظات المملكة.
وتوضّح بني ياسين، أنه بالرغم من تداعيات جائحة كورونا السلبية على مؤسستها وتوقّف العمل بها، تزامنا مع مرض ابنتها، إلاّ أن هذه الظروف أتاحت الفرصة لها ولفريق عمل المبادرة، التعرّف على أهمية العمل التطوعي والشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمعات المحلية الأقل حظا، في إحداث الفرق والتغيير حتى ولو كان بسيطا، حيث تشير إلى أن المبادرة قدّمت حتى الآن العديد من النشاطات التفاعلية إلى جانب الدعم النفسي للأطفال من عمر 1-18 عاما، بمناطق مختلفة في المملكة.
وخلال أقل من عام استطاعت المبادرة، من خلال التمويل الذاتي بداية، والدعم لاحقا من قبل عدد من المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها منصّة “نحن” التابعة لنوى؛ إحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد، الوصول إلى العديد من المستشفيات والمراكز الصحية ورياض الأطفال ومراكز الإيواء في محافظات إربد وعجلون ومأدبا ومناطق في سحاب والموقر بمحافظة عمان وغيرها.
واشتملت نشاطات المبادرة على تقديم الدعم النفسي للأطفال في المستشفيات ورياض الأطفال ومراكز الإيواء والمدارس، من خلال الوسائل التعليمية، والكتب التفاعلية، والمستلزمات التكميلية بهدف تعزيز التعليم لدى الأطفال بطريقة مرحة وإيجابية، خاصة في ظل تحديات التعلّم عن بعد التي فرضتها الجائحة على طلاب المدارس، بحسب بني ياسين.
كما توسعت نشاطات المبادرة لاحقا، لتشمل دعم الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي والزراعة في الأردن، من خلال التعاون مع مديريات الزراعة وتقديم جزء علمي، وآخر عملي يتعلق بزراعة الأشتال وتزويد المشاركين ببعض الاشتال لزراعتها لاحقا، كما قام أعضاء فريق المبادرة بزراعة حدائق مدرسية وأرض وقف في لواء الكورة بمحافظة إربد.
كما قدّمت المبادرة التدريب في مجال إدارة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وفي مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات للفتيات والفتية ضمن المرحلة العمرية 13-17 عاما، وفقا لبني ياسين.
ولقيت المبادرة ترحيبا وتعاونا من مختلف الجهات ذات العلاقة، خاصة أن تنفيذ نشاطات المبادرة كانت تتطلب الموافقة والتعاون والدعم من الجهات الرسمية وغير الرسمية، كما تركت آثاراً إيجابية ليس فقط في نفوس الأطفال وذويهم، بل لدى لكوادر الطبية العاملة في المستشفيات والمراكز الصحية، ومختلف المدارس ورياض الأطفال ومراكز الإيواء التي جرى تنفيذ نشاطات المبادرة فيها.
وفي هذا الصدد، يؤكّد مدير مركز صحي رجم الشامي التابع للواء الموقر الدكتور أحمد نشرتي، أهمية المبادرة وفائدتها ودورها في إدخال البهجة والفرح لقلوب الأطفال من مراجعي المركز وذويهم.
إلى ذلك، تشير مسؤولة تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في المبادرة إيمان حداد، إلى أهمية الألعاب التعليمية التي توزعها المبادرة، والتي تُعد أداة أكثر فعالية وكفاءة في توصيل الأفكار للأطفال، ذلك لأن هذه الطريقة تصقل الفكرة في ذهن الطفل بشكل أفضل، إضافة إلى أن أسلوب التلقين لا يكون دائما مجديا، خاصة مع الأطفال في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الأولى المدرسية.
واستفاد من المبادرة ما يقارب من 30 موقعا، منها مستشفى معاذ بن جبل في الأغوار الشمالية، ومستشفى النديم في محافظة مأدبا، ومستشفى الأميرة راية في دير أبي سعيد، وجمعية القلب الرحيم في لواء الكورة، ومنتدى قصر النخيل الثقافي في لواء المزار الشمالي.
(بترا – وفاء زيناتية )