صراحة نيوز – قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد د. مهند حجازي أن الرسالة الملكية السامية للحكومة في حزيران من غام ٢٠٠٥ بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد والوقاية منه وتجفيف مواطنه وإغلاق نوافذه كانت إيذانًا بإعلان الحرب على الفساد والمفسدين، وتأكيدًا على الحرص الملكي السامي لتعزيز الجهود الوطنية في الإصلاح والتحديث.
وأضاف في ورقة عمل قدمها اليوم ضمن سلسلة ندوات رمزية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي تعقدها تباعًا جماعة عمان لحوارات المستقبل أن كتب تشكيل الحكومات المتعاقبة لم تخلُ من التأكيد على تفعيل التشريعات والإجراءات التي تشدد على ملاحقة الفاسدين وترشد المواطنين على مضاره وآثاره السلبية على التنمية الشاملة، مشيرًا إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين شكّل اجنة ملكية في نهاية عام ٢٠١٢ للعمل على تعزيز النزاهة وتكون مهمتها مراجعة التشريعات ودراسة واقع الجهات الرقابية والوقوف على مواطن الخلل فيها، الأمر الذي أخرج إلى حيّز الوجود ميثاق النزاهة الوطنية الذي كان قانون النزاهة ومكافحة الفساد أحد مخرجاته.
وقال لن تغيب عن الاذهان هنا الأوراق النقاشية لجلالة الملك وخاصة الورقة السادسة التي تتحدث عن سيادة القانون كأساس للدولة المدنية حيث اعتبر جلالة الملك أن سيادة القانون هي عماد الدولة المدنية الحديثة لذلك أكدت هذه الورقة على ضرورة تطبيق معايير النزاهة وسيادة القانون كركائز أساسية في الإدارة الحصيفة بما يحقق العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ومحاربة الواسطة والمحسوبية لأن التواني عن تطبيق هذه المعايير يُضعف أجهزة الدولة ويُزعزع ثقة المواطنين بها، الأمر الذي يستدعي تطبيق معيار المساءلة والمحاسبة بحزم ودون تردد لضمان ذلك كله لا بد من أجهزة رقابية كفؤة وفعالة مثل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة مما يستدعي ضرورة دعمهما للقيام بواجباتهما على أكمل وجه.
وأكد رئيس مجلس الهيئة أن مكافحة الفساد لم يكن أمرًا طارئًا على القيادة الهاشمية منذ تأسيس الدولة فقد ترسّخ الحكم الرشيد في نهج سياستها منذ وضع الدستور الأردني عام ١٩٥٢ أسسًا تجسد مفهوم المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني، ووفقًا للمادة (٦) من الدستور الأردنيون أمام الدستور سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات موضحًا إن هذا المبدأ الدستوري يكرس عدة معايير من النزاهة مثل سيادة القانون والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وهو ما اشارت اليه أيضًا المواد من (٧_١٢)من الدستور الأردني في معرض حمايتها للحقوق الشخصية والملكية والحريات العامة.
وأوضح أن مكافحة الفساد واكبت الحركة الاقتصادية في مطلع تسعينات القرن الماضي وتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة الأمر الذي استدعى وجود تشريع خاص بالجرائم التي تستهدف الاقتصاد أو قد تسيئ للسمعة والمكانة المالية للمملكة وتؤثر على المناخ الاستثماري، فجاءت الحاجة الى سن قانون الجرائم الاقتصادية رقم(١١) لسنة ١٩٩٣ بهدف حماية الاقتصاد الوطني وتغليظ العقوبات بحق مرتكبي تلك الجرائم الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة أو مصادرتها وإجراء التسويات مع مرتكبي تلك الجرائم الاقتصادية (من غير الموظفين العموميين) أو مع حائز تلك الأموال وهو قانون نموذجي وريادي في المنطقة العربية.
وتعبيرًا عن الإرادة السياسية لمكافحة الفساد فقد تم إنشاء مديرية لمكافحة الفساد ضمن جهاز المخابرات العامة عام ١٩٩٦ ليضطلع بالجرائم الواقعة على الوظيفة العامة والمال العام ومن ضمنها الجرائم الاقتصادية فكان للمملكة السبق في المنطقة في هذا المجال وضمن أُطر تشريعية ومؤسسية.
وبيّن أن العقدين الأول والثاني من تولي جلالة الملك أمانة المسؤولية شهدا ثورة تشريعية على الفساد من خلال إصدار العديد من التشريعات التي ترجمت الإرادة السياسية لجلالة الملك في مكافحة الفساد وتوجهاته لتعزيز النزاهة ومبادئ الحكم الرشيد فصادقت المملكة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بتاريخ ٢٦ حزيران ٢٠٠٥ .
واستمرارًا لهذا النهج قال حجازي أن جلالة الملك حفظه الله أوعز في كتاب التكليف السامي لرئيس الوزراء الأسبق د. عدنان بدران بالعمل على الإصلاح الإداري ومكافحة كافة أشكال الفساد والواسطة والمحسوبية بإنشاء هيئة متخصصة في مكافحة الفساد.
و بناءً عليه، صدر قانون هيئة مكافحة الفساد رقم (٦٢) لسنة ٢٠٠٦ والذي ينص على إنشاء هيئة مستقلة ومتخصصة بالكشف عن جرائم الفساد وإحالة مرتكبيها إلى الجهات القضائية ذات الاختصاص وقد صدر بموجبه نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء في قضايا الفساد.
وأضاف قوله : وتماشيًا مع مخرجات اللجنة الملكية للنزاهة وظهور الحاجة لتوحيد الجهود الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، صدر قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم (١٣) لسنة ٢٠١٦ الذي تم بموجبه إلغاء قانون هيئة مكافحة الفساد وقانون ديوان المظالم ودمجهما في كيان مؤسسة واحدة هي (هيئة النزاهة ومكافحة الفساد)
وبناءً على هذا القانون فقد أصبحت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد مكلفة بمتابعة ومراقبة مدى امتثال الجهات الخاضعة للقانون والعمل على تصويب الخلل أو التجاوزات لمعايير النزاهة الوطنية، إضافة الى إنفاذ القانون .
وتناول حجازي في الورقة محاور الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد مركزًا على محاور الاستراتيجية المحدثة 2020- 2021 .
وبعد ذلك اجاب على تساؤلات الحضور عن كل شأن يتعلق بعمل الهيئة وآليات التعامل مع ملفات الفساد مشيدًا بتعاون السلطة القضائية مع الهيئة وتفعيل الإجراءات التي ساهمت في تسريع الفصل في القضايا وخاصة بعد أن خصص المجلس القضائي ثلاث هيئات للنظر في قضايا الفساد اضافة الى زيادة عدد المدعين العامين المختصين بقضايا الفساد الى ثمانية مدعين .