صراحة نيوز – وافد جديد كسر مقولة “خياران لا ثالث لهما” في سوق النقل الذكي في مصر، إنها شركة “إن درايفر” (InDriver) المنافسة الجديدة لشركة “أوبر” (uber) وتابعتها “كريم” (careem)، إيذانا باشتعال المنافسة على الطريق.
بعد 2.5 عام على الإعلان عن استحواذ “أوبر” على شركة “كريم” المنافسة لها في الشرق الأوسط مقابل 3.1 مليارات دولار، واحتكار سوق النقل الذكي في مصر، ظهرت “إن درايفر” بمزايا مغرية وتنافسية.
الشركة الجديدة بدأت نشاطها في مصر قبل شهور قليلة، ولا يوجد لها وكلاء فيها ولا مكاتب ولا أرقام هواتف، ولا يمكن التواصل معها إلا عبر التطبيق الخاص بالشركة سواء بالنسبة للركاب أو السائقين.
برزت للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، من خلال أول إعلان لها على صفحة “إن درايفر إيجيبت” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من خلال دعوة السائقين والركاب إلى الانضمام إليها.
وقدمت مميزات لكل من الطرفين لحثهما على تنزيل تطبيقها الجديد واستخدامه، مما شجع البعض على الانضمام بالفعل، بعد أن حققت المعادلة الصعبة لكل طرف، وذلك من خلال عدم تحصيل نسبة عمولة من أجرة النقل من السائق (لمدة 6-9 شهور، ومن ثم الحصول على عمولة لا تزيد على 9%)، وتقديم تعريفة أقل للراكب.
الجديد في الأمر أيضا، هو سياسة المزايدة بين السائقين بعد أن يحدد الراكب تعريفة النقل (التوصيلة) من خلال التطبيق، ثم عليه الانتظار وتلقي العروض من السائقين، ومن ثم الاختيار من بين العروض، وإتاحة التواصل مع السائق (الكابتن) إذا دعت الحاجة.
لكن من بين أكثر المزايا جذبا، بحسب “الكابتن” محمد مشهور الحاصل على ليسانس آداب، وهو متزوج ويعيش بمحافظة الجيزة، هو الحصول على الأجرة نقدا، أي الحصول على نقود حقيقية في نهاية يوم العمل.
ويضيف في تصريح للجزيرة نت، هذه ميزة رائعة لأنها توفر لنا نقودا للشراء أو تصليح السيارة أو حتى تزويدها بالوقود، والعودة إلى المنزل ببعض المال. لكن التطبيق يواجه مشاكل أخرى أبرزها “عدم وجود صاحب له”.
هذه المميزات وأخرى دفعت شركة “أوبر” للنظر للأمر بجدية والتقهقر إلى الوراء خطوة، أعادت بموجبها الكثير من حسابات السائقين الموقوفة بسبب عدم سداد مديونياتهم جراء تراكم عمولات الشركة لديهم.
وعلم مراسل الجزيرة نت أن الشركة خاطبت بالفعل الكثير من السائقين عبر رسائل نصية أنها أسقطت ديونهم المتراكمة، وأعادت تفعيل حساباتهم على تطبيق الشركة، وأتاحت عودتهم للعمل مجددا.
وعما إذا كان السبب وراء تلك الخطوة هو وجود منافس جديد على الطريق، أكد مصدر لمراسل الجزيرة نت أن هذا من أهم الأسباب، وهي خطوة تفرضها آليات المنافسة في ظل عدم وجود أي مصاريف تشغيل أو إعلانات للشركة الجديدة، إلى جانب وجود أسباب اجتماعية، ومساعدة الراغبين في العودة للعمل.
وبشأن خيارات الشركة الجديدة، وهل سوف تخطو خطوات أخرى للمنافسة كخفض نسبة العمولة أو خفض تعريفة الركوب، أكد أن الشركة لا يمكن أن تنتهج نفس سياسة الشركة الجديدة، لأنها تقوم بعمليات دعاية ضخمة ومصروفات كبيرة لا تسمح لها بخفض العمولة الآن، على الأقل في المدى القريب.
وقال أحد السائقين ويدعى رضا أبو أحمد في مدينة السادس من أكتوبر بالجيزة، إنه يعمل على التطبيقين، مشيرا إلى أن الشركة الجديدة تنتهج سياسات مؤقتة لأنها في بداية الانطلاق والتكوين، وحتما ستعود لفرض عمولة على السائقين بعد تكوين قاعدة عملاء.
وأكد للجزيرة نت أنه لا يحبذ العمل مع شركة لا تتوافر لديها قواعد بيانات واضحة، على الرغم من أنها لا تتحصل على أي عمولة من السائقين، في حين تفرض أوبر 30% عمولة، لكنها في المقابل لا توفر لنا تعريفة جيدة أو حتى مقبولة للمشوار.
واشتكى عدة سائقين من شركة “أوبر” وقالوا إنها تملي شروطها على الجميع، لكنها استطاعت من خلال وضع قواعد متجددة توسيع نشاطها وزيادة قاعدة عملائها وسائقيها بشكل سريع.
وبدأت الشركة العمل في مصر عام 2014 مع 12 سائقا فقط، وخلقت سوقا حرا من العمل جذب إليه شبابا ينتمون إلى شرائح اجتماعية وتعليمية مختلفة، ووصل عددهم إلى 200 ألف بعد 5 سنوات من ذلك التاريخ.
ورغم بروز المنافس الجديد، فإن شركة “أوبر” بدت أكثر ثقة عندما قررت تعديل أسعار الرحلات وزيادتها بنحو 6%، بعد قرار الحكومة المصرية الأخير رفع أسعار الوقود، وبهدف دعم أرباح السائقين والحفاظ على سبل عيشهم، بحسب أحمد خليل مدير عام شركة أوبر في مصر.
وبمرور الوقت، بات العمل مع “أوبر” ليس ترفا كما كان في السابق. يقول السائق السابق محمد علي: لا حوافز، لا تأمينات، لا خفض في قيمة العمولة، بل على العكس زادت مرة تلو الأخرى لتصل إلى 30%.
ويضيف للجزيرة نت “عملت لفترة مع الشركة. ما يجري هو عقد إذعان وليست عقد عمل، ولم نعد شركاء كما تزعم الشركة، والقرار من جهة واحدة، ولست الوحيد، هذه هي باختصار أسباب تركي للعمل”، على حد قوله.
وتقول شركة “إن درايفر” في تعريفها عن نفسها، إن بداياتها تعود إلى عام 2012، في مدينة ياكوتسك الروسية، مشيرة إلى أنه يوجد نحو 100 مليون شخص قاموا بتنزيل التطبيق الخاص بها في أكثر من 500 مدينة و34 دولة حول العالم.
ويرى مراقبون أن سوق النقل الذكي في مصر أكبر من أن تحتكره أو تستحوذ عليه شركة واحدة أو اثنتان، وأنه يتسع لمنافسين جدد خاصة مع زيادة التوجه لاستخدام التطبيقات الذكية، ورغبة بعض الشباب في زيادة دخلهم وعدم التقيد بمواعيد وقواعد عمل صارمة، إضافة إلى زيادة تنوع الخيارات أمام الركاب.
(الجزيرة)